السّلامـ عليكمـ

.....؛


إنّه لمن المؤلم لي - بعد كلِّ هذا الوقت - أني لا أزال أتذكّـر ما حدث، وأُحاول أن أدوّن ما حصل..
فكم عليّ أن أعيش تلك المواقف مرّةً ثانية يا تُرى وأنا أكتبها وأُحاول تخيّلها في ذلك الوقـت !
إنّي أعلم أني سأرتاح قليلاً، ولكنّي سأدفعُ ثمنَ ذلك ألمًا مضاعفًا وأنا أكتبُها حروفًا حزينة خرساء !



أنا شخص..عاديّ جدًا ، اسمي بعاد " اسمي المستعار "
أحببتُ هذا المكان وارتحتُ إلى الإخوان فيه؛ فقرّرت أني أشارككم بشيءٍ من حروفي
وإني إذ أفعل ذلك، فإني أفعله توثيقًا لحزنٍ عتيق..، أشغلَ الرّوح !


لن أتكلّم أكثر، بل سأعطيكم قصّتي ../


بسم الله أبدأ :



- الطفولة والصّداقـة -

كنّا صغارًا ..، أنا وهــي ! كانت دائمًا أطول منّي، وقد عرفتُ لاحقًا أنّ هذا بسبب أنّها جاءت إلى الدّنيا قبلي بسنةٍ واحدة !
لا أعرف كيف اتّفق أن أكون أنا وهي - من بين جميع الأقران - صديقين حميمين..؛ وإذا تمعنتُ في ذلك عرفتُ لِم بعاد كان هو الصديق الأفضل لديها..!
كان ذلك جرّاء موقف حصل في يوم حار شديد الرطوبة، وقد جاءت خالتي؛ عرفتُ أنا فورًا أنّها قد جاءت بما أنها ابنة خالتي؛ كما أتاح لي فهمي آنذاك، لم أقم من مكاني وبقيتُ أنتظر أن تدخل من الباب الذي دخلت منه خالتي، ولكنّها تأخرت..
كنتُ مهتمًّا بها - لشيءٍ أجهله - ! ..، لذا أخذتُ أبحثُ عنها وقلبي يخفق ..
فجأة هكذا خطر ببالي أنها ربّما في سور المنزل..وحين خرجت..، وجدتُها...
لا زلتُ أذكر ذلك الموقف بشكل حادّ، لا يزال يخطُّ بخطوطه العريضة في مؤخرة رأسي !
كانت تقِف منكمشة على الجدار ... تبكي بعنف !

" بعاد توقّف .. توقّف "

اخذتُ أردّد في عقلي..، لا تقترب أكثر، ربّما نهرتك..ربّما احتقرتك..ربّما..ربّما
تجاهلتُ كل ما دار ببالي، واقتربتُ منها وقلت بصوتٍ حادّ : " ما بك ؟ "
تخيّلت أنّها توقفت لثانية عن الإهتزاز والبكاء..، بيدَ أن تعاطفي معها؛ قد فجّر كل قطرة دموع يمكن أن تستنزفهـا هذه الفتاة، غضب شيء ما بداخلي..توقعتُ أني غضبتُ لكرامتي، إنّني فتى مهما كانت الطول الذي يفصلُ بيننا
اقتربتُ منهـا أكثر..تردّدت بشدّة و شعرتُ بحرارة الجوّ اللافحة، لكني فعلتها..
أمسكتها من كتفيها...وضممتها إليّ بطفولةٍ فجّة !
وحينها فقط...ابتعدت عنّي..وقد توقفت عن البكاء !
نظرت في وجهي نظرةً غريبة...، ثمّ أسرعت تعدو إلى داخل المنزل..
وأنا كنتُ غارقًا في عرقي...غارقًا في خجلي !
وأنا الفتى بعاد في الرّابعةِ من عُمره !





يتبـع - إن شاء الله -