تشجيع الأبناء وأثره
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.

إن التشجيع للأبناء ماديا أو معنويا دفع سريع لعجلة الصلاح، وحفزهم بما هو مناسب في الوقت المناسب له آثاره الطيبة المستمرة.
كان أحد الأبناء يحفظ من القرآن أجزاء متعددة، وكان إمام الحي الذي يصلي في مسجده يتغيب أحيانا، فيبحث جماعة المسجد عن من يصلي بهم، وتحاول أم هذا الابن بابنها أن يصلي بالناس حال غياب الإمام، إلا أنه يعتذر بصعوبة الإمامة فقالت له أمه: إن صليت بهم إذا تخلف الإمام فلك جائزة نقدية، فكان أن غاب الإمام عن صلاة الفجر فتقدم هذا الابن وصلى بالناس، وبعد الصلاة عاد مسرورا إلى أمه قائلاً: أين الجائزة فقد صليت إماما وقدماي ترتجف.
كانت هذه البداية بسبب تشجيع أمه له وبعدها صار يؤم الناس كلما سنحت له فرصة في ذلك.
إن البداية بأي عمل تحتاج إلى جهد، ومصابرة، ومتابعة، وتشجيع مستمر، فقد نلاحظ على أحد الأبناء أو البنات فتورا عن عمل من الأعمال التعبدية أو كسلاً في أدائها، فهنا نجد أن من أنجح الحلول ومن أنفع عوامل التنشيط على ذلك العمل أو تلك العبادة، لربط بين ذلك العمل، والأمر الإلهي، فما أجمل أن نربطهم بأن هذه العبادة أو تلك الطاعة أمر من الله المنعم المتفضل، فعندما أرى تكاسلاً عن الصلاة مثلاً من الطفل ذي التسع أو العشر سنوات، استغل الفرصة لبيان أن هذه العبادة استجابة لقول الله تعالى: {وأقيموا الصلاة} وأربطه بالآية القرآنية، وأبين له عظم شأن هذه العبادة وأين فرضت ويحسن أن يشرح للطفل أحداث الإسراء والمعراج، وصلاته صلى الله عليه وسلم بالأنبياء، وحواره مع موسى عليهم السلام حين فرض الله عليه الصلاة من فوق سبع سماوات وعددها خمسون صلاة ومراجعته لربه إلى أن خففها إلى خمس فصارت خمسا في العدد وخمسين في الأجر بفضل الله ومنته.
وكذلك في قضية الحجاب، وكيف تألفه الفتاة وتعتاده، ويصبح عبادة ملازمة ترجو ثوابها عند الله تعالى، لأنه من الطبيعي أن تميل البنت إلى لبس الحجاب أول الأمر وتفرح به، ثم تبدأ في التكاسل والتضجر، أو الميل إلى التوسع فيه أو تزيينه مجاراة لقريبة أو زميلة، وهنا يبرز دور الوالدين، والأم بوجه خاص في بيان فضل الحجاب ورحمة الله لنا به، وصيانة المرأة، وتكريم الله للمرأة بفرضه، ويكون ذلك بالأسلوب الملائم وحسب سن البنت ومحاولة بيان حكمة الله تعالى في ذلك يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59]
وتبسط للبنت الآيات الدالة على ذلك كبيان ما في هذه الآية من أمر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر زوجاته وبناته بالحجاب ثم يضيف الله تعالى إليهن نساء المؤمنين ويبين للبنت هذا الشرف العظيم الذي خص الله النساء به وهو مساواتهن بالأمر مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب، ويوضح للبنت حكمة الله تعالى في هذا الأمر حيث أن ذلك صيانة لها لأن التي لا تحتجب ربما يظن أنها غير عفيفة فيتعرض لها من في قلبه مرض وربما استهين بها فالاحتجاب مانع لمطامع الطامعين بها.