دون معرفة متى سترى نور الهداية .. أو هل سترى نور الهداية حقاً؟!
تتمنى ذلك! لكنها لم تبذل أي جهد للحصول على ذلك النور إلى الآن .. لم تركض وراءه راجية أضواء من الهداية ..
أكملت خطواتها .. وأحضرت ذلك الدفتر .. الدفتر الذي كانت تكتب فيه أحلى لحظات حياتها .. وتزينها بأجمل الألوان ..
لكن ولسبب ما كانت تلك الصفحات تظهر لها سوداء!
جلست على الطاولة .. وضعت عليها الدفتر .. وفتحت صفحة جديدة .. صفحة بيضاء فارغة!
كتبت في الأعلى : رمضان
اليوم كان أول أيام شهر رمضان .. لم تكن تعني كلمة رمضان لها الكثير .. فقد كان كأي شهر آخر .. الفرق فقط .. ربما كانت تصلي في رمضان لتتركه أول أيام العيد ..
تؤجل سماع الأغاني ومشاهدة الأفلام لما بعد الإفطار .. آه صحيح .. وتصوم أيضاً!
لم يكن يعني لها رمضان سوى تغييراً في مواعيد طعامها!
فقد كان سيكون ككل رمضان مرت به ..
.
.
ممل!
.
.
أقفلت الدفتر..!
لم تعد لديها نفسية في الكتابة .. استلقت على السرير وأخذتها أفكارها بعيداً ..
لماذا لا تحاول فعل شيء جديد في رمضان هذا العام..؟ تساءلت .. ما الذي يمكنها فعله ..
نعم!! لمَ لا تحاول ختم القرآن..؟ فلم تجرب ذلك قبلاً .. فكرة جميلة .. و .. آآه .. باغتها النعاس فجأة .. فغطت في نوم عميق ..
........
استيقظت!
متلهثة ومتعرقة .. بقيت في مكانها متجمدة لدقيقة أو اثنتين ..
ثم أجهشت في البكاء .. مغطية وجهها بيديها .. كادت شهقاتها تمزق صدرها!
ثم وببطء .. هدأت .. أخذت نفساً عميقاً .. كم كان هذا الحلم مرعباً! كم كان بائساً! كم كان مظلماً!!
حلم!؟ بل كان كابوساً حقيقياً ..
لم تكن تريد إغلاق عينيها مرة أخرى .. تملك الخوف كل جزء منها ..
خافت أن ترى ذلك الكابوس مرة أخرى .. الظلام والوحدة ..
كانت تبحث عن الضوء وتجري وتجري وتجري دون جدوى! لا تستطيع التحمل! تريد نسيان الأمر بلا فائدة ..
هتفت .. يا رب ساعدني!
يا رب ساعدني! كم كانت هذه الجملة غريبة عنها!
لو لم تكن أول مرة تنطق بها فهي أول مرة تنطق بها بصدق!
استحت من نفسها .. فهي تستحق هذا! فبأي حق تقول يا رب ساعدني!
فبأي وجه تطلب الإعانة من رب لم تعبده حق العبادة!
هل افتكرته في وقت الشدة فقط؟! أين كانت من ذكره في وقت الرخاء..؟
هل كانت جاهلة..؟ لا والله! لقد كانت تعلم ولكن .. تتجاهل! كانت غافلة!
شعرت بدمعةٍ تنزل على خديها .. شعرت بالندم ينغرس في قلبها ..
شعرت بعجزها .. بضعفها .. ماذا كان عليها أن تفعل بعد الآن..؟
وقفت .. مشت ببطء نحو المغسلة .. توضأت! تحمد الله على أنها لم تنسَ الوضوء ..
ثم صلت ركعتين .. ركعتين لم تعلم لمَ تصليهما .. كانت أصدق ركعتين في حياتها ..
بعد الصلاة .. رفعت يديها إلى السماء ..
قالت بكل ما فيها من رغبة :
يا رب اغفر لي!
لقد قررت!
قررت أن تتوب!
قررت أن تجعل رمضان هذه السنة مختلفاً!
قررت أن تفتح صفحة جديدة!
صفحة بيضاء ~
ثم أقفلت عينيها بسلام .. مكثت هكذا للحظات .. لم يكن هناك أي ظلام!
لقد كان المكان مشعاً بالنور .. شعرت براحة نفسية عميقة ..
ومرت الأيام .. ومر رمضان .. لقد كان أفضل رمضان بالنسبة لها!
كيف لا وقد كان بداية توبتها .. بداية إيجادها لذلك الضوء الذي تمنته دائماً ..
والآن .. وهي تضع ذلك الدفتر في مكانه وقلبها مليء بالراحة والطمأنينة ..
مشت قليلاً ثم .. فجاة! توقفت في مكانها ..
نظرت لورائها .. نظرت في ناحية ذلك الدفتر ..
نظرت في تلك الصفحات ..
لقد كانت بيضاء!
الآن فقط .. كانت تراها بيضاء ..
ولمَ لا .. كانت ستجعل باقي صفحاتها أيضاً بيضاء ..
كانت ستجعل باقي أيامها أيضاً رمضان!
.
.
~
المفضلات