منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

[ منتدى قلم الأعضاء ]


صفحة 12 من 12 الأولىالأولى ... 23456789101112
النتائج 221 إلى 236 من 236
  1. #221


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الثامن و السبعــــــــــون : الرفق .. إلا زانه ..
    يقول الشيخـ :::: تكرر على ألسنتنا كثيراً عندما نعجب بشخص ما ..
    أن نصفه قائلينـ .. فلان رزين .. فلان ثقيل .. فلان راكد ..
    وإذا أردنا مذمة شخصـ قلنا : فلان عجول .. فلان خفيّفـ ..
    أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فيقول : ما كان الرفق في شيء إلا زانه ..
    وما نزع من شيء إلا شانه .. هل تستطيع تحريك طن الحديد بأصبع ؟
    نعم : إذا أحضرت رافعة .. ثم ربطته برفق .. وأحكمت ربطه ..
    ثم رفعته .. فإذا تعلق في الهواء .. حركه بأصغر أصابعكـ ..
    اتفقـ صديقان على أن يتقدما لرجل لخطبة ابنتيه .. كانت إحداهما أكبر منـ الأخرى ..
    قال أحدهما للآخر : أنا آخذ الصغيرة .. وأنت تأخذ الكبيرة ..
    فصاح صاحبه : لااااا .. بل أنت خذ الكبيرة .. وأنا آخذ الصغيرة ..
    فقال الأول : طيب .. أنت تأخذ الصغيرة .. وأنا آخذ التي أصغر منها ..قال : موافقـ ..!!
    ولم يدرك أن صاحبه ما غير قراره .. سوى أنه غير أسلوب الكلام برفقـ ..
    وفي الحديث : إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ..
    وإذا أراد الله بأهل بيت شراً . نزع منهم الرفق .. وفيه : إن الله رفيق يحب الرفق ..
    ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .. وما لا يعطي على ما سواه ..
    الرفيقـ .. الهين اللين .. محبوب عند الناس .. تطمئن إليه النفوسـ .. وتثق فيه ..
    خاصة إذا صاحبـ ذلك وزن للكلام .. وقدرة على التعامل الرائعـ ..
    من أشهر طلابـ علماء الحنفية الإمام أبو يوسف القاضيـ ..هو أشهر طلابـ أبي حنيفة ..
    كان أبو يوسف في صغره فقيراً .. وكان أبوه يمنعه من حضور درس أبي حنيفة ..
    ويأمره بالذهاب للسوق لتكسب كان أبو حنيفة حريصاً عليه .. وإذا غاب عاتبه ..
    فاشتكى أبو يوسف يوماً إلى أبي حنيفة حاله مع والده ..
    فاستدعى أبو حنيفة والد أبي يوسف وسأله : كم يكسب الولد كل يومـ ؟
    قال : درهمان .. قال : أنا أعطيك الدرهمين .. ودعه يطلب العلمـ ..
    فلازم أبو يوسف شيخه سنين .. فلما بلغ أبو يوسف سن الشباب .. ونبغ على أقرانه ..
    أصابه مرض أقعده ..فزاره أبو حنيفة .. وكان المرض شديداً متمكناً منه ..
    فلما رآه أبو حنيفة حزن .. وخاف عليه الهلاكـ ..
    وخرج وهو يكلم نفسه قائلاً : آآآه يا أبا يوسف .. لقد كنت أرجوك للناس من بعدي !!
    ومضى أبو حنيفة يجر خطاه حزيناً إلى حلقته وطلابه ..
    ومضت يومان .. فشفي أبو يوسف .. واغتسل ولبس ثيابه ليذهب لدرس شيخه ..
    فسأله من حوله : إلى أين تذهب ؟ قال : إلى درس الشيخ ..
    قالوا : إلى الآن تطلب العلم ؟ أنت قد اكتفيت .. أما بلغك ما قال فيك الشيخ ؟
    قال : وما قال ؟! قالوا : قد قال : كنت أرجوك للناس من بعدي ..
    أي أنك قد حصلت كل علم أبي حنيفة .. فلو مات الشيخ اليوم جلست مكانه ..
    فأعجبـ أبو يوسف بنفسه ..ومضى إلى المسجد ورأى حلقة أبيـ حنيفة في ناحية ..
    فجلس في الناحية الأخرى .. وبدأ يدرس ويفتي ..
    التفتـ أبو حنيفة إلى الحلقة الجديدة .. فسأل : حلقة من هذه ؟
    قالوا : هذا أبو يوسف .. قال : شُفي من مرضه ؟!
    قالوا : نعم .. قال : فلم لم يأت إلى درسنا ؟!
    قالوا :حدثوه بما قلت .. فجلس يدرس الناس واستغنى عنك ..
    ففكر أبو حنيفة كيف يتعامل مع الموقف برفق .. وجعل يفكر ثم قال :
    يأبى أبو يوسفـ إلا أن نقشِّر له العصا !! ثم التفت إلى أحد طلابه الجالسينـ ..
    وقال : يا فلان .. اذهبـ إلى الشيخ الجالس هناك .. يعني أبا يوسف ..
    فقل له : يا شيخ .. عنديـ مسألة .. فسيفرح بك ويسألك عن مسألتك .. فما جلس إلا ليسأل !!
    فقل له : رجل دفع ثوباً له إلى خياط ليقصره .. فلما جاءه بعد أيام يريد ثوبه جحده الخياط ..
    وأنكر أنه أخذ منه ثوباً .. فذهب الرجل إلى الشرطة فاشتكاه فأقبلوا واستخرجوا الثوب من الدكان ..
    والسؤال : هل يستحق الخياط أجرة تقصير الثوب أم لا يستحقـ ؟
    فإن أجابك وقال : يستحقـ .. فقل له : أخطأت ..
    وإن قال : لا يستحق .. فقل له : أخطأتـ ..
    فرح الطالب بهذه المسألة المشكلة .. ومضى على أبي يوسف وقال : يا شيخ .. مسألة ..
    قال : ما مسألتك ؟ قال : رجل دفع ثوباً إلى خياطـ ..
    فأجاب أبو يوسف على الفور قائلاً : نعم يستحق الأجرة .. ما دام أتم العمل ..
    فقال السائل : أخطأتَ ..فعجب أبو يوسف .. وتأمل في المسألة أكثر ..
    ثم قال :لا .. لا يستحق الأجرة ..فقال السائل : أخطأتـ ..
    فنظر أبو يوسف إليه .. ثم سأله : بالله من أرسلكـ ..
    فأشار إلى أبي حنيفة .. وقال : أرسلني الشيخ ..
    فقام أبو يوسف من مجلسه .. ومضى حتى وقف على حلقة أبي حنيفة ..
    وقال : يا شيخ .. مسألة ..فلم يلتفت أبو حنيفة إليه ..
    فأقبل أبو يوسف حتى جثى على ركبتيه بين يدي الشيخ .. وقال بكل أدب : يا شيخ .. مسألة
    قال : ما مسألتك ؟ .. قال : تعرفها ..
    قال : مسألة الخياط والثوب ؟ .. قال : نعم ..
    قال : اذهب وأجب .. ألست شيخاً .. قال : الشيخ أنت ..
    فقال ابو حنيفة : ننظر في مقدار تقصير الخياط للثوب .. فإن كان قصره على مقاس الرجل ..
    فمعنى ذلك أنه قام بالعمل كاملاً .. ثم بدا له أن يجحد الثوب ..
    فيكون قام بالعمل لأجل الرجل .. فيستحق عليه الأجرة ..
    وإن كان قصره على مقاس نفسه .. فمعنى ذلك أنه قام بالعمل لأجل نفسه ..
    فلا يستحق على ذلك أجرة .. فقبل أبو يوسف رأس أبي حنيفة .. ولازمه حتى مات أبو حنيفة ..
    ثم قعد أبو يوسف للناسـ من بعده .. فلو استعمل الزوجان الرفق مع بعضهما ..
    وكذلك الأبوان .. والمدراء .. والمدرسونـ ..
    نستعمل الرفق دائماً .. في سواقة السيارة .. في التدريس .. في البيع والشراء ..
    وإن كان المرء قد يحتاج الشدة أحياناً .. حتى في النصح .. وهذا هو الحكمة في النصيحة ..
    وهي وضع الأمور في مواضعها ..وقد كان غضبه صلى الله عليه وسلمـ دائماً ..
    إن غضب .. في الأمور الدينية ..
    فما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ لنفسه قط .. إلا أن تنتهك حرمة من محارم الله ..
    قابل عمر بن الخطاب رضيـ الله عنه يوماً رجلاً من اليهود ..
