هي أسماءٌ لامعة تلك التي زينت سماء
العلم.. بل حتى صنعته..

وهبوا أوقاتهم وأعمارهم لأجل
تطور البشرية.. يراهم الجميع كنماذج مشرقة في تاريخ الإنسانية جمعاء..

يرونهم كما لو أنهم نوعٌ مختلف.. وكأنما
وُلدوا علماءً..


ولكن أتعرفون؟ حتى هم كانوا أطفالاً يوماً :")



ولدوا صغاراً لا يجيدون سوى
البكاء.. سقطوا أكثر من مرة خلال خطواتهم الصغيرة الأولى.. جاهدوا ليلتقطوا الكلمات بآذانهم.. ليحاولوا ترجمتها بألسنتهم.. وربما بكوا غضباً عندما لم ينجحوا ولم يفهم أهلهم مقصودهم..!


تعلموا
القراءة حرفاً حرفاً.. أحبوا بعض مدرسيهم وواجهوا مشاكل مع البعض الآخر.. لهوا مع أصدقائهم وربما تشاجروا مع آخرين..


هم منا.. مخلوقات مثلنا..!


ربما وُجدت في طفولتهم ملامح
الإبداع الفطري.. وربما وُجد في طفولتهم الاهتمام الذي أنشأهم.. وربما اجتهدوا فجأةً وفقط!

ومهما كان الأمر تبقى
طفولتهم تلهمنا أنهم ليسوا ببعيدين منا.. وأن بإمكانٍ أي منا أن يكون مثلهم -أو حتى أفضل- يوماً.. فنحن على الأقل....

تشاركنا معهم تفاصيل أعوامنا الأولى :")


ولهذا كان هذا
الموضوع.. وهذه السطور.. لنتحدث عن طفولة بعضٍ من العلماء المميزين..

فلنبحر في أرجائه معاً.. لنرسو في النهاية.. على
شطآن الطفولة ^^















جون دالتون




ربما سمع جميعنا أو على الأقل معظمنا بأبي الكيمياء الحديثة وصاحب النظرية الذرية جون دالتون..

وربما اقتصر ما نعرفه عنه على نظرياته الكيميائية وإسهاماته العلمية.. فكيف كانت طفولة دالتون؟




كان طفلا
ناحلا وضعته أمه في إحدى ليالي الشتاء الباردة عام 1766 فدعاه أبوه جون..

نشأ الولد عنيداً في سبيل
الحق، حي الضمير والوجدان، ما أُسند إليه عمل إلا وقام به بكل إتقان..

ذهب
جون الى مدرسة القرية فظهر تفوقه في حل المسائل الحسابية. وكم من مرة ربح الرهان مع رفاقه ومعلمه حول بعض المسائل المستعصية..

وعندما صار في
الثانية عشرة من عمره فقط، كان قد حصّل من العلم ما يكفيه بالنسبة لقريته.. فأنشأ بنفسه -وهو ابن الثانية عشرة- مدرسةفي القرية ليُعلِّمفيها!

وفعلا نجح في
التعليم ولكنه تخلى عن هذه المدرسة في سنالخامسة عشرة..

التحق بعدها
بأخيه الذي كانيدير مدرسة في جوار كندال، فرفض عرض عمِّه للعمل في الزراعة والتحق بأخيه في المدرسة، فأقبل التلاميذ عليها بنهم وشوق ووجدوا طرقاً جديدة في التربية والتعليم..

كان مهتما
بالفلسفة الطبيعية كثيراً، ولكن اكتشافه لمرض عمى الألوانالذي كان هو نفسه مصاباً به، حوّل اهتمامه إلى البحث في أسرار هذا التناقض الظاهر في الحواس فاتجه إلى علم الكيمياء












السير إسحاق نيوتن


يرتبط اسمه دائما بالتفاحة الشهيرة التي سقطت على رأسه.. بالجاذبية الأرضية.. وربما بلقب الفارس الذي يحمله.. فكيف كانت طفولة هذا العالم الذي وضع أسس علم الفيزياء؟


وُلد نيوتن يتيماً! فقد توفي والده - الذي كان يعمل مزارعًا واسمه أيضًاإسحاق نيوتن - قبل ولادته بأشهر.. وقد وُلد هزيلا معتل الصحة..

