بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ,,
آهلاً بأعضاء وعضوات منتدانا الكرام .. بين أيديكم موضوعات عن قيام الليل وفضائلها العظيمة اسأل الله أن ينفعني وإياكم بها ..
قيام الليل .. فإنه دأب الصالحين , وتجارة المؤمنين , و عمل الفائزين , وأنْس المحبين , وروضة المشتآقين ...
ففي الليل عندما يخلو كل حبيب بحبيبه .. يتوجه أولئك المؤمنون إلى خالقهم وبارئهم يشكون إليه حالهم و يسألونه من فضله سبحآنه ..
قيام الليل في القرآن الكريم ..قوله تعالى : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } سورة السجدة 16
قال ابن حجر : يعني قيام الليل ..
وقول ابن كثير في تفسيره : أي قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ..
وقول عبد الحق الإشبيلي : ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش خوفاً من الوعيد و رجاء الله سبحانه )
وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18،17]
قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.
وقوله تعالى في سورة الزمر : { أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذرُ الآخرةَ ويرجو رحمة ربه قل هلْ يستوي
اللذين يعلمون واللذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب }
قيام الليل في السنة ..حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل نظراً لأهميته البالغة و عظيم فضله قائلاً :
" عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم , و قربةٌ إلى ربكم , و مكفرة للسيئات , ومنهاة عن الإثم "
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في شأن عبد الله بن عمر : " نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " [ متفق عليه ]
قال سالم بن عبد الله بن عمر : " فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً "
وقوله - عليه الصلاة والسلام - " إن في الجنة غرفاً يٌرى ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهِرها .. فقيل : لمن يا رسول الله ؟
قال : لمن أطاب الكلام , وأطعم الطعام , وبات قائماً والناس نيام "
---------------------------------
فمن أراد الشرف ومن أراد النور ومن أراد التثبيت على الطاعة من أراد الخير والأجر كله فلا يتركنّ قيام الليل فهي أفضل صلاة بعد الفريضة ..
لقوله - صلى الله عليه وسلم - " أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " رواه مسلم
---------------------------------
فضل قيام الليل ..1) زيادة الحسنات والأجر والثواب
قوله صلى الله عليه وسلم : " من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين
ومن قام بألف آية كُتِب من المقنطِرين "
[ رواه أبو داوود وصححه الألباني ]
( من القانتين )
يرد بمعان متعددة كالطاعة والصلاة والدعاء والخشوع والقيام ..
( من المقنطِرين )
بِكَسْرِ الطَّاءِ مِنْ الْمَالِكِينَ مَالًا كَثِيرًا , وَالْمُرَاد كَثْرَةُ الْأَجْرِ وَقِيلَ أَيْ مِمَّنْ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ أَيْ أَجْرًا عَظِيمًا قَالَهُ السِّنْدِيُّ
2 ) وقت لإجابة الدعاء ..
عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ فِي اللَّيْلِ سَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلا أَعْطَاهُ ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ " ..
وتأمل آخـي و أختي الكريمة قوله صلى الله عليه وسلم يسأل الله فيها خيراً من أي أمر كان في الدنيا سواء أم في الآخرة إلا أعطاه وذلك كل ليلة ! كل ليلة لديك تلك الفرصة الثمينة الساعة التي لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله شيئاً
إلا أعطاه الله سبحانه .
وفي الحديث القدسي
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ ، أَوِ الثُّلُثِ الآخِرِ ، فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
: " مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ
" حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ، أَوْ يَنْصَرِفَ الْقَارِئُ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ " ..
3 ) أنه قربةٌ إلى الله تعالى , وسبب لتكفير الذنوب وينهى عن الآثام و يطرد الداء ..
كقوله عليه الصلاة والسلام : " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى , ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم , ومطردة للداء عن الجسد "
وغيرها من الفضائل التي قد لا نعلمها ..
قيام الرسول – صلى الله عليه وسلم –قال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ " [متفق عليه].
ومن هنا نستخرج فائدة أن الشكر ليس باللسان فحسب , إنما يكون بالقلب واللسان والجوارح ..
صفة صلاته – صلى الله عليه وسلم –وعن حذيفة قال:" صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها
ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل
وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث "
[رواه مسلم].
وعن ابن مسعود قال: " صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! " [متفق عليه].
قال ابن حجر: ( وفي الحديث دليل على اختيار النبي تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على الاقتداء بالنبي ، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده ).
-----------------------------------------
نبذة بسيطة عن قيام الليل في حياة السلف وإخلاصهم ..
1 ) قال الحسن البصري : ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل )
2 ) وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.
3 ) يقول سفيان الثوري – رحمه الله تعالى – " حرمتُ قيام الليل خمسة أشهر بسبب ذنب أذنبته "
4 ) كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي في بيته فإذا شعر بأحد قطع صلاة النافلة ونام على فراشه – كأنه نائم –
فيدخل عليه الداخل ويقول : هذا لا يفتر من النوم ، غالب وقته على فراشه نائم
وما علموا أنه يصلي ويخفي ذلك عليهم ..
5 ) كان أيوب السخيتاني رحمه الله يقوم الليل كله ، فيُخفي ذلك ، فإذا كان الصبح رفع صوته كأنما قام تلك الساعة ..
6 ) حسان بن سنان كان يصلي من الليل , وفي ليلة من الليالي قالت عنه زوجته : كان حسان يأتي إليّ ثم
يخادعني كما تخادع المرأة صبيها قالت فتناومتُ ليلةً فلما قام إلى صلاته وانتهى منها
قالت له : يا أبا سنان متى ترتاح ؟ قال : إني أعد صلاتي هذه لأجل رقدة طويلة .. أي في القبر ..
7 ) وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين !!
- الأسباب الميسرة لقيام الليل بإذن الله ..
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل ..
الأسباب الظاهرة :
1 ) ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام
2) ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه
3 ) ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل ..
وأما الأسباب الباطنة :
1 ) سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
2 ) خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
3 ) أن يعرف أهمية وفضائل قيام الليل العظيمة ..
4 ) وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه ...
وآخيراً أعزائي القرّاء اسأل الله أن يعلمنَا ما ينفعنَا وينفعَنا بما علّمنَا ..
إن أصبتُ فمن الله تعالى و إن أخطأت فمن نفسي والشيطآن ..
ومن لديه فائدة أو مداخلة فليتفضل بسردها هنا
أستودعتكم الله ..
المفضلات