من هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي


احفظ كتـــاب الله في الأرض






احفظ كتـــاب الله في الأرض ...
-------------------------------------

فكنت ممن حقق الله بهم موعوده في قوله عز وجل : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ).

القـــرآن هو العلم الحقيقـــي ...
--------------------------------------

قال تعالى : ( بل هو آيات بينات في صدور الذين أتوا العلم(

ففي صدرك كتاب لا يغسله الماء وقد جاء في الكتب المقدسة في صفة هذه الأمة : " أنا جيلهم

في صدورهم " .






حافظ على نعمة تغبطها ...
----------------------------------

حسدك هو الحسد الجائز , قال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تحاسد إلا في اثنتين : رجل آتاه

الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل و آناء النهار فهو يقول : لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما

يفعل , ورجل آتاه الله مالا فهو ينفعه في حقه فيقول : لو أوتيت مثل ما أوتي عملت فيه مثل ما

يعمل } .

والحسد الجائز هو الغبطة وهي تمني مثل ما للغير من الخير دون تمني زوال النعمة عنه .








يـــا حافظ الــقرآن أنت أترجة الدنيـــا ...
---------------------------------------------
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب

وطعهما طيب } . قوله ( طعمها طيب وريحها طيب ) خصّ صفة الإيمان بالطعم وصفة التلاوة

بالرائحة , لأن الطعم أثبت وأدوم من الرائحة .

والحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح أنها

يتداوى بقشرها , ويستخرج من حبها دهن له منافع , وقيل : إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه

الأترج , فناسب أن يمثل به القـــرآن الذي لا تقربه الشياطين , وغلاف حبّه أبيض فيناسب قلب

المؤمن , وفيها أيضا من المزايا كبر جرمها وحسن منظرها وتفريح لونها ولين ملمسها , وفي أكلها

مع الالتذاذ طيب نكهة وجوده هضم ودباغ معدة .








أنت في مرتبة عليـــا ...
---------------------------
روت أمك عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { مثل الذي يقرأ القـرآن

وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة } .

والسفرة : الرسل , لانهم يسفرون إلى الناس برسالات الله , وقيل السفرة : الكتبة.

والبررة : المطيعون , من البر وهو الطاعة .

والماهر : الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا تشق عليه القراءة لجودة حفظه وإتقانه , قال

القاضي : يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكة

السفرة , لا تصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى , وقال : يحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم

وسالك مسلكهم .

والماهر أفضل و أكثر أجرا , لأنه مع السفرة وله أجور كثيرة , ولم يذكر هذه المنزلة لغيره , وكيف

يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه ؟!.




أقبل على مأدبة الله تعالى ...
-----------------------------------
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " إن هذا القرآن مأدبة الله فخذوا منه ما استطعتم ,

فإني لا أعلم شيء أصغر من بيت ليس فيه من كتاب الله شيء , وإن القلب الذي ليس فيه من

كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا ساكن له " .








نجاتك بقـــرآنك ...
---------------------
عن أبي أمامة أنه كان يقول : " اقرءوا القرآن ولا يغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لن يعذب

قلبا وعى القرآن "




شفيعك يوم القيامة ...
--------------------------
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يجيء القرآن يوم القيامة

فيقول : يا رب , حله فيلبس تاج الكرامة , ثم يقول : يارب زده فيلبس حلة الكرامة , ثم يقول : يارب

ارض عنه فيرضى عنه , فيقال له : اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة } .

فوائد حفظك كتــــاب الله ...
-------------------------------
عن بريدة رضي الله عنه قال : كنت جاليا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول : {

تعلموا سورة البقرة , فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة , قال : ثم مكث ساعة

ثم قال : تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما


غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف , وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه

قبره كالرجل الشاحب فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك فيقول له : هل تغرفني ؟

فيقول ما أعرفك , فيقول : أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك , وإن كل

تاجر من وراء تجارته , وإنك اليوم من وراء كل تجارة , فيعطي الملك بيمينه والخلد بشماله , ويوضع

على رأسه تاج الوقار , ويكسى والده حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا , فيقولان : بم كسينا هذه ؟

فيقال : بأخذ ولدكما القرآن , ثم يقال له اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها , فهو في صعود ما دام

يقرأ هذا كان أو ترتيلا } .



تعاهد ما حفظت ...
------------------------
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده أشد

تفصّيا من الإبل في عقلها } .

قوله : ( تعاهدوا ) أي استذكروا القرآن وواظبوا على تلاوته , واطلبوا من أنفسكم المذاكرة به ولا

تقصروا في معاهدته واستذكروه ... من شأن الإبل تطلب التفلت ما أمكنها , فمتى لم يتعاهدها

برباطها تفلتت , فكذلك حافظ القرآن إن لم يتعاهده تفلت بل هو أشد في ذلك .
لا تزحزح نفسك عن هذه الرتبة العالية بعد إذ نلتها ...
--------------------------------------------------------------
قال ابن حجر - رحمة الله - في الفتح : اختلف في نسيان القرآن , فمنهم من جعل ذلك من

الكبائر , قال الضحاك بن مزاحم : ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه , لأن الله يقول :

( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) , ونسيان القرآن من أعظم المصائب .