جاء والدته المخاض وولدت ابنها بعد ساعة أو ساعتين من منتصف الليل وكان القمر في تلك الليلة بدرًا، ونظرًا لولادته مبكرًا فقد كان طفلاً
ضئيل الحجم حتى أن امرأتين كانتا تعتنيان بأمه أُرسلتا لجلب الدواء من الجوار ولكنهما بدلاً من أن تسرعا في جلب ذلك الدواء قررتا أن تستريحا في الطريق ظنًا منهما أن الطفل المولود ربما قد فارق الحياةبسبب حجمه!!

ولم تكن طفولته سعيدة.. فعندما بلغ الثالثة من عمره، تزوجت أمه وانتقلت للعيش في منزل زوجها الجديد، تاركةً ابنها في رعاية جدته لأمه.. لم يحب إسحاق زوج أمه، بل كان يحس بمشاعر عدائية تجاه أمه لزواجها منه..

ينتمي
نيوتن إلى اسرة ثرية زراعية الأصول.. ولم يظهر عليه في المراحل الأولى من تعليمه أي نبوغ بل على العكس كان يوصف بأنه كسول! كما أنه كان غير مهتم بدروسه كثير الشرود والتأمل..

كان يحب
الانعزال عن أقرانه، وكان يتمتع بمزاج عصبي لكن كانت له مهارات يدوية جيدة.. حتى أن أمه اعتقدت أنه سيصبح بحارا أو نجارا أو فلاحا.. ولذا أخرجته من المدرسة -بعد أن ترملت مجددا- لكي يشرف على إدارة ممتلكاتها!

ولكنه سرعان ما أثبت فشله في ذلك المضمار نظرا
لكرهه للزراعة..

أقنع أحد المعلمين في مدرسته السابقة أمه
بإعادته للمدرسة، فاستطاع بذلك نيوتن أن يكمل تعليمه.. وبدافع الانتقام من الطلاب المشاغبين، استطاع نيوتن أن يثبت أنه الطالب الأفضل في المدرسة! في الواقع تحدث أحد علماء النفس بأن هذا يدل على أن نيوتن ربما كان مصابا بأحد أنواع التوحد! فهو كان انطوائيا جدا ويرهب التجمعات حتى في كبره!

كان محباً للعلم والتأمل ومن المعجبين
بجاليليو.. وهذا أدى إلى وضعه نظرياته الرياضية والفيزيائية لاحقاً










ألبرت أينشتاين


من منا لم يسمع بصاحب النظرية النسبية الشهيرة التي لا يفهمها معظم سكان العالم؟ كيف نشأ عبقري هذه النظرية؟ وكيف كانت طفولته؟



وُلد ألبرت أينشتاين في مدينة أولم الألمانية.. ولم تكن طفولته مبشرة فقد تأخر في النطق حتى الثالثة من عمره..!

لكنه أبدى شغفا كبيراً
بالطبيعة، ومقدرةً على إدراك المفاهيم الرياضية الصعبة، وقد درس وحده الهندسة الإقليدية..

وفي
الخامسة من عمره أعطاه أبوه بوصلة، وقد أدرك أينشتاين آنذاك أن ثمّة قوةً في الفضاء تقوم بالتأثير على إبرة البوصلة وتقوم بتحريكها..

ورغم ذلك لم ينبغ
أينشتاين في الدراسة ولم يبرز فيها.. بل كان يعاني من صعوبة في الاستيعاب..! وربما كان مردُّ ذلك إلى خجله في طفولته.. ومما يروى عن تلك الفترة ان أحد مدرسيه قد تنبأ له بأنه سوف يكون فاشلا في المستقبل لا قيمة له..!

وتبنَّى اثنان من أعمام
أينشتاين رعايته ودعم اهتمام هذا الطفل بالعلم بشكل عام فزوداه بكتبٍ تتعلق بالعلوم والرياضيات..

ولكن وبعد تكرر خسائر
الورشة التي أنشأها والداه انتقلت عائلته إلى إيطاليا، وأستغل أينشتاين الابن الفرصة السانحة للانسحاب من المدرسة في ألمانيا التي كره فيها النظام الصارم والروح الخانقة..

