O~**برنـــــــــــــــارد شو **~O

[أسمـــاء]

" لا يوجد كاتب بارز حتى ولا ولتر سكوت باستثناء هوميروس وحده
, يمكن أن احتقره تمام الإحتقار مثلما أحتقر شكسبير, عندما أقيس
عقله بعقلي...... إنه لمدعاة لإرتياحي حقاً أن أخرجه من قبره وأقذفه بالأحجار"

إن المرء ما كان ليظن أن صاحب هذا التعليق المعتد بنفسه
زهواً بصورة غير مألوفة , كان من قبل شاباً أقرب إلى الحياء , أسفرت جهوده,
ليشق لنفسه طريقاً ككاتب , عن فشل مذل موئس..
ولكن الواقع أن جورج برنارد شو كان عليه أن يعمل عملاً شاقاً في سبيل نجاحه ,
فإن عشرات من مقالاته رفضتها عشرات المجلات ,
وكان نصيب أعماله أو رواياته الخمس الأولى المطولة الرفض من جانب كل ناشر في لندن . ومع ذلك فعندما حالفه النجاح , أسبغ عليه ترحيباً لم يظفر به كاتب مسرحي منذ شكسبير, وقد أعطى هو نفسه بدوره للمسرح الإنجليزي أعظم
دفعة له , وأكبر عون مدى ثلاث قرون.

ولد شو في مدينة دبلن بإيرلندة عام 1856. وقد التحق
بأنواع عديدة من المدارس , وأثبت أنه تلميذ غير متجاوب إلى أقصى حد . ولما ألفى نفسه أنه لا يستطيع تحصيل أي شيء لا يميل إليه,
(إلتجأ إلى الخمول)
على حد تعبيره , بيد أنه كان يقضي الساعات
بطولها في بيته يثقف نفسه بالأشياء التي كان يميل إليها فعلاً , وهي الموسيقى والأدب والرسم .

ولم يكن بوسع والد شو أن يبعث به إلى الجامعة , وفي الخامسة عشرة من عمره , أصبح صبياً لدى أحد سماسرة الأراضي. وبعد خمس سنوات ذهب إلى لندن , حيث كفلته أمه التي كانت تحترف تدريس الغناء.

ويبدو أن شو النباتي , الممتنع عن التدخين
والمسكرات, لم يكن في معيشته كثير النفقات مثل غيره من الأبناء. ولكن مهمة أمه مع ذلك لم تكن بالهينةاليسيرة , فقد رفض بعزم وتصميم
أن يبحث له عن عمل , وكرس نفسه لكسب
المال عن طريق الكتابة . وكانت في الحق عملية طويلة الشقة , ولكنه كان غير هياب , فلم تهن عزيمته أمام فشله المتكرر.

وفي خلال ذلك , كان يمضي وقتاً طويلاً دارساً في المتحف البريطاني , كما أصبح من عادته أن يغشى الإجتماعات العامة . وكان يتكلم مراراً في هذه الإجتماعات , متغلباً بذلك على حياء طالعه في مستهل العمر.

وكانت أول مجازفة ناجحة لشو ككاتب , في عالم النقد .
وقد شغل عدة وظائف كناقد فني , وناقد موسيقي, وناقد أدبي في عدة صحف.
وكان أسلوبه في النقد قائماً على البساطة: كان يقول ما يريد مهما يكن مفرط العنف, أو خارجاً عن كل تقليد . وقد نال كناقد موسيقي شعبية بفضل
الكيفية التي كان يعبر فيها عن أفكاره باللغة العادية المتداولة . ولكن بوصفه ناقداً أدبياً , اثار أشد المضايقة والإزعاج . فقد ناصر إبسن الذي كان معدوداً وقتئذٍ كاتباً مسرحياً أقرب إلى الإبتذال والركاكة , واضطلع بالهجوم على شكسبير , فشجب أعماله باعتبارها تفتقرإلى أي مقصد جدي خطير أو رسالة موجهة ألى عصره
وسرعان ما بدأ شو يكتب مسرحياته شخصياً , وإن لم يصادف كبير النجاح .
فمسرحياته الثلاث الأولى :

(بيوت الرجال الأرامل ) widowers' Houses
( المغازل) The Philanderer
و ( مهنة وارين) Mrs. Warren's profession