    فأطلعه على كلام في التوراة .. فأعجبه .. فأمره فنسخه له ..
    ثم جاء عمر بهذه الصحيفة من التوراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فقرأها عليه .. فلاحظ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن عمر معجب بما معه ..
    وأن التلقي عن الديانات السابقة .. إن فُتح المجال له ..
    اختلط ذلك بالقرآن .. والتبس الأمر على الناس .. وكيف يفعل عمر ذلك ..
    وينسخ .. ويكتب .. دون استئذان النبي صلى الله عليه وسلمـ .. !!
    فغضب صلى الله عليه وسلمـ .. وقال : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟!
    أي شاكّون في شريعتي ..والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ..
    لا تسألوهم عن شيء .. فيخبروكم بحق فتكذبوا به .. أو بباطل فتصدقوا به ..
    والذي نفسي بيده لو أن موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعنيـ ..
    والله يا معشر قريش لقد جئتكم بالذبحـ ..
    في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه وسلمـ .. كان صلى الله عليه وسلمـ ..
    يأتي عند الكعبة وقريش في مجالسهم .. ويصلي .. ولا يلتفت إليهم ..
    وكانوا يؤذونه بأنواع الأذى .. وهو صابر ..
    وفي يوم .. اجتمع أشرافهم في الحجر .. فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط .. سفّهَ أحلامنا .. وشتم آباءنا ..
    وعاب ديننا .. وفرق جماعتنا .. وسب آلهتنا .. وصرنا منه على أمر عظيمـ ..
    فبينما هم في ذلك .. إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فأقبل يمشي حتى استلم الركن .. ثم مر بهم طائفاً بالبيت . .فغمزوه ببعض القول ..
    فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فرفق بهم .. وسكت عنهمـ .. ومضى ..
    فلما مر بهم الثانية .. غمزوه بمثلها ..فتغير وجهه أيضاً .. فسكت عنهم .. ومضى في طوافه
    فمر بهم الثالثة .. فغمزوه بمثلها .. فرأى أن الرفق لا يصلح مع أمثال هؤلاء ..
    فوقف عليهم وقال : أتسمعون يا معشر قريش !! أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح ..
    ووقف أمامهمـ فلما سمع القوم هذا التهديد .. الذبح .. وهو الصادق الأمينـ ..
    انتفضوا .. حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع ..
    حتى أن أشدهم عليه ليتلطف معه .. وصاروا يقولون : انصرف أبا القاسم راشدا ..
    فما كنت جهولاً ..فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلمـ عنهم .. نعمـ ..
    إذا قيل : حلم ، قل : فللحلم موضع .. وحلم الفتى في غير موضعه جهل
    وإن كان المتتبع لسيرة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يجد أنه كان يغلب ..
    الرفق دائماً .. انتبه !! ليس الضعف والجبن .. وإنما الرفقـ ..
    ومن مواقف الرفقـ .. أنه بعد وقعة بدر بشهر ..
    أراد أبو العاص زوج زينب بنت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن يرسلها إلى المدينة عند أبيها ..
    فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلمـ زيد بن حارثة .. ورجلاً من الأنصار ..
    فقال : كونا ببطن يأجح حتى تمر بكما زينب فتصحباها فتأتياني بها ..
    فخرجا مكانهما .. فأمرها أبو العاص بالتجهز .. فبدأت في جمع متاعها ..
    فبينما هي تتجهز .. لقيتها هند بنت عتبة .. زوجة أبي سفيانـ ..
    فقالت : يا ابنة محمد .. ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك ؟
    قالت : ما أردت ذلك .. فقالت : أي ابنة عم .. أن أردت أن تفعلي ..
    فإن كان لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك .. أو بمال تتبلغين به إلى أبيك ..
    فإن عندي حاجتك فلا تضطني مني .. أي لا تخجليـ ..
    فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال ..
    قالت زينب : والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل .. ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلكـ ..
    فلما أتمت جهازها .. قدّم إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيراً ..
    فركبته و أخذ قوسه و كنانته ..
    ثم خرج بها نهاراً يقود بها و هي في هودج لها ..
    فرآها الناس .. و تحدث بذلك رجال من قريش .. كيف تخرج إليه ابنته وقد فعل بنا ما فعل في بدر ..
    فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى ..
    وكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود .. فروعها بالرمح و هي في الهودج ..
    فقيل : إنها كانت حاملاً ففزعت .. وطرحت ولدها ..
    وأقبل الكفار يتسابقون إليها .. ومعهم السلاح ..وهي ليس معها إلا أخو زوجها كنانة ..
    فلما رأى ذلك .. وبرك على الأرض .. ثم نثر كنانته وصف رماحه بين يديه .. ثم قال ..
    و الله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما .. وكان رامياً ..
    فتكركر الناس عنه وتراجعوا ..وأخذوا ينظرون إليه من بعيد ..
    لا هو يقدر على الذهاب .. ولا هم يجترئون على الاقتراب منه
    حتى بلغ أبا سفيان أن زينب خرجت إلى أبيها ..
    فأقبل في جلة جمع من قريش .. فلما رأى كنانة قد تجهز بنبله ..
    ورأى القوم قد استوفزوا لقتاله ..صاح به وقال : يا أيها الرجل .. كف عنا نبلك حتى نكلمك ..
    فكف نبله .. فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه .. فقال :
    إنك لم تصب .. خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية ..
    وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا في بدر .. و ما دخل علينا من محمد .. قتل أشرافنا .. ورمل نساءنا
    فإذا رآك الناس .. وتسامعت القبائل .. أنك خرجت بابنته علانية ..
    على رؤوس الناس من بين أظهرنا .. أن ذلك عن ذل أصابنا .. وأن ذلك ضعف منا ووهنـ ..
    ولعمري مالنا بحبسها من أبيها من حاجة .. ومالنا من ثأر عليها ..
    ولكن ارجع بالمرأة .. حتى إذا هدأت الأصوات .. وتحدث الناس أن قد رددناها ..
    فسُلّها سراً .. وألحقها بأبيها .. فلما سمع كنانة ذلك .. اقتنع به .. وعاد بها ..
    فأقامت ليالي في مكة .. حتى إذا هدأت الأصوات .. خرج بها ليلة من الليالي .. فمشى بها ..
    حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه ..فقدما بها ليلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    :: وحي ::
    ما كان الرفق في شيء إلا زانه .. وما نزع من شيء إلا شانه ..

