"الشيب"
النوع: واقعي (من الحياة)
كان يعد الشيب في رأسه شعرة شعرة.. عندما رأى الأولى لأول مرة قال لنفسه بأن الكثيرين يشيبون مبكرا..
لا بأس.. لا تهمه شعرة ضائعة في بحر سواد شبابه الكثيف.. ولكن الثانية ظهرت بعدها، ثم الثالثة..
وبدأ العدد يزداد.. لم تعد أصابع يده تكفي لعدهم، ثم تجاوز عددهم أصابع اليدين.. ولكنه استمر بالعد..!
استمر بالعد والتحديق بالمرآة.. يريد أن يصدق أنه شابٌ غزت بعض الشيبات رأسه ليس إلا..
بينما كان مركزا على عد شعره في المرآة، انحرفت عيناه لتقعا على وجهه، وفي لحظة مخيفة لم يتعرف على نفسه..
لم يتعرف على العينين المجهدتين الغائرتين، أو السواد الذي يحيط بهما أو التجاعيد التي اكتست ملامح وجهه.. لمن هذا الوجه العجوز الذي ينظر إليه؟
لا يستطيع تقبل الأمر بسهولة.. هل انتهى شبابه بهذه البساطة؟ هل يبدو للآخرين الآن مجرد عجوز عتيق؟ هل سينظر إليه الآخرون بنفس الطريقة التي كان هو ينظر للعجائز فيها؟
شيئا فشيئا شاخت نفسيته.. شاخت أحلامه.. بعد أن أيقن أنه قد شاخ فعلا..
لا يزال يعد شعره أمام المرآة.. يعد كم شعرة سوداء بقيت.. لتقطع آخر آماله..
"بيت العنكبوت"
المفضلات