وأمضى بعدها
سنةً مع والديه في مدينة ميلانو حتى تبين أن من الواجب عليه تحديد طريقه في الحياة فأنهى دراسته الثانوية في سويسرا ثم تخرج من معهدٍ هناك، ولكن مُدرِّسيه لم يُرشِّحوه للدخول إلى الجامعة..! وبالكاد تمكن من دخول الجامعة بعدها وبالكاد تخرج منها لكونه دائم الهروب من المحاضرات..!


ولكن في واقع الأمر فإن أينشتاين كان محباً للعلم وكان عصامياً علّم نفسه بنفسه.. ولكنه كان يجد صعوبة كبيرة في التحضير للامتحانات و اجتيازها.. وقد كلفه الامتحان النهائي في الجامعة طاقة وجهداً كبيرين لدرجة أنه بعد انتهائه من الامتحان الأخير احتاج إلى أن يرتاح لمدة عام كامل..!

ومع أنه عمل في مكتب براءة الاختراع بعد
تخرجه إلا أنه تابع قراءته وعشقه للفيزياء حتى أذهل العالم بأطروحاته..












توماس أديسون


عبقري الكهرباء.. مخترع أمريكا الأول.. صاحب الفضل بعد الله في إنارة العالم بمصباحه.. ربما قرأ الكثير منا عن طفولته.. فهي بحق طفولةٌ فريدةٌ من نوعها..




ولدتوماس أديسون في الولايات الأميريكية المتحدة من أب هولندى الأصل وأم كندية..

كان
توماس طفلاً غريب الأطوار كثير الأسئلة والشرود.. لا يتوقف عن السؤال بـ "لماذا؟" وكان يُظهر اهتماماً ملحوظاً بكل ما تمسكه يده.. حتى أنه عندما التحق بالمدرسة لم يبق بها سوى ثلاثة أشهر بسبب ما كان يثيره من إزعاج للمعلمين..!

نعته المعلم يوماً
بالفاسد فأحزن هذا توماس كثيراً.. وعندما أخبر أمه بما حدث غضبت بشدة وذهبت إلى المدرسة لتقابل المعلم.. فلما قال لها بأنه فتى غبي أجابته بغضب وثقة: "قل ما تريد .. ولكن اسمح لي بأن أقول لك حقيقة واحدة وهي أنه لو كنت تملك نصف مداركه لحسبت نفسك محظوظاً!" ثم غادرت مع ولدها عاقدة العزم على تعليمه بنفسها..!

قال
أديسون عن هذا لاحقاً: "والدتي هي من صنعتني، لقد كانت واثقة بي؛ حينها شعرت بأن لحياتي هدف، وشخص لا يمكنني خذلانه"..

كان
أديسون يدرس كثيرا مع والدته في العلوم والتاريخ.. ومع أن وضعهم المادي لم يكن جيداً فقد كانت أمه تقتصد من مصروف البيت ليشترى من باعة الكتب المستعملة ما يروق له منها.. كما خصصت له غرفة جمع فيها عدداً من القوارير والمواد الكيميائية والأسلاك المختلفة ليجرى فيها تجاربه..


ولكن الأمر لم يقتصر على ذلك فحسب فقد اضطر الصبي الصغير وهو ما يزال فى سن
الثانية عشرة أن يساعد والديه فى كسب القوت.. فبدأ ببيع الصحف في قطارات السكة الحديدية.. ثم إنه قرر بعد ذلك أن يفتتح صحيفته الخاصة!

وبناءً على ذلك اشترى آلة طباعة صغيرة ومجموعة من الحروف القديمة بسعر زهيد ووضعها فى إحدى عربات البضائع التي كان يستعملها
كمختبرٍله في أوقات فراغه! وكان ينفق كل دخله في شراء أدوات ومواد لمختبره هذا..

وظل
توماس محرراً لصحيفته الأسبوعية البسيطة، ولاقت هذه الصحيفة رواجاً كبيراً حيث بلغ معدل توزيعها اليومي نحو مائتي نسخة.. وهكذا كان توماس أصغر صاحب صحيفة فى العالم إذ كان سنه حينذاك لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً..