  2. #222


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ التاسع و السبعــــــــــون : بين الحي .. والميت ..
    يقول الشيخـ :::: كانـ ثقيلاً على الناسـ على زملائه جيرانه ..
    إخوانه .. حتى على أولاده .. نعمـ .. كان ثقيل الدمـ ..
    طالما سمعهمـ مراراً يقولون : يا أخي ما عندك مشاعر !!
    لم يكن يتفاعل معهمـ أبداً .. أتاه ولده يوماً فرحاً مستبشراً ..
    يلوّح بدفتر الواجبـ .. وقد وقع المدرس فيه كلمة " ممتاز " .. لم يلتفت الأب إليه ..
    وإنما قال : طيبـ .. عاديـ .. والله لو أنك جايب شهادة الدكتوراه !!
    كان المنتظر غير ذلك .. طالب عنده في الفصل .. كان خفيف الدمـ ..
    لاحظ ثقل الدرس ( والمدرس !!) فلطف الجوَّ بنكتة أطلقها ..
    فلم تتحركـ تعابير وجه المدرس وإنما قال : تستخف دمكـ ؟!
    كنت أتمنى أن يكونـ تصرفه غير ذلك .. دخل إلى البقالة ..
    فقال له العامل البسيط : الحمدلله جاءتني رسالة من أهلي ..
    لم يتفاعل .. هلا سأل نفسه لماذا أخبره أصلاً .. ليشاركه فرحته ..
    زار أحد زملائه .. فوضع له القهوة والشاي ..
    ثم دخل البيت وجاء بطفله الأول حديث لاولاده .. قد لفه في مهاده ..
    ولو استطاع أن يلفه بجفون عينيه لفعل .. ثم وقف به بين يديه
    وقال : ما رأيك في هذا البطل ؟
    فنظر إليه ببرود .. وقال .. ما شاء الله .. الله يخلي لك إياه ..
    ثم رفع فنجال الشاي ليشرب .. كان المنتظر أن يتفاعل أكثر .. يأخذ الغلام بين يديه ..
    يقبله .. يمدح جماله .. وصحته .. لكن صاحبنا كان ( غبياً ) عندما تتعامل مع الناسـ ..
    قسـ الأمور بأهميتها عندهم .. لا عندك أنت ..
    فكلمة "ممتاز" بالنسبة لولدك أغلى عنده من شهادة الدكتوراه عند الدكتور ..
    وهذا المولود عند صاحبك أغلى عنده من الدنيا .. كلما رآه ودَّ أن يشق قلبه ويسكنه فيه ..
    أفلا يستحق منك حبك لصاحبك أن تشاركه ولو بعض شعوره ..
    أحياناً يكون بعض الناسـ متحمساً لشيء معينـ ..
    لذلك تجد الذينـ لا يتفاعلون مع الناسـ يشتكيـ أحدهم دائماً ..
    لماذا أولادي لا يحبونـ ( السوالف ) معي ..
    فنقول : لأنهم يحكون لك النكتة فلا تتفاعل .. ويروون قصصهم في مدارسهمـ ..
    وكأنهم يكلمونـ جداراً .. حتى ذكر لك شخصـ قصة .. أنت تعرفها .. فلا مانع من التفاعل معه ..
    قال عبدالله ابن المباركـ : والله إن الرجل ليحدثنيـ بالحديث ..
    وأنا أعرفه من قبل أن تلده أمه فأسمعه منه .. وكأني أول مرة أسمعه .. ما أجمل هذه المهارة ..
    قبيل معركة الخندقـ .. عمل المسلمون في حفر الخندق حتى أحكموه ..
    وكان من بينهمـ رجل اسمه جعيل ..
    فغيره النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عمرو .. فكان الصحابة يشتغلون ..
    ويعملون .. ويرددون قائلين :
    سماه من بعد جعيل عمراً ***وكان للبائس يوماً ظهراً
    فكانوا إذا قالوا : عمراً .. قال معهمـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ : عمراً ..
    وإذا قالوا : ظهراً .. قال لهم : ظهراً .. فيتحمسونـ أكثر .. ويشعرون أنه معهمـ ..
    والله لولا الله ما اهتدينا .. ولما أقبل الليل عليهمـ اشتد البرد .. واستمروا يحفرونـ ..
    فخرجـ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..فرآهم يحفرون بأيديهم راضينـ ..
    مستبشرين .. فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قالوا ..
    نحن الذين بايعوا محمداً **** على الجهاد ما بقينا أبدا
    فقال مجيباً لهمـ : اللهم إن العيش عيش الآخرة ، فاغفر للأنصار والمهاجرة ..
    ويستمر تفاعله معهمـ .. طوال الأيامـ .. فسمعهمـ وقد علاهم الغبار .. وهم يرددون ..
    والله لولا الله ما اهتدينا **** ولا تصدقنا ولا صلينا
    فأنزلن سكينة علينا **** وثبت الأقدام إن لاقينا
    إن الألى قد بغوا علينا **** إذا أرادوا فتنة أبينا
    فكان يرفعـ صوته متفاعلاً معهمـ قائلاً : أبينا .. أبينا ..
    وكانـ صلى الله عليه وسلمـ إذا مازحه أحد تفاعل معه .. وضحك وتبسمـ ..
    دخل عليه عمر وهو صلى الله عليه وسلمـ غضبان على نسائه ..
    لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة ..فقال عمر : يَا رَسُولَ اللَّهِ ..
    لَوْ رَأَيْتَنا وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍـ .. نَغْلِبُ النِّسَاءَ ..
    فكنا إذا سألت أحدَنا امرأتُه نفقةً قام إليها فوجأ عنقها ..
    فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ .. فطفقـ نساؤنا يتعلمنـ من نسائهمـ ..
    فَتَبَسَّمَـ النَّبِيّـُ صلى الله عليه وسلمـ .. ثم زاد عمر الكلامـ ..
    فازداد تبسمـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    وتقرأ في أحاديث أنه تبسم حتى بدت نواجذه ..
    وكانـ صلى الله عليه وسلمـ يتعامل مع أنواع من الناس لا يقدرون التعامل الراقيـ ..
    ولا يتفاعلون معه .. بل ينغلقون ويتعجلونـ .. ومع ذلك كان يصبر عليهمـ ..
    كانـ صلى الله عليه وسلمـ .. يوماً نازلاً بموضعـ يقال له "الجعرانة " بين مكة والمدينة ..
    ومعه بلال .. فجاءه صلى الله عليه وسلمـ أعرابي ..
    يبدو أنه كان قد طلبـ من النبيـ صلى الله عليه وسلمـ حاجة فوعده بها ولم تتيسر بعد ..
    وكان الأعرابي مستعجلاً .. فقال : يا محمد .. ألا تنجز لي ما وعدتني ؟
    فقال له صلى الله عليه وسلمـ متلطفاً : أبشر .. وهل هناك كلمة أرق منها ..!!
    فقال الأعرابيـ بكل صلافة : قد أكثرت علي من أبشر !
    فغضب النبيـ صلى الله عليه وسلمـ من عبارته .. لكنه كتم غيظه ..
    والتفت إلى أبيـ موسى وبلال وكانا جالسين بجانبه ..
    فقال : رد البشرى فاقبلا أنتما .. فاستبشرا ..
    ثم دعا صلى الله عليه وسلمـ بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجَّ فيه ..
    ثم قال : اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا .. أي ببركة هذا الماء ..
    فأخذا القدح ففعلا ..وكانت أم سلمة رضيـ الله عنها قريبة منهم .. جالسة وراء ستار ..
    فأرادت أن لا تفوتها البركة .. فنادت من وراء الستر : أفضلا لأمكما .. أي أبقيا لها منه ..
    فأفضلا لها منه طائفة .. إذن كان لطيف المعشر .. أنيس المجلس .. متحملاً ..
    لا يعمل قضية وخلافاً من كل شيء .. جلسـ صلى الله عليه وسلمـ يوماً مع عائشة ..
    فأخذت تحدثه بأحاديث نساء .. وهو يتفاعل معها .. وهي تفصل الكلام وتطيل ..
    وهو على كثرة مشاغله يستمع ويتفاعل ويعلق ..
    حتى قضتـ حديثها .. فحدثته أنه جلستـ إحدى عشرة امرأة .. في أيام الجاهلية ..
    فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً ..
    فجعلنـ يتذاكرن أزواجهن بما فيهم ولا يكذبنـ !!
    قالت الأولى : زوجي لحم جمل غث على رأس جبل .. لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل ..
    تشبه زوجها بالجبل الوعر الذيـ وضعوا فوقه لحم جمل كبير غير جيد ..
    فلا يحرصـ أحد للوصول إليه لصعوبة الوصول إليه .. وهو لا يستحقـ التعب لأجله ..
    أي : لسوء خلقه .. وأنه يتكبر .. مع أنه ليس عنده ما يتكبر بسببه فهو بخيل فقير ..
