بسم الله الرحمن الرحيم
منشورنا اليوم عن لفظ الجلالة (الله) عز وجل.
نرى في طباعة الوورد وطباعة الفيس بوك، وحتى معظم خواص الكيبورد في الهواتف رسم الشدة فوق اللام في كلمة (الله)، فما سبب هذه الشدة في لفظ الجلالة؟
أول الكلام يجب أن نستوعب الحق، لا أن نحمل فكرة لم يأتِ بها الأولون، و(اخترعها) بعض الآخرين (اختراعًا)، لنمشي بها ونؤكد أنها الصواب، فالشدة فوق اللام لا علاقة لها بالتعظيم ولا بالتفخيم، حتى رغم أن لفظ الجلالة (الله) يرتسم هكذا في الرسم العثماني، ولكن لا الأحرف ولا الحركات كانت مستعملة في اللغة العربية من قبل ذلك، فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم حينما يكتب رسائله إلى الملوك يعظِّم الله تعالى بوضع الشدة فوق حرف اللام، وهي لم تكن موجودة أصلًا في لغة العرب؟ أم أننا ندعي أننا نعظِّم الله بما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه؟
إذًا، ما سبب وضع الشدة هنا؟
دعونا ننظر إلى الكلمات الآتية (الليل)، (اللبن)، (اللين)، (الليث)... نرى تواتر حرفي اللام معًا، وفي لغة العرب اللام حرف شمسي، وبالتالي لا اعتبار لها لفظًا ولا رسم حركات، مثل كلمة (الشمس)، نحن نلفظها (أششمس) بسكون الشين الأولى، وتحريك الشين الثانية، ونفس الشيء في الكلمات التي ذكرناها، كلمة (الليل) =(ال، ليل)، فاللام الأولى لا اعتبار لها في اللفظ والتحريك، وقد قاسوا لفظ الجلالة (الله) على ذلك، لذا يتم وضع الشدة على اللام الثانية، لا أكثر من ذلك.
طبعًا لفظ الجلالة (الله) لا يمكن اشتقاقه أبدًا، ولكن يبدو أن هذا القياس كونهم اعتبروا أصل الكلمة (الإله)، مع الفارق الكبير لغويًا هنا، فكلمة الإله تقبل التنثية (إلهان، إلهين) والجمع (آلهة)، وتقبل الإضافة إلى الضمائر (إلهكم، إلهك)... بينما كلمة (الله) لا تقبل شيئًا من ذلك نهائيًا، كما لا تقبل التقسيم كما نرى في بعض رسائل العجب العجاب (الله: احذف الألف تبقى: لَهُ، واحذف اللام تبقى: هُــ...)!
ونريد أن نلحظ هنا أمرين، أول أمر ليست كل الأحرف تُكتب، مثل (هذا، هذه، هؤلاء، أولئك)، نحن نلفظ الألف ولا نكتبها، وبالتالي الشدة من الممكن اعتبارها كذلك، فلنضعها فوق الأحرف في الكلمات المتشابهة رسمًا مثل (عبر، عبَّر، بين، بيِّن...)، أما الكلمات مثل التي ذكرناها (الليل، اللين، اللبن، الليث، الشمس، الرائع، الشديد...)، فلا لزوم لرسم الشدة فوقها إطلاقًا...
وبالتالي، لا مجال إطلاقًا لأي اعتبار لمن يرى بأن عدم رسم الشدة فوق لفظ الجلالة خطأ إملائي! بل وبعضهم يتهم من لم يفعل ذلك بالجهل! لفظ الجلالة واضح كل الوضوح لفظًا ولا يتشابه مع لفظ آخر، وفي مصحف ورش عن نافع، على سبيل المثال، نرى أن لفظ الجلالة (الله) ترتسم الألف فيه فوق حرف اللام الثاني مع شدة، بينما في حال دخل حرف الجر اللام (لله) فإن الشدة والحركة معًا يتم حذفهما، بينما في مصحفنا _ حفص عن عاصم_ يبقى رسم الشدة والحركة حتى لو دخل حرف الجر اللام على لفظ الجلالة... مما ينفي نهائيًا أي احتمال وأي كلام أن الشدة للتعظيم!
والله تعالى أعلم.
المفضلات