نموذج ثانٍ من الوصف الوجداني: (نص: مناجاة القمر، للكاتب: مصطفى لطفي المنفلوطي، طُرِح في دورة 2011 العادية للثانوي الثالث إنسانيات):

1_ أيها الكوكب المطلُّ من علياء سمائه، أأنت عروس حسناء تشرف من نافذة قصرها، وهذه النجوم المبعثرة من حولك قلائد من جمان؟ أم ملك عظيم جالس فوق عرشه، وهذه النيِّرات حُورٌ وولدان؟ أم فصٌّ من ماس يتلألأ، وهذا الأفق المحيط بك خاتم صيغ من الأنوار؟ أم مرآة صافية، وهذه الهالة الدائرة بك إطار؟ أم عينٌ ثَرَّةٌ من الماء، وهذه الجداول جداولُ تتدفق؟ أو تنور مسجر، وهذه الكواكب شرر يتألق؟
2_ أيها القمر المنير: إنك أَنَرْتَ الأرض، وهادها ونجادها، وسهلها ووعرها، وعامرها وغامرها، فهل لك أن تشرق في نفسي فتنيرَ ظلمتَها، وتبدِّدَ ما أظَلَّها من سُحُبِ الهموم والأحزان؟
3_ أيها القمر المنير: إن بيني وبينك شبهًا واتصالًا، أنت وحيد في سمائك، وأنا وحيد في أرضي، كلانا يقطع شوطه صامتًا هادئًا منكسرًا حزينًا، لا يَلْوِي على أحد، ولا يُلْوِي عليه أحد، وكلانا يبرز لصاحبه في ظلمة الليل فيسايره ويناجيه، يراني الرائي فيحسبني سعيدًا لأنه يغترُّ بابتسامة في ثغري، وطلاقة في وجهي، ولو كُشف له عن نفسي، ورأى ما تنطوي عليه من الهموم والأحزان، لبكى لي بكاء الحزين إثر الحزين، ويراك الرائي فيحسبُكَ مغتبطًا مسرورًا، لأنه يغترُّ بجمال وجهك، ولمعان جبينك، وصفاء أديمك، ولو كُشِفَ له عن عالمك لرآه عالَمًا خرابًا، وكوكبًا يبابًا، لا تهبُّ فيه ريح ولا يتحرَّك شجر، ولا ينطق إنسان، ولا يبغم حيوان.
4- أيها القمر المنير: كان لي حبيب يملأ نفسي نورًا، وقلبي لذة وسرورًا، وطالما كنتُ أناجيه ويناجيني بين سمعكَ وبصركَ، وقد فرَّقَ الدهر بيني وبينه، فهل لك أن تحدِّثَني عنه وتكشفَ لي عن مكان وجوده؟ فربَّما كان ينظر إليك نظري، ويناجيك مناجاتي، ويرجوك رجائي، وها أنذا كأني أرى صورته في مرآتك، وكأني أراه يبكي من أجلي كما أبكي من أجله، فأزداد شوقًا إليه، وحزنًا عليه.
5_ أيها القمر المنير: ما لي أراكَ تنحدرُ قليلًا قليلًا إلى الغروب كأنك تريد أن تفارقني؟ وما لي أرى نورك الساطع قد أخذ في الانقباض شيئًا فشيئًا؟ وما هذا السيف المسلول الذي يلمع من جانب الأفق على رأسك؟ قف قليلًا لا تغب عني، لا تفارقني، لا تتركني وحيدًا، فإني لا أعرف غيرك ولا آنس بمخلوق سواك.
6_ آه! لقد طلع الفجر ففارقني مؤنسي، وارتحل عني صديقي، فمتى تنقضي وحشة النهار، ويقبل إليَّ أنس الظلام؟

توظيف النمط الوصفي في هذا النموذج (بإعدادي الشخصي):

أ_ كثرة الصفات على أنواعها:
النعوت: عروس حسناء تشرف، خاتم صيغَ، الهالة الدائرة، عظيم جالس، أنت وحيد، أنا وحيد...
الأحوال: صامتًا، هادئًا، منكسرًا، حزينًا، وحيدًا...
الأخبار: أأنت عروس، هذه قلائد، هذه حور، ملك عظيم، أنت وحيد...
ب_ الظروف الدالَّة على المكان: علياءِ سمائه، نافذة قصرها، الأفق المحيط بك...
ج_ كثافة التصوير البياني باستخدام التشابيه والاستعارات: أأنت عروس حسناء، تشرف من نافذة قصرها، وهذه النجوم المبعثرة من حولك قلائد من جمان، ملك عظيم جالس فوق عرشه، وهذه النيِّرات حُورٌ وولدان، كلانا يقطع شوطه هادئًا صامتًا، كلانا يبرز لصاحبه فيسايره ويناجيه، هل لك أن تحدثني...
د_ بروز ذاتية الواصف من خلال استخدام: ضمائر المتكلم: نفسي، بيني، أنا، كلانا، يراني، فيحسبني... وضمائر المخاطَب: أيها، أأنتَ، إنكَ، أنرتَ، لكَ، تشرقَ، تنيرَ، أراكَ...
هـ_ تنوع الأساليب بين: الخبري: أنت وحيد في سمائك، وأنا وحيد في أرضي، كلانا يقطع شوطه صامتًا، كلانا يبرز لصاحبه في ظلمة الليل، يراني الرائي فيحسبني سعيدًا، ويراك الرائي فيحسبُكَ مغتبطًا مسرورًا،كان لي حبيب يملأ نفسي نورًا... الخبري المؤكد: إن بيني وبينك شبهًا واتصالًا، لأنه يغتر بابتسامة في ثغري، لأنه يغتر بجمال وجهك... الإنشائي: أأنت عروس حسناء تشرف من نافذة قصرها، وهذه النجوم المبعثرة من حولك قلائد من جمان؟ أم ملك عظيم جالس فوق عرشه، وهذه النيِّرات حُورٌ وولدان؟ أيها القمر المنير، ما لي أراكَ تنحدرُ قليلًا قليلًا إلى الغروب كأنك تريد أن تفارقني؟ وما لي أرى نورك الساطع قد أخذ في الانقباض شيئًا فشيئًا؟ قف قليلًا، لا تغب عني، آه! فمتى تنقضي وحشة النهار ويقبل إليَّ أنس الظلام؟
و_ الأفعال المضارعة الدالَّة على الحيوية والتجدد والاستمرار: تشرف من نافذة قصرها، فص من ماس يتلألأ، جداول تتدفق، شرر يتألق، تشرق في نفسي فتنير ظلمتها...
ز_ الجمل الاسمية، والأفعال الماضية، الدالَّة على الثبات والتعريف والإيجاز: أأنت عروس حسناء؟ وهذه النجوم المبعثرة من حولك قلائد، خاتم صيغَ من الأنوار، إنك أنرتَ الأرض، قد أخذ في الانقباض، لقد طلع الفجر...