    قالت الثانية : زوجي لا أبث خبره .. إني أخاف أن لا أذره .. إن أذكره أذكر عجره وبجره ..
    أي : زوجها كثير العيوبـ .. وتخشى إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه ذلك فيطلقها ..
    وهي متعلقة به بسبب أولادها .. لكنها لم تمدحه فإن له عُجَر وبُجَر !!
    والعجر : أن تنعقد العروقـ في الجسد حتى تصير منتفخة .. فتؤلمـ ..
    والبُجَر انتفاخ عروقـ في البطنـ .. !!
    قالت الثالثة :زوجي العَشَنَّق إن أنطقـ أطلقـ وإن أسكت أُعلَّق وهو على حد السِّنان الـمُذَلَّقـ ..
    أي : زوجها طويل قبيح .. سيء الخلق .. ولا يتسامح معها بل على مثل حد السيفـ !!
    فهي مهددة بالطلاق كل لحظة .. لا يحتمل كلامها ..
    ومتى اشتكتـ إليه شيئاً طلقها .. ولا يعاملها معاملة الأزواجــ .. فهي عنده كالمعلقة ..
    قالت الرابعة :زوجي كـ لَـيْـلِ تِهامة .. لا حَرٌ ولا قَرٌ .. ولا مخافة ولا سآمة ..
    ليل تهامة لا رياح فيه فيطيب لأهله .. فوصفت زوجها بجميل العشرة ..
    واعتدال الأخلاقـ .. فلا أذى عنده ..
    قالت الخامسة :زوجي إن دخل فَـهِد .. وإن خرجـ أَسِد .. ولا يسأل عما عَـهِد ..
    أي : إذا دخل بيته صار كالفهد وهو الحيوان المعروف وهو كريم نشيطـ ..
    وغذا خرج من البيتـ وخالط الناسـ فهو أسد لشجاعته ..
    وهو أيضاً سمحٌ لا يدققـ في السؤال عن ما يأخذه أهله أو يصرفونه ..
    قالت السادسة :زوجي إن أكل لفَّ .. وإن شرب اشتفَّ ..وإن اضطجع التفَّ ..
    ولا يُولِج الكفَّ .. ليعلم البثَّ .. أي : إن زوجها يكثر الأكل حتى يلفه لفاً فلا يبقي لهم شيئاً ..
    والشراف يشفّه شفاً .. يشربه كله .. وإذا نام التفَّ باللحاف ولم يدع لزوجته شيئاً ..
    وإذا حزنت لم يقرب كفه إليها أو يلاطفها ليعلم سبب حزنها ..
    قالت السابعة : زوجي غياياء أو عياياء ( أي غبي !! ) طباقاء ( أحمق !)
    كل داء له داء جميع العيوب فيه ! إن حدثته سبك .. لا يقبل حديثاً ولا مؤانسة ..
    بل يسب ويلعن دوماً .. وإن مازحته : شجًك .. ضرب رأسك فجرحه ! ..
    أو فلًك .. ضرب الجلد فجرحه ..أو جمع كلاًّ لكِ .. يضرب كل المواضع الرأس والجسد ! ..
    قالت الثامنة : زوجي .. المس مس أرنب .. أي ناعم رقيق .. والريح ريح زرنب ..
    وهو نباتـ طيبـ الرائحة ..وأنا اغلبه والناس يغلبـ ..
    أي سهل معها ينصاعـ لما تريد .. لكنه بطل يغلب الناسـ وشخصيته أمامهم قوية ..
    قالت التاسعة :زوجي رفيع النجاد .. بيته واسع مفتوح للضيوف .. عظيم الرماد ..
    كثير إشعال النار استقبالاً للضيوفـ وطبخاً لهمـ ..
    قريب البيت من الناد .. المجلس الذي يجلس فيه مع أصحابه ..
    وهو النادي قريب من بيته لحرصه على أهله
    ..لا يشبع ليله يضاف .. لا يأكل كثيراً عند الناسـ ..
    ولا ينام ليلة يُخَاف .. إذا كان هناكـ خطر بالليل من عدو أو غيره ..
    يظل مستيقظاً يحرس ويراقب ..قالت العاشرة : زوجي مالك .. وما مالكـ ؟! ..
    مالك خير من ذلك ..له إبل كثيرات المبارك ..قليلات المسارح ..وإذا سمعنـ المزهر ..
    أيقنَّ أنهن هوالك .. زوجها اسمه مالك .. مهما وصفته لن تحيط بأوصافه الجميلة ..
    إبله دائماً قريبة منه وقل ما تسرح أي تذهب للرعيـ ..
    لتكون جاهة للحلب منها ونحرها للضيوفـ ..
    وإذا سمعتـ افبل صوت المزهر السكين تُحَدّ وتجهّز ..
    أبي زرع ؟! فما بن أبي زرع !!مضجعه كمسل شطبة .. ينام نوماً رفيقاً بأدب ..
    ويشبعه ذراع الجفرة .. لا يأكل كثيراً ..بنت أبي زرع ؟! فما بنت أبي زرعـ !!
    طوع أبيها وطوع أمها ..وملء كسائها .. متسترة ..وغيظ جارتها ..
    تغار جاراتها من جمالها ولذة عيشها ..جارية أبي زرع ؟! فما جارية أبي زرعـ !!
    الخادمة !! لا تبث حديثنا تبثيثاً .. لا تنشر أسرار البيتـ .. ولا تنفث ميرتنا تنفيثاً ..
    لا تبدد طعام البيتـ وتعبث به .. ولا تملأ بيتنا تعشيشاً ..
    لا تهمل البيت فيمتلأ بالأوساخـ ..
    ثمـ قالتـ : خرج أبو زرع والأوطاب تمخضـ .. خرج من بيته يوماً في وقت ربيعـ ..
    فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين .. رأى امرأة جالسة حولها طفلان جميلان قويا البنية ..
    يلعبان من تحت خصرها برمانتين .. يلعبان بثدييها .. فطلقني ونكحها ..
    أعجبته .. فطلق أم زرع وتزوجها !! .. فنكحت بعده رجلا سرياً ..
    تزوجت ام زرع رجلاً كريماً ..ركبـ شرياً .. ركب خيلاً سابقاً ..وأخذ خطياً ..
    وأراح علي نعماً ثرياً .. أكرمها وأهداها لأنه ثري .. وأعطاني من كل رائحة زوجاً ..
    أكثر لها من الأطياب ويعطيها اثنين من كل شيء لتستعمل وتهدي إن شاءتـ ..
    وقال : كليـ أم زرع ..وميري أهلكـ .. أهدي لأهلك وأعطيهمـ ..
    ثم قالت : فلو جمعت كل شيء أعطانيه ..ما بلغ أصغر آنية أبي زرع ..
    لا يزال قلبها معلقاً بأبي زرع ..!! ما الحب إلا للحبيب الأول ..
    كان صلى الله عليه وسلمـ يستمع بكل غنصات إلى عائشة وهي تحدثه ..
    ولم يظهر لها ضجراً ولا مللاً .. مع تعبه وكثرة مشاغله .. وتراكم همومه ..
    حتى إذا انتهتـ عائشة من حديثها ..
    قال صلى الله عليه وسلمـ : كنت لك كأبي زرع لأم زرع .. إذن .. اتفقنا ..
    على أهمية إظهار اللطف والاهتمام بالناس .. فإذا جاءك ولدك متزيناً بثوبـ جميل ..
    ما رأيك يا أبيـ ؟ .. تفاعل ..
    ابنتك .. زوجتك .. زوجك .. ولدك .. زميلتك ..كل من تخالطهم كنـ حياً متفاعلاً ..
    أحياناً تكون ناسياً الموضوع .. قال لك .. مثلاً : أبشرك الوالد شُفي من مرضه ..
    فلا تقل : أصلاً .. متى مرض ؟!!أو : أخي خرج من السجنـ ..
    لا تقل : والله ما دريت أصلاً أنه دخل السجنـ .. وأخيراً .. يا جماعة ..
    التشجيعـ والتفاعل ينفع حتى مع الحيوانات ..
    قال أبو بكر الرقيـ : كنت بالبادية ..فوافيت قبيلة من قبائل العرب ..
    فأضافني رجل منهم وأدخلني خباءه ..فرأيت في الخباء عبدا أسود مقيداً بقيد ..
    ورأيت جِمالا قد ماتتـ بين يدي البيتـ ..
    وقد بقى منها جمل وهو ناحل ذابل كأنه ينزع روحه ..
    فقال لي الغلامـ : أنت ضيف .. ولك حقـ .. فتشفع فيَّ إلى مولايـ ..
    فإنه مكرم لضيفه .. فلا يرد شفاعتكـ في هذا القدر .. فعساه يحل القيد عنيـ ..
    فسكت عنه .. ولم أدر ما جرمه ..فلما أحضروا الطعام .. امتنعتـ ..
    وقلت : لا آكل .. ما لم أشفع في هذا العبد .. فقال السيد : إن هذا العبد قد أفقرني ..
    وأهلَكَ جميعَ ماليـ ..فقلت : ماذا فعل ؟!فقال : إن له صوتاًً طيباً ..
    وإني كنتـ أعيشـ من ظهور هذه الجمال .. فحمَّلها أحمالاً ثقالاً ..
    وكان ينشد الأشعار ويحدو بها .. حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في ليلة واحدة من طيب نغمته ..
    فلما حطت أحمالها .. ماتت كلها .. إلا هذا الجمل الواحد ..
    ولكن أنت ضيفيـ .. فلكرامتك قد وهبته لك .. وأطلق الغلامـ من قيده ..
    فاشتقتـ إلى سماع هذا الصوتـ ..
    فلما أصبحنا أمره أن يحدو على جمل يستقى الماء من بئر هناك ..
    لينشط الجمل للعمل .. فانطلقـ الغلامـ بصوت حسن .. فلما رفع صوته ..
    سمعه الجمل فهام وهاج ونسي نفسه .. حتى قطع حباله ..
    ووقعت أنا على وجهي من حسن الصوتـ .. فما أظن أني سمعت قط صوتاً أطيبـ منه ..