وجاء عن أبي العالية - رحمة الله - : " كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه

حتى ينساه " .

ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن : " كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولا

شديدا ... "

والإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون

بأمره ... وترك معاهدة القرآن يفضي إلى الردوع إلى الجهل , والرجوع إلى الجهل بعد العلم

شديد .

وقال إسحاق بن رواهوية : " يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن "





إحفظ به جوارحك ...
-------------------------
قال القرطبي - رحمة الله - في تفسيره : يجب على حامل القرآن وطالب العلم أن يتقي الله في

نفسه ويخلص العمل لله , فإن كان تقدم له شيء مما يكره فليبادر التوبة والإنابة , وليبتدئ

الإخلاص في الطلب وعمله , فالذي يلزم حامل القرآن من التحفظ أكثر مما يلزم غيره , كما أن له

من الأجر ما ليس لغيره



تذكـــر العمل ...
---------------------
فقد وقع في رواية شعبة عن قتادة : " المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به مع السفرة والكرام

والبررة " وهي زيادة مفسرة للمواد , وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن ولا يخالف ما اشتمل عليه

من أمر ونهي وليس التلاوة فقط .


قدر مكانة الذي في صدرك وأعطيه حقه ومنزلته ...
----------------------------------------------------
وكما ارتقيت إلى المنزلة العالية بحفظه فعليك في المقابل مسؤولية وواجبا يوازي ذلك , فإن

الحفظ ليس نيشانا يعلق ولا شهادة تزوق ولا مكافآت تفرق , لكنه أمانة يجب القيام بحقها .

ينبغي لحامل القرآن أن يكون على أكرم الأحوال وأكرم الشمائل .

قال الفضيل بن عياض : حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي له أن يلهو مع من يلهو , ولا

يسهو مع من يسهو , ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن .

إنه ثابت الجنان قائم على الحق , ولما حارب المسلمون مسيلمة الكذاب وقتل حامل رايتهم زيد بن

الخطاب تقدم لأخذها سالم مولى أبي حذيفة فقال المسلمون : يا سالم , إنا نخاف أن نؤتي من

قبلك , فقال : " بئس حامل القرآن أنا إن أتيتم من قبلي " . فقطعت يمينه فأخذه اللواء بيساره ,

فقطعت يساره فاعتنق اللواء وهو يقول : ( وما محمد إلا رسول ) ( وكأين من نبي قاتل معه ربّيون

كثير ) فلما صرع قيل لأصحابه : ما فعل أبو حذيفة ؟ قيل : قتل .


إيــــــاك والتكبر على من ليس بحافظ , فلم بما أفلح المقل المعذور وخسر الحافظ المغرور ...
---------------------------------------------------------------------------------------------
عن عبد الله بم عمرو قال ك أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقرئني يا رسول

الله و قال له : { اقرأ ثلاثا من ذات ( الر ) } فقال الرجل : كبرت سني وأشتد قلبي وغلظ لساني ,

قال : { فاقرأ من ذات ( حم ) } فقال مثل مقالته الأولى , فقال : { اقرأ ثلاث من المسبحات } فقال

مثل مقالته , فقال الرجل : ولكن أقرئني يا رسول الله سورة جامعة , فأقرأه { ( إذا زلزلت الأرض ) }

حتى إذا فرغ منها قال الرجل : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدا ثم أدبر الرجل , فقال رسول

الله : { أفلح الريجل أفلح الرويجل } .


لا تنتظر من الناس ثناء ولا تقديرا وجاهد أن لا تتأثر بمدحهم وإطرائهم لإخلاصا لله ...
---------------------------------------------------------------------------------------------------
نعم يجب عليهم أن يرقروا حاملة القرآن , لأن في جوفها كلام الله , وإن من إجلال الله إكرام حامل

القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه , قال ابن عبد البرّ رحمه الله : " وحملة القرآن هم

المحفوفون برحمة الله و والمعظمون كلام الله , والملبسون نور الله , فمن والاهم فقد والى الله ,

ومن عاداهم فقد استخف بحق الله تعالى "


فضل إنهــاء الحفظ ...
-----------------------
فإذا تخرجت الأخت من دار تحفيظ القرآن ودنا الرحيل وقرب الفراق من المدرسة , فينبغي تذكر

المجهود وتقدير المنزلة حق قدرها , ويختم بوصية مناسبة , وهذه كلمات عبد الله بن مسعود

رضي الله عنه وهو يودع طلابه في الكوفة بعد أن اجتهد في تعليمهم وتحفيظهم وأراد السفر إلى

المدينة .

عن عبد الرحمن بن عباس قال : حدثنا رجل من همدان من أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله

عنه قال : " لما أراد عبد الله أن بأتي المدينة جمع أصحابه فقال : والله إني لأرجو أن يكون قد أصبح

اليوم فيكم من أفضل ما أصبح في أجناد المسلمين من الدين والفقه والعلم بالقرآن , وإنّ هذا

القرآن أنزل على حروف , فمن قرأه على شيء من تلك الحروف التي علّم رسول الله صلى الله

عليه وسلم فلا يدعه رغبة عنه , فإنه من يجحد بآية منه يجحد به كله " .




*** انتهى***