وذات يوم اهتز القطار
اهتزازاً شديداً أدى إلى سقوط مواد كيميائية في مختبره مما أشعل النار في العربة كلها.. فطُرد أديسون من القطار.. وألقى حارس القطار بأديسون وأدواته على الرصيف..

بعدها عاد
توماس إلى بيته وقد تملكه اليأس.. ولكن أمه استقبلته باسمة وأخذت تشجعه وتبث فيه الأمل حتى استعاد عزيمته واستكمل تجاربه فى قبو منزله..


واستمر
أديسون في بيع الصحف في محطة القطار دون أن يسمح له بركوبه.. وحدث في إحدى لحظات تواجده في محطة القطار أن رأى طفلا يكاد يسقط على القضبان فقفز لينقذه بشجاعة دون أن يعلم أنه ابن رئيس المحطة..!

قال له رئيس المحطة:
اطلب ما تشاء كمكافأة.. ففاجأه الصبي بأن طلب أن يعلمه لغة مورس! وفعلاً وكمكافأة له عينه الرجل فى مكتب التلغراف وعلمه قواعد لغة مورس.. وكان هذا فتحا كبيرا له وكأنك علمت فتى العصر الحالي أعقد وأحدثلغات الكمبيوتر!


في الواقع أول اختراعات
أديسون كان التلغراف الآلي الذي طوّره من وحي عمله هذا! ولم يضع تعب والدته سدى.. لقد قال أديسون أنه صار مخترعاً من أجلها! بل إن أهم اختراعاته: المصباح الكهربائي، جاهد فيه من أجل والدته التي لم يتمكن الطبيب من إجراء الجراحة لها في الليل بسبب الظلام!








وهكذا وصلنا إلى ختام هذا الموضوع الذي آمل حقاً أن تكونوا قد استمتعتم بالإبحار في رحابه :")



الطفولة ليست مجرد مرحلة.. بل هي بداية حقيقية وتجربة مصغرة للحياة.. وكما قالت نوار (XD): "ينسى البعض عندما يكبرون أنهم كانوا أطفالاً.. حياة البعض أحيانا تحدد من خلال طفولتهم.. أنا شخصياً أعتقد ذلك.." :"")



الدكتورة ماري كلير كينغ، أستاذة الوراثة في جامعة واشنطن،تدين بمكانتها العلميَّـــة البــــــارزة بيــن علماء الوراثة في العالمللعبة أطفــــــال مكونة من ألف قطعة حمراء، أهداها إليها أبوهـا في عيد ميـلادهـا التاســــع.. وكانـت الطفلة ماري كلير تصنع من القطع الحمراء تكوينات معـقَّــدة تحيِّــرُ أفراد أســرتهـا وأصـدقاءهـا، فكانـوا يســألونهـا عمَّـا صنعــت، فـلا تجــد جـوابــاً. والآن، تدرك البروفسورة ماري كلير أن تلك التكوينات الغامضـة تشــبه، إلى حــد كبيـر، الشــريط الحامــل للصـفــات الوراثيـة..!


أ. و. ويلســـون، منشـــئ علــم "الاجتمــاع الأحيـــائي" والأســـتاذ في جامعة هارفرد.. عالِمٌ آخــر بدأ أنشطة الطفولة بهواية صيد الفراشـات وتحنيطهـا.. لم يكتــف الطفل ويلســون بالشــبكة التي أهداهـا إليـه والده، فقـام بصنــع شــبكته الخاصة، مســتخدماً يــد مكنســـة قديمـة وقطعـة قمـاش رقيـق وحلقـة من ســلك معدني.. ويقول الدكتور ويلســون: "قادني التأمل في الطبيعة، وأنا أطارد الفراشــات في المـروج، إلى الاهتمــام المبكـر بالعلوم الطبيعية، حتــى تخصصــتُ في علوم الحيـــاة".



وتطول القصص ولا تنتهي.. تذكروا فقط.. أن تتمسكوا بأحلام طفولتكم.. وأن تصنعوا منها مستقبلاً أفضل.. :")

ولا تنسوا الإجابة على سؤال الاستطلاع ^^