وهي المسرحيا التى وصفها بأنها كريهه_ قد دمغها نقاده بأنها منفردة .
وعلى هذا فقد كتب شو سلسلة من المسرحيات

الأسلحة والرجال _ Arms and the Man
كانديدا - Candida
أنت لا تستطيع أن تحكم - You never Can Tell
و تلميذ الشيطان - The Devil's Disciple

ولكن نجاح هذه المسرحيات مباشرة كان أكثرقليلاً من سابقاتها ,
وقد رفضها بعض مديري الفرق باعتبارها غير صالحة للتمثيل.
ولم يحدث إلا في الأعوام الأولى من القرن العشرين , أن بدأت
هذه المسرحيات تجتذب جماهير رواد المسرح بالآلاف, وأن تهيء
لمؤلفها شهرة متزايدة باطراد.
وفي عام 1897 , مرض شو فنفض يديه من النقد , وتزوج وارثة أيرلندية , واعتزل الحياة في الريف . وهناك
كتب مسرحية ( قيصر و كيلو باترا) caesar and Cleopatra التي بمعالجتها لموضوع أسطوري بأسلوب عصري , كان لها تأثيراً كبيراً على الفن المسرحي اللاحق, ثم مسرحية ( هداية كابتن براسبوند)
وعند عودته إلى لندن بدأ يكرس جهوده بحماس للعمل في مجلس كنيسة سانت بانكراس .

وفي عام 1904, بديء بإخراج أوائل مسرحيات شو إلى جانب مسرحيات جديدة مثل
الإنسان والسوبر مان - Man and Superman
ورطة الطبيب - The Doctor's Dilemma
في مسرح كورت - The Court Theatre

وقد أدت إلى توطيد شهرة شو بوصفه الكاتب المسرحي الأول في وطنه .
وانبرى كثير من النقاد لمعارضة مسرحيات شو , فقد بدت لهم مفرطة في التجديد والإبتكار , خارجة عن تقاليد المسرحية البريطانية , كما تعارفوا عليها .
والواقع انه في المواطن التي يخرج فيها شو
على التقاليد , فإنما كان ذلك في استخدامه للمسرحية كمنصة يزجي منه فلسفته الإجتماعية , حتى قيل بحق إن مسرحياته الكوميدية هي نصف مواعظ ,
فكثيراً ما تأخذ شخصياته في محاورات
في شؤن شتى كالسياسة , وأحوال المجتمع, والحب , والزواج,
وكان يطالب جمهور مشاهديه باستخدام ذكائهم وفطنتهم . بيد أن شو فعل أكثر من المطالب العقلية على رواد مسرحه , فقد أمتعهم بقدر من ألمع ألوان الحوار التي يمكن إيجادها في الأدب الإنجليزي.
~~~~~~~~~~~

ومن مسرحياته التي وجدت بعد ذلك:
بيجماليون_ Pygmalion
البيت الكسير _ Heartbreak House
القديسة جون _ st. Joan ولعلها أحب مسرحياته جميعاً
و قد كتب وهو في سن 83 مسرحيته المعروفة باسم ( في الأيام الذهبية للملك تشارلز)
In Good King Charle's Golden Days

وبعد عشر سنوات كتب ( Sixteen Self Sketches)
وتوفي في العام التالي بالغاً من العمر 95 عاماً

ومن أقواله التي تبرهن فطنته وألمعيته :

" عندما يفعل رجل غبياً شيئاً يخجل هو منه , فإنه يقول دائما إن هذا هو ما أملاه عليه الواجب."

وقوله :" من أوتي القدرة فعل , ومن سلبها علم ووعظ "

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

ولقد أنعم على شو بلقب لورد ووسام الإستحقاق . فما كان منه إلا أن رفض الإنعامين معاً , وشفع رفضه برد من ردوده التي أصبحت علماً عليه , قائلاً
إنه لا يريد أن يجلس في مجلس اللوردات,
و إنه شخصياً قد أنعم على نفسه من قبل بوسام الإستحقاق


ولسوف يخلد ذكر شو ليس فقط ككاتب مسرحي بالغ حد العظمة, وناقد لامع , و إنسان محب للبشرية , ومؤلف دؤوب , بل كذلك كمفكر مجدد يثير ويستنفر....