    :: طور نفسك بالتدريب ::
    كن حياً لا ميتاً .. تفاعل بكلامك .. بتعبيرات وجهك .. حتى يأنس الآخرون بك ..

  3. #223


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الثمانــــــــون : اجعل لسانك عذباً ..
    يقول الشيخـ :::: لا تخلو حياتنا من مواقف نحتاج فيها إلى تقديم توجيهات ونصائح للآخرين ..
    الولد .. الزوج .. الصديق .. الجار .. الأبوين ..تختلف نهايات النصائح .. باختلاف بداياتها ..
    أعني : إن كانت البداية بأسلوب مناسب .. ومدخل لطيف .. انتهت كذلك ..
    وإن كانت بأسلوب جاف .. ومدخل عنيف .. انتهت كذلك ..
    عندما ننصح الناس .. فنحن في الواقع نتعامل مع قلوبهم .. لا أجسادهم ..
    لذلك تجد بعض الأبناء يتقبل من أمه ولا يتقبل من أبيه .. أو العكس ..
    والطلاب يتقبلون من مدرس .. دون الآخر وأول البراعة في النصيحة ..
    أن لا تكثر منها وتدقق على كل صغير وكبير ..
    حتى لا يشعر الآخرون أنك مراقب لحركاتهم وسكناتهم .. فتثقل عليهم ..
    ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
    وإن استطعت أن تقدم النصيحة على شكل اقتراح .. فافعل ..
    لو قللت الملح في الطعام .. لكان أحسن ..لو تغير ملابسك بثياب أجمل ..
    لو ما تتأخر عن مدرستك مرة أخرى .. أفضل ..ما رأيك لو فعلت كذا ..
    أقترح عليك كذا وكذا ..أحسن من قولك ..
    يا قليل الأدب .. كم مرة قلت لك .. أنت ما تفهم .. إلى متى أعلمك ؟!!
    اجعله يحتفظ بماء وجهه .. ويشعر بقيمته حتى وهو مخطئ ..
    لأن المقصود علاج أخطائه لا الانتقام منه أوإهانته يعني يا جماعة بالعبارة الصريحة ..
    لا أحد يحب أن يتلقى الأوامر ..
    أراد صلى الله عليه وسلمـ يوماً أن يوجه عبد الله بن عمر للتعبد بصلاة الليل ..
    فما دعاه وقال : يا عبد الله قم الليل ..وإنما قدم النصيحة على شكل اقتراح ..
    وقال : نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل ..
    وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل ..
    بل إن استطعت أن تلفت نظره إلى الأخطاء من حيث لا يشعر فهو أولى ..
    عطس رجل عند عبدالله بن المبارك .. فلم يقل الحمدلله ..
    فقال عبدالله : ماذا يقول العاطس إذا عطس ؟
    قال : الحمدلله .. فقال : عبدالله : يرحمك الله ..
    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ كذلك ..كان إذا انصرف من صلاة العصر ..
    دخل على نسائه واحدة واحدة ..
    فيدنو من إحداهن .. ويتحدث معها ..فدخل على زينب بمن جحش ..
    فوجد عندها عسلاً .. وكان صلى الله عليه وسلمـ يحب العسل والحلواء ..
    فاحتبس عندها أكثر ما كان يحتبس عند غيرها ..
    فغارت عائشة وحفصة .. وتواصتا من دخل عليها تقول له ..
    أجد منك ريح مغافير .. وهو شراب حلو يشبه العسل .. ولكن له رائحة سيئة ..
    وكان صلى الله عليه وسلمـ يشتد عليه أن يوجد منه الريح من بدنه أو فمه ..
    لأنه يناجي جبريل .. ويناجي الناس ..
    فلما دخل على حفصة .. سألته ماذا أكل ؟ فقال : شربت عسلاً عند زينب ..
    فقالت : إني أجد منك ريح مغافير .. فقال : لا بل شربت عسلاً .. ولن أعود له ..
    ثم قام ودخل على عائشة .. فقالت له عائشة مثل ذلك ..
    ومضت الأيام .. وكشف الله له القضية كلها .. وبعد أيام ..
    أسر إلى حفصة رضيـ الله عنها حديثاً .. فأظهرته .. فدخل عليها يوماً ..
    وعندها الشفاء بنت عبدالله .. وكانت صحابية تتعلم الطب .. وتعالج الناس ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ للشفاء : ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ..
    ورقية النملة كلام كانت نساء العرب تقوله .. يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع ..
    ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال : العروس تحتفل ..
    وتختضب وتكتحل .. وكل شيء تفتعل .. غير أن لا تعصي الرجل ..
    فأراد بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضاً بأن تردد جملة ..
    غير أن لا تعصي الرجل .. أحد السلف استلف منه رجل كتاباً فرده إليه بعد أيام ..
    وعليه آثار طعام ً فسكت صاحب الكتاب وبعد أيام جاءه صاحبه يستعير منه كتاباً
    آخر فأعطاه الكتاب في طبق ..!! فقال الرجل : إنما أريد الكتاب .. فما بال الطبق ؟!
    فقال : الكتاب لتقرأ فيه والطبق لتحمل عليه طعام فأخذ الكتاب ومضى فقد وصلت الرسالة..
    وأذكر أن أحدهم كان يعود إلى بيته ليلاً .. وينزع ثوبه .. يعلقه على الشماعة .. وينام ..
    فتأتي زوجته .. وتفتح محفظة النقود .. ثم تأخذ الصرف الموجود ..
    من فئة الريال .. والخمسة .. فإذا استيقظ صباحاً وذهب إلى عمله ..
    واحتاج أن يحاسب في بقالة ونحوها .. لم يجد صرفاً فراقبها .. حتى فهم القضية ..
    فرجع إلى بيته يوماً .. وقد جعل في جيبه ضفدعاً ..
    ونزع ثوبه كالعادة .. واضطجع كهيئة النائم .. وأخذ يشخر ..
    وهو يراقب الثوب ..فأقبلت زوجته لتأخذ ما يتيسر ..كالعادة !!
    أقبلت إلى الثوب تمشي رويداً .. أدخلت يدها بهدوووء ..
    فلمست الضفدع .. فتحرك فجأة .. فصرخت : آآآآه.. يدي ..
    ففتح الزوج عينيه .. وقال : وأنا .. آآآه .. جيبي ..ليتنا نستعمل هذا الأسلوب ..
    مع جميع الناس ..أولادنا إذا وقعوا في أخطاء .. ومع طلابنا ..
    نايف أحد الأصدقاء كان له أم صالحة لا ترضى أن يبقى في البيت صور أبداً لأن الملائكة لا تدخل بيتاً ..
    فيه *** ولا صورة .. كان عندها طفلة صغيرة .. عندها ألعاب متنوعة إلا الدُّمى ..
    أهدت إليها خالتها دُمية .. عروسة .. وقالت لها : العبي بها في غرفتك ..
    واحذري أن تراها أمك ..وبعد يومين .. علمت الأم ..
    فأرادت أن تقدم النصيحة بأسلوب مناسب ..
    جلسوا على الطعام .. فقالت أم نايف : يا أولاد ..!! من يومين ..
    وأنا أشعر أن البيت ليس فيه ملائكة !! لا أدري لماذا خرجت .. لا حول ولا قوة إلا بالله ..
    والبنت الصغيرة تسمع وهي ساكته .. وبعد الغداء رجعت الصغيرة إلى غرفتها ..
    فإذا بين يديها ألعاب كثيرة .. والعروسة من بينها .. فالتقطتها ..
    وجاءت بها إلى الأم وقال : ماما .. هذه التي طردت الملائكة افعلي بها ماشئت !!
    يعني دع المنصوح يحتفظ بماء وجهه .. ويمكن أن تأكل العسل من غير أن تحطم الخلية ..
    لا تنصحه كأنه قد كفر بفعله ..بل وأحسن الظن به ..
    واعتبر أنه وقع في الخطأ من غير قصد .. أو من غير أن يعلم ..
    كانت الخمر في أول الإسلام لم تحرم بعد .. وفي يوم أقبل عامر بن ربيعة ..
    الصحابي الجليل من سفر .. فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلمـ راوية خمر ..
    جرة كاملة مملوءة خمراً ..
    نظر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى الخمر مستغرباً .. والتفت إلى عامر بن ربيعة ..
    وقال : أما علمت أنها قد حرمت ..؟ قال :حرمت ؟! لا .. ما علمت يا رسول الله ..
    قال : فإنها قد حرمت .. فحملها عامر .. فأسرَّ إليه بعضهم بأن يبيعها ..
    فسمعه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فقال : لا .. إن الله إذا حرم شيئاً .. حرم ثمنه ..
    فأخذها رضيـ الله عنه فاهراقها على التراب ..
    وانتبه أن تمدح نفسك وأنت تنصح .. فترفع نفسك وتسحب المنصوح إلى القاع ..
    لا أحد يرضى بذلك ..بعض الآباء .. مثلاً .. إذا نصح ولده بدأ يذكر أمجاده ..
    أنا كنت وكنت .. ولعل الولد يعلم تاريخ والده .. !!
    :: باختصار ::
    الكلمة الطيبة .. صدقة ..

