لـو أنَّ لـنـا أجـنـحـة ~

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    الصورة الرمزية أنــس

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    493
    الــــدولــــــــة
    المغرب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي لـو أنَّ لـنـا أجـنـحـة ~

    .

    لو أنَّ لنا أجنحة ~

    .



    .


    وأنا طفل، أدهشت عينيَّ أجنحةُ النوارس، وجعلتُ أرقبها من بعيدٍ بعينين تشرفان على الحياة أوَّل مرة.

    مددتُ ذراعيَّ يمنةً ويسرة، رفرفتُ بهما وركضتُ، حافياً على الرمال.

    ركضتُ، وركضتُ، ثم قفزتُ محلِّقاً، ولم تمهلني الرمال.

    ثم ركضتُ أخرى، وركضتُ، وقفزتُ محلِّقاً، ولكن.

    لم أُخلق لأطير.

    ولمَ ؟ سؤالُ طفلٍ حيَّر عقليَ الصغير للحظة، ثم لم أرغب في التفكير به مرة أخرى، وفضَّلت التحليق ركضاً.

    نحو النوارس ركضتُ، مسرعاً، وأنا أرفرف بذراعيَّ العاريتين من الريش، كم هو ممتعٌ ذلك التحليق وإن كان وهماً !

    قفزتُ، ووقعتُ متعثراً فطارت النوارس، حلَّقتْ تحليق نورسٍ واحد، وأنا وقفتُ متحاملاً، رافعاً بصري، مقلِّباً وجهي في صفحة السماء، محدقاً بها وهي تعبر فوق عينيَّ إلى مكانٍ لا يبلغه غير بصري.

    انتابني حزنٌ وليد، وتساءلتُ : لو أنَّ لنا أجنحةً ؟


    * * *


    سنوات، ومازالت لوعة التحليق مدفونةً تحت أمانينا، تذكِّرنا بها أحياناً طائرة، أو عصفور، أو سرب حمام.

    رحمك الله يا ابن فرناس !


    * * *


    سنواتٌ أخرى، ولم يزل السؤال معششاً في خيالي : ما يكون لو أنَّ لنا أجنحة ؟!

    نطق رفيقي، وكأنه أُخبر بما دار في خلدي ونحن نطوي الطريق ذات سفر :

    - تأمل ذاك السرب هناك، يخيل إليَّ أنهم أصدقاء في رحلة !

    - وهل هم إلا أممٌ أمثالنا ؟!

    - غير أنهم رُزقوا ما لم نُرزق ! أجنحةً يحلّقون بها أحراراً من جواذب الإسمنت، ومتاهات الجدران.

    - أما كنا نحن أولى بها وقد حُمِّلنا الأمانة، وأُنيط بنا التكليف ؟

    - إذاً لخفَّ الحِمل وسهُلت الحياة، وأصبحت السعادة سهلةَ المنالِ غير مستصعَبةٍ ولا متمنِّعة !

    - هيهات هيهات .. وهل كان لنا أن نكون طيوراً إلا إن أُبدلنا أنفساً غير تلك التي بين جنباتنا ؟ لو أنَّ لنا أجنحةً لاستحوذ الأقوياء منا على مواقع السُّحب وحقول السماء، ولاقتتلنا قتالاً تمطر السماء على إثره دماً، ويمتلئ أديم الأرض جثثاً وأشلاءَ أجنحة !

    - أقصر يا صاح فليس كل البشر وحوشاً، وليس في الفضاء مساحاتٌ تُحكم، وليس أصحاب الأجنحة بالذين يُجنَّدون ! لو أنَّ لنا أجنحةً لما تكلَّفنا عناء الطريق، ولما احتجنا لبناء المصانع وتشييد الأسوار، ولما كان لأحدنا عند الآخر حاجةٌ كي يقاتله أو يقتله !

    لو أنَّ لنا أجنحةً لسعينا في طلب الرزق حثيثاً على الجذوع والأغصان، ولأكلنا مما تنبته الأرض من خيراتها، ثم نمتطي الغيوم إلى حيث تقودنا الرياح غير متشبِّثين بأرضٍ ولا متعلِّقين بوطن !

