ربّما أكثر كواكب النظام الشمسي تميّزاً هو كوكب زحل، وذلك بسبب حلقاته العظيمة (برغم أنه ليس الوحيد، إذ أنّ جميع
الكواكب الغازية العملاقة تملك نظام حلقات، بيد أنها ليست بكثافة ووضوح حلقات زحل). قد يظنّ البعض بأنّ هذه الحلقات
هي حلقات حقيقية، بمعنى أنها مستمرّة ومتصلة، تماما كسوار ذهبيّ في معصم فتاة، فالحلقات الزحلية تبدو هكذا فعلاً
لمن يشاهدها باستعمال التلسكوب، ولكن الحقيقة غير ذلك، فقد أثبت الفيزيائي جيمس ماكسويل (المشهور باكتشافه
لمعادلات ماكسويل الكهرومغناطيسية) نظريّاً بأنّه من المستحيل أن تكون حلقات زحل "حلقات" بالمعنى الحرفي للكلمة،
لأنها لو كانت كذلك فإنها لن تكون مستقرّة وستتحطّم وستنهار على الفور منجذبة نحو كوكبها الأمّ، وأثبتَ بالرياضيات بأنّ
الحلقات يجب أن تتشكلّ من عدد لا يحصى من الأقمار الصغيرة: جسيمات صخرية/جليدية تتراوح أحجامها بين صخور صغيرة
إلى منازل كاملة، تدور كلها في نظام فوضويّ مستقرّ نسبيا في مستوى خط الإستواء لزحل.

وبعد حوالي مائة عام من هذا التنبّؤ، عندما بدأ عصر سبر أغوار الفضاء باستعمال المسابير الفضائية مثل "فواياجر" وغيرها
وإرسالها إلى كواكب المجموعة الشمسية، تأكّد الفلكيون أخيراً من طبيعة الحلقات الكوكبية: بأنّها فعلاً عبارة عن أسراب هائلة
من الكُتَل الصلبة المنفصلة التي تدور في مدارات حول هذه العوالم البعيدة والمتجمدّة.