  4. #224


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الحادي والثمانــــــــــــين : حفظ السر ..
    يقول الشيخـ :::: اشتهر قديماً : كل سرٍ جاوز الإثنين .. شاعـ ..
    ومن اللطائفـ أن أحدهم سئل : من الإثنين ؟ فأشار إلى شفتيه .. وقال : هذانـ !!
    لا أذكر أني همستـ في أذن أحد من الناس بسرّ .. واستأمنته إياه ..
    ثم فاجأني قائلاً : يا محمد .. اسمحـ لي لا أستطيع أن أكتمه ..
    بل كل شخصـ يضرب بيده صدره .. ويقول : والله لو وضعوا الشمس في يمينيـ ..
    والقمر في شماليـ .. أو السيف على رقبتيـ .. على أن أخبر بسرك .. ما أخبرتـ !!
    ثم إذا اطمأننت ووثقت .. وكشفت له أسرارك .. تصبّر شهرين أو ثلاثة ..
    ثم حدث به .. فلا يزال يُتناقل حتى يصلكـ ..
    فوجدتـ أن سرك لا ينبغي أن يجاوز شفتيكـ .. فلا تكلف الناسـ ما لا يطيقونـ ..
    إذا ضاقـ صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيقـ ..
    جربت كثيراً من الناسـ .. فوجدتهم كذلكـ ..
    والمشكلة أنك تأتيهم على سبيل الاستشارة .. فيشيرون عليك .. ثم يفضحون سركـ ..
    فيسقطون من عينكـ .. ويصبحون من أبغض الناس إليكـ ..
    ومن أعجبـ ما في التاريخ ..أنه قبل معركة بدر ..
    لما سمع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. بقافلة قريش مقبلة وأراد قتالها ..
    خرج صلى الله عليه وسلمـ إليها مع أصحابه .. فلما شعر بهم أبو سفيانـ ..
    استأجر رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري .. وقال اذهب وأخبر قريشاً بالخبر ..
    فمضى ضمضمـ .. مسرعاً إلى مكة .. كان وصوله مكة يحتاج أن يسير أياماً ..
    وأهل مكة لا يدرون عن شيء من ذلكـ ..
    وفي ليلة من الليالي رأت عاتكة بنت عبد المطلب .. رؤيا أفزعتها ..
    فلما أصبحتـ بعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلبـ ..
    فقالت له .. يا أخي .. والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني ..
    وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة .. فاكتم عليَّ ما أحدثك ..
    ولا تحدث به أحداً .. قال لها : نعم .. وما رأيتـ ؟
    قالت : رأيت راكباً أقبل على بعير .. حتى وقف بوادي "الأبطح" ..
    ثم صرخ بأعلى صوته : ألا انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..!
    فأرى الناسـ قد اجتمعوا إليه .. ثم مضى فدخل المسجد والناس يتبعونه ..
    فبينما هم حوله .. إذ صعد به بعيره فوق الكعبة ..
    ثم صرخ بمثلها : انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاثـ ..
    ثم صعد به بعيره على رأس جبل أبي قبيس .. فصرخ بمثلها ..
    انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاثـ ..
    ثم أخذ صخرة فقذفها من أعلى الجبل .. فأقبلت تهوي من فوق الجبل ..
    حتى إذا كانتـ بأسفل الجبل تكسرتـ ..
    فما بقي بيتـ من بيوت مكة إلا دخلته كسرة من الصخرة ..
    فاضطرب العباس وقال : والله إن هذه لرؤيا ! ثم خشي أن تنتشر فيصيبه أذى ..
    فقال لها محذراً : وأنت فاكتميها لا تذكريها لأحد ..
    ثم خرج العباسـ منشغل البال بأمر هذه الرؤيا .. فلقي الوليد بن عتبة وسط الطريقـ ..
    وكان له صديقاً .. فحدثه بالرؤيا .. وقال له : اكتمها .. فلا تخبر بها أحداً ..
    فمضى الوليد ..فلقي ابنه عتبة فحدثه بها .. ثم لم يمض سويعاتـ ..
    حتى حدث بها عتبة .. ثم تناقلها الناسـ .. وفشا الحديث بها في أهل مكة ..
    حتى تحدثت بها قريش في مجالسها .. وفي الضحى ذهب العباس ليطوف بالكعبة ..
    فإذا أبو جهل جالس في رَهْط من قريش .. في ظل الكعبة .. يتحدثون برؤيا عاتكة !!
    فلما رأى أبو جهل العباسَ قال : يا أبا الفضل .. إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا ..
    فلما أقبل إليه العباسـ وجلس معهمـ ..
    قال له أبو جهل :يا بني عبد المطلب .. متى حدثت فيكم هذه النبية ؟
    قال : وما ذاك ؟ قال : تلك الرؤيا التي رأت عاتكة .. قال العباس : وما رأتـ ؟
    قال : يا بني عبد المطلب .. أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكمـ ؟
    قد زعمتـ عاتكة في رؤياها أنه قال : انفروا في ثلاثـ ..
    فسننتظر بكم ثلاثة أيامـ .. فإن يك حقاً ما تقول .. فسيكونـ ..
    وإن تمضـ الثلاث ولم يكن من ذلك شئ نكتب عليكمـ كتاباً أنكم أكذب أهل بيت العرب ..
    فاضطرب العباسـ .. وما رد عليه شيئاً .. وجحد الرؤيا .. وأنكر أن تكونـ رأت شيئاً ..
    ثم تفرقوا .. فلما أقبل العباسـ إلى بيته ..
    لم تبق امرأة من بني عبد المطلبـ .. إلا جاءت إليه غاضبة ..
    تقول : أقررتم لهذا الفاسقـ الخبيث أن يقع في رجالكم ..ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ..
    أما فيكم حمية .. فاحتمى العباسـ .. وثار .. وقال : والله ..
    لئن عاد أبو جهل إلى مثل كلامه .. لأفعلن وأفعلن .. فلما كان اليوم الثالثـ .. من رؤيا عاتكة ..
    ذهب العباسـ إلى المسجد .. وهو مغضبـ ..
    فلما دخل المسجد رأى أبا جهل .. فمشيـ نحوه يتعرضه ليعود لبعض ما قال فيقع به ..
    فإذا بأبي جهل يخرجـ من باب المسجد يشتد مسرعاً ..
    فعجب العباس من سرعته ..!! فقد كان مستعداً لخصومة وعراك ..
    فقال العباسـ في نفسه : ماله لعنه الله ؟! أكلّ هذا خوفٌ مني أن أشاتمه ؟!
    وإذا أبو جهل قد سمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري الذي أرسله أبو سفيان ليستعين بأهل مكة ..
    وإذا ضمضم يصرخ في الوادي واقفاً على بعيره ..
    قد جدع أنف بعيره .. والدم يسيل على وجه البعير ..
    وقد شق ضمضمـ قميصه وهو يقول : يا معشر قريش اللطيمة .. اللطيمة ..
    أموالكمـ مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها ..
    ثم صاح بأعلى صوته : الغوث .. الغوث ..
    عندها تجهزتـ قريش وخرجت .. وكان من أمرها في معركة بدر ما كان ..
    فتأمل كيف انتشر السر في لمحة عين .. مع قوة الحرص وشدة الاستئمانـ ..!!
    ومن نشر السر أيضاً ..أن عمر رضيـ الله عنه لما أسلم .. أراد أن ينشر الخبر ..
    فأقبل إلى رجل منهم .. هو أعظمهم نشراً للإشاعة ..
    فقال : يا فلان .. إني محدثك بسرٍ .. فاكتم عنيـ ..!
    قال : ما سركـ ؟ .. قال : أشعرتـ أني قد أسلمتـ .. فانتبه .. لا تخبر أحداً ..
    ثم تولى عنه عمر .. فما كاد يغيب عنه ..
    حتى جعل الرجل يطوف بالناس ويردد : أعلمتَ أن عمر أسلمـ ..!!
    أعلمتَ أن عمر أسلمـ ..!! عجباً !! وكالة أنباء متنقلة ..
    وفي يوم من الأيام بعث النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أنساً رضيـ الله عنه في حاجة ..
    فمرَّ بأمه .. فسألته .. إلى ماذا أرسلك النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ؟
    فقال : والله .. ما كنت لأفشيـ سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    هكذا كانـ أنس وهو صغير .. في شدة حفظه للسر ..
    وأنى لك اليومـ أن تجد مثل أنس ..
    قالت عائشة رضيـ الله عنه .. أقبلت فاطمة تمشيـ ..
    كأن مشيتها مشية النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فقال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    مرحباً بابنتي .. ثم أجلسها عن يمينه .. أو عن شماله ..
    ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فبكتـ .. فقلت لها : لم تبكينـ ..
    ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فضحكتـ فقلت : ما رأيت كاليوم .. فرحاً أقرب من حزنـ ..
    فسألت فاطمة عما قال لها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ؟
    فقالت : ما كنتـ لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    حتى قبض النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..فسألتها ؟
    فقالتـ : أسر إليَّ : إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتينـ ..
    ولا أراه إلا حضر أجليـ .. وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي .. فبكيتـ ..
    فقال : أما ترضينـ أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة .. أو نساء المؤمنينـ .. فضحكت لذلكـ ..

    :: قالوا ::
    من عرف سرك أسرك ..

