الطفولة
تلاقت نظراتهما: أحدهما في الثالثة من عمره والآخر في الثالثة والسبعين. بشرة بيضاء نضرة لا يشوبها شائب من جهة، وفي الجهة الأخرى جلد متجعد تركت فيه السنون آثار أكفّها السوداء. عيون ملأى بالبراءة والفضول والترقب لمستقبل مجهول، تقابلها عيون ارتوت شربًا من كدّ الأيام وشبعت طُعمًا من تجارب الماضي. لوّح الشيخ للطفل بشبح ابتسامة ثم تابع طريقه، وربما مرّ بخاطره كيف أنه كان ذلك الطفل يومًا، وكيف دقّت ساعات عمره سراعًا حتى أوشكت على النفاد. لَكَمْ تتشابه بداية المنحدر الصاعد بنهاية المنحدر الهابط في الجهة الأخرى من قمة الجبل، يمثلان طفولة الإنسان وشيخوخته، وبينهما شبابه وحصاد حياته، قلّ ذلك أو أكثر. فسبحان من خلق الإنسان من ضعف، ثمّ جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة.
المفضلات