(1) :
ذاتَ يومٍ سرتُ في الحارةِ سرّاً
خلف أستار الظلام
قبل إقفال الدكاكين وميعاد المنام
قبلَ أن يفطنَ جدِّي لخروجي
وابتعادي عن مروجي
ويلتاه اليوم إن أبصرَ جدي
خطوتي وقت ولوجي
بابنا من الأمام
ذاك في معجم أجدادي حرام ..

(2) :
عدُت أسترق النظرةَ حيناً قلتُ ما ذاك سلام ..
هذه الساعةُ كانت كلَّ يومٍ
غرفتي فيها ظلام
غير أنَّ النور فيها بات يسري
و ضجيجٌ زاد عسري
و هميساتُ كلام ..

(3) :
قلتُ لابأس سأمضي فالشتاءُ اليوم حام
قدمي والكف في حفلةِ رعدِ
وفؤادي زاد نبضاً فاق عدّي
ضرب البردُ العظام
ومن الكهل عظام الصدر تبدي
رجفةً توغلُ خوفي
خائفٌ مثلَ نعام

(4) :
وفتحتُ الباب في كل هدوءٍ
دافعاً خطوي أمام
قلتُ لا حسَّ ولا همس بدربي
امضِ يا شبلاً همام
لا تخف فالجدُّ قد عدَّ ثُلاثاً ورباعاً في المنام
بات خلف الحلم يهذي
ليس يستوعب أمري
دونك الغرفةُ فاجري
بعدها حتماً سيغدو
كلُّ شيءٍ بسلام

(5)
وصعدتُ السلَّم الموصلُ حتى
غرفتي دون كلام
قبلَ أن أفتحَ بابي حدثتني
نفسيَ الحرَّةُ عن سرَّ نجاحي
ومضائي وفلاحي
قلتُ ماهذا بشيءٍ
ذاك من يسرِ اللمام
فغداً أعظمُ أمراً من مسائي
لن أحب الإلتزام
بكلام الجدِّ فالحرُّ أبيٌّ ليس يرضى بانهزام

(6) :
وفتحتُ الباب فاصطك شعوري
شخصت عيناي وازداد فتوري
ومضى قلبي بعدوٍ لا يجارى
ويدي بالرعدة حتماً لا تبارى
وإذا بالكهل في الغرفة قام
كان حتماً يرقب الشبلَ الهمام

(7) :
خنقتني عبرتي دون كلامٍ
قال : ما شأنك قد سرتَ وحيداً
خلف أستارِ الظلام
وبلا إذن خرجت الليل سرّاً
كاسراً طوق النظام
وبلا خوفٍ من السوطِ جريئاً
عدتَ من دون التزام
ويلك اليوم فقد أصليت سوطي
لتذوق الانفطام

(8) :
أقبل الجدُّ وفي الكف عصاه
واستعان الله في فطم ضناهُ
لسعةٌ في إثر أخرى
أوردت جسمي السقام
ولقد كان على الحكمة يمضي
قائلاً في ملءِ أذني
إن ضربتَ اليومَ أوجع
ذاك من خيرِ الكلام

(9) :
ومضى الجدُّ وقد أثخن ضربي
وتفكرتُ بما قد جرَّ دربي
من عذابي لا أنام
ومع ذلك قد زاد بقلبي
نحو جدي عذب حبي
فهو رغم الضرب قد كان حريصاً
أن أكون الليل قد نمتُ سعيداً
ومن الأخطار أن آوي بعيداً
ذاك خيرٌ من ندام
حيثُ لا ينفعُ بعد الكسر جبرٌ لرميمات عظام

(10) :
يا فؤاداً لم يزل يكبرُ دوماً
ليس يشكو الازدحام
يا نداءَ الحبِّ في أعماق نفسي
خذ ترانيم ملام
ذاك عذرٌ صغتهُ بعد مسائي
توبةٌ تبدي الملام
وعلى رأسك تقبيلُ شفاهي
يا ثراءً لا يسام

(11) :
ها أنا من بعد أعوامٍ رمام
ليتني كنتُ جماداً لم يشاهد
دفنَ جثمانكَ من تحتِ ركام
خذ عهوداً صادقاتٍ والتزام
قلبكَ الرحبُ سيمضي في طريقي
شعلةً تخفي الظلام
يا تباريح مساءاتِ صبيٍّ
يا نداءات فضاءٍ سرمديٍّ
قبلةٌ قبلَ الختام

شكراً لكم