  5. #225


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الثاني والثمانــــــــــــين : من ركل القطة ؟!
    يقول الشيخـ :::: قبل أن تجيب على السؤال .. اسمع القصة كاملة ..
    كان يعمل سكرتيراً لمدير سيء الأخلاقـ ..
    لا يطبقـ مهارة واحدة من مهارات التعامل مع الناسـ ..
    كانـ هذا المدير يراكم الأعمال على نفسه .. ويحملها ما لا تطيقـ ..
    صاح بسكرتيره يوماً .. فدخل ووقف بين يديه ..
    قال : سَمْـ .. تفضل ؟ صرخ به : اتصلت بهاتف مكتبك .. ولم ترد ..
    قال : كنت في المكتب المجاور .. آسفـ ..
    قال بضجر : كل مرة آسفـ .. آسفـ .. خذ هذه الأوراقـ .. ناولها لرئيس قسم الصيانة ..
    وعد بسرعة .. مضى متضجراً .. وألقاها على مكتب رئيس قسم الصيانة ..
    وقال : لا تؤخرها علينا قال : طيبـ ضعها بأسلوب مناسبـ ..
    قال : مناسبـ .. غير مناسبـ .. المهم خلصها بسرعة .. تشاتما .. حتى ارتفعت أصواتهما ..
    ومضى السكرتير إلى مكتبه .. بعد ساعتينـ أقبل أحد الموظفين الصغار في الصيانة ..
    إلى رئيسه وقال : سأذهب لأخذ أولادي من المدرسة وأعود ..
    صرخ الرئيس : وأنت كل يوم تخرجـ ..
    قال : هذا حاليـ من عشر سنوات .. أول مرة تعترض عليَّ ..
    قال : أنت ما يصلح معك إلا العين الحمراء .. ارجع لمكتبكـ ..
    مضى المسكين إلى مكتبه .. وتولى أحد المدرسين إيصالهمـ ..
    لما طال وقوفهم في الشمس .. عاد هذا الموظف إلى بيته غاضباً ..
    فأقبل إليه ولده الصغير معه لعبة ..
    وقال : بابا .. هذه أعطانيها المدرس لأننيـ ..
    صاح به الأب : اذهب لأمك .. ودفعه بيده ..
    مضى الطفل باكياً .. فأقبلت إليه قطته الجميلة تتمسح برجليه كالعادة ..
    فركلها برجله فضربت بالجدار .. السؤال : من ركل القطة ؟
    أظنك .. تبتسمـ .. وتقول : المدير ..صحيح المدير ..
    لماذا لا نتعلم فنَّ توزيع الأدوار ..
    والأشياء التي لا نقدر عليها نقول بكل شجاعة .. هذه ليست في أيدينا .. لا نقدر ..
    خاصة أن تصرفاتك قد يتعدى ضررها إلى أقوام لم يكونوا طرفاً في المشكلة أصلاً ..
    وانتبه أن يستثيرك الآخرونـ .. ويحرجونك فتضطر لوعود .. قد لا تستطيع تنفيذها ..
    انتقل معي إن شئت إلى المدينة .. وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    وقد جلسـ في مجلسه المباركـ .. بعدما انتشر الدينـ .. ووُحِّد رب العالمينـ ..
    جعل رؤساء القبائل يأتون إليه مذعنين مؤمنينـ .. ومنهم من كانوا يأتون صاغرين حاقدينـ ..
    وفي يوم أقبل رئيس من رؤساء العرب .. له في قومه ملك ومنعه ..
    أقبل عامر بن الطفيل .. وكان قومه يقولون له لما رأوا انتشار الإسلامـ ..
    يا عامر إن الناسـ قد أسلموا فأسلم .. وكان متكبراً متغطرساً ..
    فكان يقول لهم : والله لقد كنت أقسمت ألا أموت حتى تملِّكني العرب عليهم وتتبعَ عقبي ..
    فأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش !!
    ثم لما رأى تمكن الإسلامـ .. وانصياع الناسـ لرسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    ركب ناقته مع بعض أصحابه ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    دخل المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وهو بين أصحابه الكرام ..
    فلما وقفـ بين يدي النبيـ عليه الصلاة والسلامـ قال : يا محمد خالني ..
    أي قف معي على انفراد .. وكان صلى الله عليه وسلمـ حذراً من أمثال هؤلاء ..
    فقال : لا والله حتى تؤمن بالله وحده ..
    فقال : يا محمد خالنيـ ..
    فأبى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فلا زال يكرر .. يا محمد قم معي أكلمْك ..
    يا محمد قم معي أكلمْك .. حتى قام معه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فاجتر عامر إليه أحد أصحابه اسمه إربد ..
    وقال : إني سأشغل عنك وجهه فإذا فعلت ذلك فاضربه بالسيف ..
    فجعل إربد يده على سيفه واستعد ..
    فانفرد الاثنان إلى الجدار .. ووقف معهما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يكلمـ عامراً ..
    وقبض أربد بيده على السيف .. فكلما أراد أن يسله يبست يده .. فلم يستطع سل السيف ..
    وجعل عامر يشاغل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وينظر إلى إربد ..
    وإربد جامد لا يتحرك .. فالتفت صلى الله عليه وسلمـ ..
    فرأى أربد وما يصنع .. فقال : يا عامر بن الطفيل .. أسلمـ ..
    فقال عامر : يا محمد ما تجعل لي إن أسلمت ؟
    فقال صلى الله عليه وسلمـ لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ..
    قال عامر : أتجعل لي الملك من بعدك إن أسلمتـ ؟
    لم يشأ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن يعد عامراً بوعد قد لا يتحققـ ..
    فكان صريحاً جريئاً معه .. وقال : ليس ذلك لك ولا لقومكـ ..
    فخفف عامر الطلب قليلاً .. وقال : أسلم على أن لي الوبر ولك المدر ..
    أي أكون ملكاً على البادية وأنت على الحاضرة ..
    فإذا به صلى الله عليه وسلمـ .. أيضاً لا يريد أن يلزم نفسه بوعود .. لا يدري تتحقق أم لا ..
    فقال : لا ..عندها غضبـ عامر وتغير وجهه .. وصاح بأعلى صوته ..
    والله يا محمد .. لأملأنها عليكـ خيلاً جرداً .. ورجالاً مرداً .. ولأربطن بكل نخلة فرساً ..
    ولأغزوك بغطفانـ بألف أشقر وألف شقراء .. ثم خرجـ يزبد ويرعد ..
    فجعل صلى الله عليه وسلمـ ينظر إليه وهو مولٍّ ..
    ثم رفع صلى الله عليه وسلمـ بصره إلى السماء وقال : اللهم اكفني عامراً .. واهْدِ قومه ..
    خرج عامر مع أصحابه حتى إذا فارق المدينة .. تعب من المسير ..
    فصادف امرأة من قومه يقال لها سلولية وكانت في خيمة لها .. وكانت امرأة فاجرة ..
    يذمها الناسـ ويتهمون من دخل بيتها ..فلم يجد مأوى آخر ..
    فنزل عن فرسه مضطراً ونام في بيتها ..
    فاخذته غدة وانتفاخ في حلقه كما يظهر في أعناق الإبل فيقتلُها .. ففزع واضطربـ ..
    وجعل يتلمس الورم ويقول : غدة كغدة البعير .. وموت في بيت سلولية ..
    أي : لا موتـ يشرّف .. ولا مكانـ يشرّف ..
    كان يتمنى أن يموتـ في ساحة قتال .. بسيوف الأبطال ..
    فإذا به يموت بمرض حيوانات .. في بيت فاجرة !!
    تباً .. للذل والمهانة ..
    فأخذ يصيح بهم : قربوا فرسيـ ..
    فقربوه .. فوثب على فرسه .. وأخذ رمحه .. وصار يجول به الفرسـ ..
    وهو يصيح من شدة الألمـ .. ويتحسس عنقه بيده ..
    ويقول : غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية ..
    فلم تزل تلك حاله يدور به فرسه .. حتى سقط عن فرسه ميتاً ..
    تركه أصحابه .. ورجعوا إلى قومهمـ ..
    فلما دخلوا ديارهم .. أقبل الناس إلى إربد يسألونه : ما وراءك يا أربد ؟
    فقال : لا شيء .. والله لقد دعانا محمد إلى عبادة شيء ..
    لوددت لو أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله ..
    فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له ليبيعه ..
    فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما .. وأنزل الله عز وجل في حال عامر وأربد ..
    " اللّهُ يَعْلَمُ مَاتَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَاتَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَاتَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ
    وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ
    وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِاللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَيُغَيِّرُ مَابِقَوْمٍ
    حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَابِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَمَرَدَّ لَهُ وَمَالَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ * هُوَ الَّذِي
    يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَ طَمَعًا وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ
    وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ * لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ
    وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَيَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَاهُوَ بِبَالِغِهِ
    وَمَادُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ " ..
    نعمـ .. لا تلتزمـ إلا بما تثق أنه يمكنك الوفاء به .. بعونـ الله ..
    قام صلى الله عليه وسلمـ مرة خطيباً في الناس .. فتكلم عن الآخرة وأحوالها ..
    ثم صاح قائلاً : يا فاطمة بنت محمد .. سليني من مالي ما شئتـ ..
    فإني لا أغنيـ عنك من الله شيئاً ..
    وأخيراً .. مع التأكيد على أهمية عدم الالتزامـ بالشيء إلا وأنت قادر عليه ..
    إلا أنه ينبغي عند الاعتذار أن نستعمل أسلوباً ذكياً ..
    فمثلاً : جاء إليك لتبحثـ لأخيه عن وظيفة .. لأن أباك مسؤول كبير .. أو أخاك .. أو أنتـ ..
    فاعتذر بأسلوب يحفظ ماء وجهه ويجعله يشعر أنك تشاركه الهم .. قل .. مثلاً ..
    يا فلان .. أنا أشعر بمعاناتكـ .. وأخوك أعتبره أخيـ ..
    ولئن كان إخواني خمسة فهو السادس .. لكن المشكلة أنني لا أستطيع أن أفعل شيئاً الآن فاعذرني ..
    وأسأل الله أن يوفق أخاك .. مع ابتسامة لطيفة .. وتعبيراتـ وجه مناسبة ..
    فكأنك بهذا الرد الجميل قضيت له ما يريد .. أليس كذلكـ ..؟

    :: وجهة نظر ::
    كن صريحاً مع نفسك .. جريئاً مع الناس .. واعرف قدراتك والتزم بحدودها ..

