تقسيم الدين إلى قشر ولب بدعة عصرية


نبغ في هذا العصر أقوام تلقوا هدي الإسلام من واقع حياتهم أولا، ولم يحيوا في جو علمي يتأثرون به في حكمهم على الأمور، فراحوا يحتجون ببعض النصوص لإثبات عكس ما وضعت له، ويسمون الأشياء بغير اسمها.
ويتضح هذا جليا فيمن لا يهتمون ببعض الشرائع الظاهرة التي يسمونها (شكليات) أو (قشورا) ويدندنون فقط حول التمسك (باللباب).
وتقسيم الدين إلى «قشر ولب» تقسيم غير مستساغ، بل هو محدث ودخيل على الفهم الصحيح للكتاب والسنة، ولم يعرفه سلفنا الصالح الذين كل الخير والنجاة في اتباعهم واقتفاء آثارهم {إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان}، سورة النجم ،وهذه القسمة إلى قشر ولب، وظاهر وباطن يتبعها المناداة بإهمال الظاهر احتجاجا بصلاح الباطن تلقى رواجا عند المستهترين والمخدوعين. حينما يرون علماءهم يسمون المعاصي بغير اسمها فقولون لهم مثلا إن إعفاء اللحية من سنن العادة، وقد عد بعضهم «عفا الله عنه» إعفاء اللحية وقص الشارب من الأمور العادية التي لا صلة لها بتبليغ الرسالة بيان الشرع، وعد ذلك من قبيل المندوب بل في ثالث مراتبه بعد السنن المؤكدة وغير المؤكدة،
بل قال: (ومن أخذ به على أنه جزء من الدين، أو على أنه أمر مطلوب على وجه الجزم فإنه يبتدع في الدين ما ليس منه).
وهؤلاء يكتفون بمثل هذه الدعاوى دون أن يطرقوا الأدلة السابقة، ومن عادة أهل العلم أنه إذا كان في المسألة خلاف بين العلماء فإنهم يقيمون الأدلة الصحيحة على فتواهم، ويجيبون عن أدلة مخالفيهم، وهؤلاء أئمة المذاهب الأربعة وأتباعهم القدامى متفقون على وجوب إعفاء اللحية، وهذا المستهتر الذي يطيح بلحيته مذكور حتى اليوم في كتب الفقه وموصوف بأنه فاسق لا تقبل شهادته، وذلك أن الفاسق هو الذي يعلن على الملأ ارتكابه لأمر حرام.
نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
عبد الله بن جار الله الجار الله.