بسم الله الرحمن الرحيم
طلب مني أحد الإخوة في هذا المنتدى - جزى الله القائمين عليه كل خير - إرشادات ونصائح حول عمل المدققين، فآثرتُ أن أتكلم عن هذا الموضوع هنا، ليُتاح للجميع أن يدلي بدلوه في هذا المجال فنستفيد ونفيد وتعمّ الفائدة.
فلنبدأ باسم الله،
أولاً، ما هو التدقيق؟
التدقيق الذي نتحدث عنه في هذا الموضوع يختلف عن المفهوم الشائع بين المترجمين، فما نقصده هنا ليس مجرد إصلاح أخطاء الطباعة في النص، بل ذلك ليس سوى جزء يسير من مهمات التدقيق. التدقيق هو مراجعة للنص من حيث الترجمة (التأكد من أن الترجمة صحيحة ودقيقة) والأسلوب (وهذا يعني الإلمام باللغتين: الأصلية والمترجَم إليها) والنحو (الإلمام بقواعد اللغتين) وتنوّع المفردات وإصلاح الأخطاء الإملائية وهفوات الطباعة. فعمل المدقق لا ينطوي على حذف أو إضافة لحرف أو كلمة فقط، بل قد يشمل حذف وإضافة عبارات وجُمَل أو إعادة صياغتها أو إضافة المزيد من المحسّنات اللغوية إلى الترجمة لكي تزداد قيمتها الأدبية.
تابعوا معنا لكي تفهموا عمل المدقق أكثر.
ثانياً، ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في المدقق الناجح؟
١- أن يكون مترجماً ماهراً. نعم، لا تستغربوا. البعض يظنّ أنّ عمل المدقق أسهل من عمل المترجم، وذلك غير صحيح، حيث يجب أن تكون خبرة المدقق في الترجمة تفوق (أو توازي على أقل تقدير) خبرة المترجم. وإلا فإن التدقيق لن يحرز هدفه، بل قد تقل جودة الترجمة بعد التدقيق.
٢- أن يكون ملماً باللغتين (الأصلية والمترجَم إليها)، بأساليبهما اللغوية ومفرداتهما وقواعدهما، حتى يستطيع ضبط الترجمة بشكل صحيح على إيقاع النص الأصلي. وهذا الشرط يدخل في الشرط السابق.
ثالثاً، عمل المدقق:
- يبدأ بقراءة النص الأصلي وفهمه جيداً، ويتخيّل ترجمة له في ذهنه (قدر الإمكان).
- يطّلع على النص المترجَم، فيبدأ بإعادة صياغة كل ما هو ترجمة حرفية، ثم يدقق صحة الترجمة، ويقارن بين الترجمة التي بين لديه والتي في ذهنه، فإن رأى تعارضاً راجع النص الأصلي، فإن استعصى عليه تحديد أيهما أصحّ راجع واستشار شخصاً آخر يفوقه أو يوازيه في الخبرة.
- وبعد انتهاء تدقيق صحة الترجمة، يشرع بتدقيق الأسلوب اللغوية، فيزيل الجمل والأساليب الركيكة ويُبدلها خيراً منها.
- ثم يتحقق من السلامة النحوية في النص المترجم، ويحاول قدر الإمكان التنويع في المفردات أثناء الترجمة، لكي يجعل النص أثرى وأغنى.
- وفي حال كان النص الأصلي قصيدة أو نشيداً، فليحاول قدر الإمكان أن يختار الألفاظ بحيث تكون الأبيات ذات وزن واحد، أو ذات إيقاع متقارب على الأقل.
- وأخيراً، يغربل النص باحثاً عن أخطاء الإملاء والطباعة، ويراجع النص مراجعة أخيرة قبل أن ينهي عمله.
هذا ما لديّ، وأرجو من الجميع أن يشاركونا بما لديهم.
والسلام
المفضلات