يا قوم لا تتكلموا إن الكلام محرم

[عثمان بالقاسم]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا قوم لا تتكلموا إن الكلام محرم

إياكم أن تتكلموا فإن الكلام اليوم محرم ، وليس أي كلام ، هو نوع من الكلام فقط هو المحرم ، عندما يكون كلام حق ، أو كلام صريح ، أو كلام دليل وحجة ، أما كلام المجون والتفاهة فهذا يسهرون عليه ويخدمونه ويصرفون عنه كل مُعارض بالكذب تارة وبالأعذار الواهية تارة أخرى.

إياكم أن تتكلموا إن الكلام محرم

ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النُوم
وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتقدموا

ودعوا التفهم جانبا فالخير ألا تفهموا

هكذا يقولون دعوا التفهم جانبا ، عندما يروا من يكشف الأغوار ويُخرجها ، فلتدعوا التفهم جانبا ، إياكم أن تتفهموا ثم من بعد ذلك:

وتثبتوا في جهلكم فالشر أن تتعلموا

أما لو تكلمت عن أمر من أمور العقيدة وربطته بواقع الأمة قالوا إن السياسة محرمة معاقب صاحبها ونحن له معاقبون ، فلا إله إلا الله كلمة التوحيد إن ربطتها بالواقع كنت سياسيا تشوه جمالية ذلك المكان المسمى باسم لا يليق به فلو سموه بتكميم الأفواه والمواهب لكان خيرا ، إن هي إلا دُريهمات معدودة ، ومناصب محدودة تجر عليهم الوبال يوما بعد يوم فيتركون كنوزا ثمينة بأيديهم لم يلقوا لها بالا من أجل مناصب حقيرة لا دور لها.
فيقولون:

أما السياسة فاتركوا أبدا وإلا تندموا
إن السياسة لو تعلمون سرها مُطلسمُ

وإذا أفضتم في المباح من الحديث فجمجموا

نعم فلتُجمجموا إياكم أن تفضفضوا لبعضكم البعض فالعقوبات ستأتي عليكم من كل جانب .
أما العقوبة الكبرى والفساد الكبير العريض المرئي للجميع المقروء مما فعلته أيديهم ونشرته فهذا لا عقوبة له ، بل هو يدخل في إطار : " أعطني درهما ولك أن تنشر فسقا في مكاني فنحن لك مُعلنون ، ومرحبا بالدراهم "

وإذا اعترض الفسق الذي يأتي بالدرهم مع الدين الذي لا يأتي بالدرهم قدموا ذلك الفسق أمام الدين ، وإن سمعوا ناصحا مُنكرا قدموا جملة من الأعذار أقبح من عذر إبليس يظنون أنهم يضحكون على عقول الصغار والذقون ، وأتوا لك بمائة ألف وعد كاذب ، والفسق لا زال لا زال وسيبقى بل وسيزيد فقط لو يذهب هؤلاء المُنكرون من المكان ، وكيف لا والإعلان للفسق يأتي بالدريهمات .

من شاء منكم أن يعيش اليوم وهو مكرمُ
فليُمسِ لا سمع له ولا بصر لديه ولا فمُ

هكذا فلتكونوا لا سمع لديكم ،لا بصر، لا فم ، قطعان خرفان تقودها مجموعة من المتمصلحين، هكذا يريدونكم .
فلتكونوا كما تريدون أنتم معتزين بالحق وبدينكم لا تخشون في الله لومة لائم ولا تِعذال آثم ، وإياكم أن تكونوا كما يريد هؤلاء المتمصلحون ، إياكم إياكم ، ستذوبون حينها كما يذوب الملح في الماء.

لا يستحق كرامة إلا الأصم الأبكمُ

وإذا ظُلمتم فاضحكوا طربا ولا تتظلموا

إياكم أن تتظلموا ، فمن يتظلم هو الظالم والمُحدث للمشاكل ، إياكم فإنكم تخترقون الدساتير ، إياكم أن تتظلموا فسترجعون خائبين، بل إياكم أن تتظلموا فسترجعون وأنتم محملين على أكتافكم قفة من الأكاذيب يرمونها عليكم حتى تكفوا عن التظلم .

وإذا أهنتم فاشكروا وإذا لُطمتم فابسموا

هكذا يريدون أن تكونوا خرافا مدللة إذا أهنتم ولطمتم أن تبسموا وتشكروا وبعدها ستنهال عليكم قففا من المديح المنفوخ بأكبر الأكاذيب تنهال عليكم الواحدة تلو الأخرى حتى ينماع صاحبها ، أما لو لم تفعلوا ذلك فستنهال عليكم التهم من كل جانب فذاك يقول أنت السبب وآخر يعظ الأنامل من الغيظ وثالث الأثافي وكُسير وعُويل وثالت ما فيه خير يقول كذا ورابع كذا وهلم جرا .

يا قوم لا تتكلموا إن الكلام محرم
ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم
وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتقدموا
ودعوا التفهم جانبا فالخير ألا تفهموا
وتثبتوا في جهلكم فالشر أن تتعلموا
أما السياسة فاتركوا أبدا وإلا تندموا
إن السياسة سرها لو تعلمون مُطلسمُ
وإذا أفضتم في المباح من الحديث فجمجموا
من شاء منكم أن يعيش اليوم وهو مُكرمُ
فليُمس لا سمع له ولا بصر لديه ولا فمُ
لا يستحق كرامة إلا الأصم الأبكم
وإذا ظُلمتم فاضحكوا طربا ولا تتظلموا
وإذا أهنتم فاشكروا وإذا لُطمتم فابسموا

أبشروا لن نكون كما تريدون .

وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

تم اقتباس الأبيات الشعرية الرائعة من الشاعر معروف الرُصافي .

خربشة وفضفضة وبوح خاطر بقلم : عثمان بالقاسم