السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيّاكم الله ^^
وأسعد كل أوقاتكم بالخير والبركة ^^"
كيف جالكم ؟! شدوا الهمة فخير عشر أيام موشكاتٌ موشكاتٌ....
بعد إصرار من أصيل العزيزة.. ^^" يسعدني وضع أول موضوعٍ لي في منتدى العرب ^^" قصة عابرة.. (عابرةجداً).. مرادها أيضاً عابر.. يحدثُ دوماً.. ممم أترككم والقصة..
...............
قابلته في طريق عودتي من عملي مثقلاً بهمومي، التقت عينانا.. هذا ما كنتُ أكيداً منه.. كانت رمقةٌ شاردةٌ واحدةٌ كافيةً لإيجاز ما حدثَ أثناءَ كلِّ ما مضى حقاً.. ملابسٌ غير مهندمةٌ البتة.. إنه ليسَ في أحسنِ أحواله!
عرفتُ أنَّ صديقي -الذي تخلى عن خدماتي الصحوبية- ضائعٌ بما تعنيه الكلمة من معنىً. ولفتنا ضمةُ اللقاء البارد إلى أقرب مقعد على قهوة. هناك -في المقهى الشعبي الدافئ- تبادلنا نظراتٍ صامتة بكماء.. لكنّي كسرتُ حاجز الصمت وأنا أذيبُ مكعبات السّكر في قهوتي المرّة "ما زال ذوقي نفسه" ورفعتُ بصري إليه "وكيفَ سارت أموركَ بعدئدٍ؟!"
ابتسم بحزنٍ شديد وأومأ نصف إيماءةٍ نافية معبّرَةً على إنحدار علاقتنا قد بدأ من
لحظة المجاملة تلك حينئذٍ!
- أظنُّ بأنني لم أتغير أيضاً.
- يبدو كذلك.
- إذاً! (وأخفض بصره)
- إذاً ماذا؟! (ودمعت عيناي)
- إذاً! (مقراً رفع بصره)
- هكذا ببساطة! (وامتلأت عيناي بدمع الخذلان) أنتَ تغيرتَ.. للأسوأ!!
- لا أعرف..منذُ تلك اللحظة وأنا لستُ أنا.. قلبي منفطرٌ وعقلي هائمٌ ضائع.. (ولمحتُ عتاباً في نبرته) لماذا لم تقف بجانبي حينما كان يجب عليك ذلك؟ (أخفضَ بصره) أتدري.. كنتُ أعدك صديقي المقرب.. بل أقرب رفيقٍ إلى قلبي..
- ..
اكتسى المكان صمتُ كئيب إلا من صوت ارتطام الملعقة بجدران فنجان قهوتي أثناء إيذابي لمكعبات السكر.. فكرتُ.. لو كانَ الأمرُ بسيطاً كبساطة إيذاب السكر في القهوة.. لو كان الأمرُ سهلاً بقدر رشفتي للقهوة الحلوة، فقط لو كان تحويل الأمر الصعب للسهل بإذابة عوالق خلافنا القديم كإذابة سكر في قهوة مرة!!
- لم تتغير، ما زلتَ تحبُّ الأشباء الحُلوة.
- المُحلّاة.. (رفعتُ بصري مصححاً) لو سمحت!
- آه..(مرتبكاً).. لا شيء حلو.. إنما تحليه بالحلويات! عجيبٌ أمرك فلم يزد وزنك حتى مع كل هذه الكمية على مدار كل السنين التي مضت..
- هذا لأني أصرفُ طاقتها العالية في شحنِ عقلي والتفكير! عقلي لا يهدأ!
أحسسته سيرد عليّ بشيء متعلق به.. لا أعرف لمَ قطعتُ عليه الفرصة لأعود أتحدث عن نفسي "لذا أحب الحلويات".. ولم يرد عليّ.. إنما نظر لساعته. ونظر إليّ ثم ابتسم.. ففهمتُ أنه الوداع المر.. صديقي يعلن تخليه رسمياً عني.. هو ما عاد بحاجةٍ إليّ كما أنا لستُ بحاجته منذ البداية.. لكن يجب أن أمنعه.. لا يمكن أن أتخلى عنه مرتين حتى لو لا أريده في أي مصلحة..
وقام قال كلمات وداعٍ بدت أمامي طلاسم من لغة سنسكريتية قديمة.. لا أعرف كيف فتحتُ عيني مجدداً لأراه عند مدخل المقهى.. فهرولتُ إليه مسرعاً أشده من طرفه.. ألمحُ في وجهه حزناً مكسواً بصدمة مفاجئة.. فأحسستُ بأنها اللحظة التي يجب أن أغتنمها لا محالة.. لا يجب أن أفوّت على نفسي هذه الفرصة.. فتشبثتُ بيده قائلا: ألسنا أصدقاء؟!
فنظر إليّ دامعاً وقال: يقولون ذلك!
فصرختُ: إذاً لماذا تعاملني كغريبٍ لا حق له في معرفة أيّ شيءٍ عنك ؟!
- أولستَ كذلك؟!
(ونزع يدي) ألم تكن كذلك أيضاً في الماضي أيضاً ؟!
ألم أكن بحاجتك وقلت لك مجاملاً لا تتدخل بالأمر؟!
ألم تتركني وكأنك نفذت طلبي بحذافيره؟!
لو أنكَ كنتَ صديقاً بحق لما قبلت بالركون جانباً تراقب من بعيد..
كم أكره الأغبياء!!
لماذا أقابل صديقاً غبياً مرة أخرى ويكرر معي نفس الموقف الغبي.. أتحفظ ردة فعلكَ ظهراً عن قلب ؟! إني أحسّ.. إني أهتم.. إني أحزنُ بشدة حينما لا يمكنني مصارحتك... وحين أراكَ تصدق كذبي... يالك من شخصٍ غبيّ ساذج.. لقد أفسدنا كلّ شيء..
هدأ لبرهة وأخرج من جيبه نقوداً ودسهم في يدي قائلا: وأيضاً هذا الصديق الغبي لن يفهم بأنَّ أحداً منا يجب أن يدفع عن الآخر.. لذا تفضل.. هذا ثمن قهوتي التي لم أذقها.. تفضل!
وغادرني!!
كنتُ عاجزاً عن تحريٍكِ شفتيّ حتى.. قد خذلني لساني مرةً أخرى!! فعدتُ لمقعدي هابطاً بهموم مثقلة ثقل الجبال.. وحركتُ قهوتي مجدداً وأنا شاردُ الذهن تماماً.. كنتُ غارقاً في التفكير في ما هيّة الشعور الذي يعتريني في هذه اللحظة.. لماذا كان شعوراً ثقيلاً.. كم كان ثقيلاُ.. بل كم أنا غبي !!
قد كان صادقاً في كل حرف.. صدقتُ مجاملته.. ولم أفهم أنه يعاني في داخله.. ارتشفتُ قهوتي ووجدتها باردةً.. فتنهدتُ منزعجاً "حتى أنتِ باردةٌ مثلي؟!.. صدقيني لن يفيدك البرود كثيراً.. سأبعدكِ عني الآن.. لكن بعد قليل ستجدين نفسك تسكبين لوحدك في حوضٍ سحيق دون صديقٍ أو رفيقٍ يشفق عليكِ.. وفي لحظةٍ كهذي.. ستدركين حتماً.. معنى الوحدة الحقيقي"
..
وضعتُ النقود على الطاولة وحملتُ نفسي خارجاً هائماً على وجهي..
مثقلاً بما يعرفُ بالخذلان.. !!
تمت#
في آمان الله ورعايته..
المفضلات