    - كيف بك يا صديقي وقد عدت بنا إلى الفطرة الأولى، وكأنَّ الرجل منا حديث عهدٍ بالجنة ولما يضرب بعد في شعاب الأرض ووديانها، وهل رضينا نحن البشر يوماً بأكل القوت والضرب في الأرض والعيش على ما تقتضيه ضرورة الكفاف ؟
    أما علمت أنَّ ابن آدم لم يلبث أن قتل أخاه غلاً وحقداً، ثم لم يلبث أن سنَّ القتل فلم ينته البشر عنه إلى الساعة ولم يبق على نهاية الكون إلا قيد أصبعين أو أقل ؟

    أما رأيت أن البشر لم يتوقفوا يوماً عن إعمال عقولهم فيما تجود به الأرض والسماء، وما انتهوا قطُّ عن البطش بأيديهم حتى شيَّدوا علوماً ومبانيَ وحضاراتٍ يتباهون بها، ثم ما لبثوا أن أغاروا على بعضهم البعض حسداً وغلاً ؟!

    - وهل غير الأرض سببٌ في كلِّ ما أُريقَ من دماء ؟ وهل انفكَّت مطامعُ الإنس عن أن تكون بقعةً من ترابٍ يبسط عليها نفوذه ؟ ويأمر وينهى من كُتب عليهم السَّعي فيها ؟

    – بل إنَّ لمطامع الإنس مجالاتٍ هي أبعدُ غوراً، وأشرُّ نزعة، وما ترابُ الأرض سوى قيدٍ فُرض على الإنسان قهراً، فلم يجد غيره تجسيداً لما يكبُر في نفسه.

    ولو أنَّ لنا أجنحةً لما صعُب على أحدنا أن يجد لنفسه عرَضاً آخر يحدُّ به سلطانه، ويتوسَّع من بعده في جبروته، ويرمز بقوانينه لما تقتاتُ به نفسه من عظمةٍ يصنعها، أو يتوهمها، أو تُصنع له.

    أما أخبرك التاريخ أن لا حدَّ لمطامع الطغاة إلا بالموت ؟ أما رأيت أن الإنسان لا ينفكُّ طالباً بسط سلطانه ولو على قلوب الآخرين وأسماعهم وأوقات تفكيرهم ؟ أما علمت أن أعجز العاجزين ليس يشفيه سوى أن يقف أمام المرآة متيَّماً برسمه، مزهواً بشكله، لاعناً الزمن الذي لم ينصفه، ولو أنصفه لكانت مقاليد الأرض ومعايش الناس بيده ؟

    – بربِّك فاصمت ! فليس في الفضاء أماكن للاختباء إن تحركت نزعة، أو رُفع سيف، أو كاد حاقد.

    حمداً لخالقنا ! فما من تقويمٍ أحسنُ مما نحن عليه.

    لو أنَّ لنا أجنحةً لكانت لعذابنا سبباً، ولشقائنا طريقاً، ولا مكان للاختباء.

    آهٍ ... نعم !

    يعلم الله ما نحن قادرون على فعله لذلك لم يخلق لنا أجنحةً ! فسبحانه وله الحمد...

    .

    مدونة الأيام البريئة : لو أنَّ لنا أجنحة ~





    التعديل الأخير تم بواسطة Sos_chan ; 3-7-2012 الساعة 03:44 AM

  2. #2

    الصورة الرمزية Sho0oSh1998

    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المـشـــاركــات
    738
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: لـو أنَّ لـنـا أجـنـحـة ~

    روووووووووعهـ ..

    كلمات تدل على ذووقكـ يا الذوووق ..

    تقبلوا مروري ..

  3. #3

    الصورة الرمزية حامل القرآن

    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المـشـــاركــات
    86
    الــــدولــــــــة
    الامارات
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: لـو أنَّ لـنـا أجـنـحـة ~

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..~


    خيال الأطفال الواسع الذي لا حدود له أبدا

    من منا لا يتمنى أن تكون له أجنحة يطير بها ولكن كل توقعاتك صحيحة
    فلا حدود أيضا لعقل الإنسان ولاحدود لأفكاره وخيالاته

    معظم الناس مهما وجد من النعم يبقى الحسد والبغض موجودا في قلبه
    يتقاتل مع الناس من أجل أصغر الأشياء وأسخفها

    فسبحان حكمة الله العالم بمكنونات الناس وعقولهم

    ولكن يبقى الحلم حلما يتمناه الإنسان


    سلمت يمناك على الطرح

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...