  6. #226


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الثالث والثمانــــــــــــين : الاهتمامـ بالمظهر ..
    يقول الشيخـ :::: كان أبو حنيفة جالساً يوماً بين طلابه في المسجد يدرسـ ..
    وكان به ألمـ في ركبته .. وقد مد رجله .. واتكأ على جدار ..
    في هذه الأثناء .. أقبل رجل عليه لباسـ حسنـ .. وعمامة حسنة .. ومظهر مهيبـ ..
    كان وقوراً في مشيته .. جليلاً في خطوته ..
    أفسحـ له لطلاب حتى جلس بجانب أبي حنيفة ..
    فلما رأى ابو حنيفة مظهره .. ورزانته .. ورتابة هيئته ..
    استحى من طريقة جلسته وثنى رجله .. وتحمل ألم ركبته لأجله ..
    استمر أبو حنيفة في درسه والرجل يسمعـ .. فلما انتهى من الدرسـ ..
    بدأ الطلابـ يسألون .. فرفع ذلك الرجل يده ليسأل ..
    التفت إليه الشيخـ .. وقال : ما سؤالكـ ؟
    فقال :يا شيخـ .. متى وقت صلاة المغربـ ؟
    قال : إذا غربت الشمسـ .. !!
    قال : وإذا جاء الليل والشمسـ لمـ تغرب .. فماذا نفعل ؟!
    فقال أبو حنيفة : آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه .. ومد رجله كما كانتـ ..
    وسكتـ عن هذا السؤال المتناقض !!.. إذ كيف يأتي الليل والشمس لم تغربـ ؟!!
    يقولون إن النظرة الأولى إليك تكوِّن في ذهن المقابل أكثر من 70% من تصوره عنك ..
    ويبدو أنه عند التأمل ستجد أن النظرة الأولى تكون أكثر من 95% عنك ..
    حتى تتكلمـ .. أو تعرِّف بنفسكـ ..
    ولو مشيت في ممر في مستشفى أو شركة وبجانبك شخص عليه ثياب حسنة ..
    وعليه وقار في مشيته .. لرأيتـ أنك .. ربما لا شعورياً ..
    إذا وصلتـ إلى باب في الممر التفتَّ إليه وقلت له : تفضل .. طال عمركـ !!
    ولو ركبت سيارة أحد أصدقائك فرأيتها فوضى .. هنا فردة حذاء مرمي ..
    وهنا روق شاورما .. وهما منديل .. وأشرطة كاسيت متناثرة ..
    لكونتـ فكرة عن الشخص مباشرة أنه فوضوي .. غير مبال بالترتيبـ ..
    وكذلكـ في لباسـ الناسـ .. ومظهرهم العام ..
    والذي أعنيه هنا هو الاهتمام بالمظهر لا الإسراف في اللباس أو السيارة ..
    أو الأثاث .. أوغيرها ..
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يعتني بهذه النواحي كثيراً ..
    فكانـ له حلة حسنة يلبسها في العيدين والجمعة ..
    وكانتـ له حلة يلبسها في استقبال الوفود ..
    كانـ يعتنيـ بمظهره ورائحته ..وكان يحب الطيبـ ..
    قال أنسـ رضيـ الله عنه .. كانـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ .. إذا مشا تكفأ ..
    وما مسستـ ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    ولا شممتـ مسكاً ولا عنبراً أطيب من رائحة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    وكانتـ يدُه مطيبةً كأنما أخرجت من جؤنة عطار ..
    وكانـ صلى الله عليه وسلمـ .. يعرف بريح الطيبـ إذا أقبل ..
    وقال أنسـ رضيـ الله عنه ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ لا يرد الطيب ) ..
    قال أنسـ : ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    وكانـ صلى الله عليه وسلمـ أحسنـ الناسـ وجهاً .. كان وجهه مستنيراً كالشمسـ ..
    وكانـ إذا سُرّ استنـار وجهه .. حتى كأن وجهه قطعة قمر ..
    قال جابر بن سمرة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ في ليلة مضيئة مقمرة ..
    فجعلتـ أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وإلى القمر .. وعليه حلة حمراء ..
    فإذا هو عندي أحسنـ من القمر ..
    وكان يأمر المسلمينـ بذلك يأمر المسلمينـ بمراعاة صلى الله عليه وسلمـ المظهر ..
    عن أبي الأحوص عن أبيه رضيـ الله عنه .. قال : أتيت النبيـ وعليّ ثوب دون ( أي ردئ ) ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : ألك مال ؟ قلت : نعمـ ..
    قال : منـ أي المال ؟ قلت : من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيقـ ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ .. فإذا آتاك الله مالاً .. فلُيرَ أثرُ نعمة الله عليك وكرامتِه ..
    وقال صلى الله عليه وسلمـ : ( من أنعمـ الله عليه نعمة .. فإنـ الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ) ..
    وعن جابر بن عبدالله رضيـ الله عنه قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    زائراً في منزلنا فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره ..
    فقال : أما كان يجد هذا ما يُسكن به شعره ؟ ورأى رجلاً آخر وعليه ثياب وسخة..
    فقال : أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه ؟ ..
    وقال : ( من كانـ له شعر فليكرمه ) .. وكانـ يحرّص على حسن السمتـ ..
    وجمال الشكل .. واللباس .. وطيب الرائحة ..
    وكانـ يردد في الناسـ قائلاً : ( إن الله جميل يحبـ الجمال ) ..

    :: تجربة ::
    النظرة الأولى إليك تطبع في ذهن المقابل 70% من تصوره عنك ..

  7. #227


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الرابع والثمانــــــــــــين : الكرمـ ..
    يقول الشيخـ :::: قال لهمـ : من سيدكم ؟ قالوا : سيدنا فلانـ .. على أننا نبخِّله ..
    فقال : وأي داء أدوأُ من البخل ؟!! بل سيدكمـ الأبيض الجعد فلانـ ..
    هكذا جرى النقاشـ بين إحدى القبائل وبين رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    لما أسلموا فسألهمـ عن سيدهم ليقره عليهم بعد إسلامهمـ أو يغيره ..
    نعمـ وأي داء أدوأ من البخل .. ما أقبح البخل وما أعرض الناسـ عنه .. وما أثقله عليهمـ ..
    لا يكاد يقيمـ في بيته وليمة يتحبب بها إليهمـ .. ولا يكاد يهديـ هدية ..
    ولا يكاد يعتني بجمال مظهره .. ولا يهتم بزكاء برائحته .. توفيراً للمال .. ورضاً بالدون ..
    أما الكريمـ فهو مفضال على أصحابه .. قريبـ من أحبابه ..
    إن اشتاقوا للاجتماع والأنس ففي بيته .. وإن نقص على أحدهم شيء تفضل عليه به ..
    فيأسر نفوسهمـ بكرمه .. ويستعبد قلوبهمـ بإحسانه ..
    أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم **** فطالما استعبد الإنسان إحسان
    وينبغيـ عند إكرامـ غيرك أن تكون نيتك حسنة .. للتآلف مع إخوانك المسلمينـ ..
    وكسبـ مودتهمـ .. والتقربـ إلى الله بالإحسانـ إليهمـ ..
    لا لأجل شهرة أو رئاسة أو كسبـ مديحهم وثنائهمـ ..
    قال صلى الله عليه وسلمـ : أول من تسعر بهم النار ثلاثة ..
    وذكر منهمـ رجلاً كان ينفق ليقال جواد أي كريمـ ..
    فلمـ يعمل ابتغاء وجه الخالقـ وإنما ابتغى وجه المخلوقـ .. رياءً وسمعة ..
    وإليك الحديثـ كاملاً : قال سفيان : دخلت المدينة .. فإذا أنا برجل قد اجتمع الناسـ عليه ..
    فقلتـ : من هذا ؟ قالوا : أبو هريرة .. فدنوتـ منه حتى قعدت بين يديه .. وهو يحدث الناسـ ..
    فلما سكتـ وخلا .. قلت : أنشدكـ الله .. بحقـ وحقـ ..
    لما حدثتنيـ حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وعلمته ..
    فقال أبو هريرة : أفعل .. لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    عقلته وعلمته .. ثم نشغ أبو هريرة نشغة ( شهق ) .. فمكث قليلاً .. ثمـ أفاقـ ..
    فقال : لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    وأنا وهو في هذا البيت .. ليس فيه أحد غيري وغيره .. ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ..
    فمكث بذلك .. ثم أفاق .. ومسح وجهه ..
    فقال ..أفعل .. لأحدثنك بحديث حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    وأنا وهو في هذا البيتـ .. ليسـ فيه أحد غيري وغيره ..
    ثم نشغـ أبو هريرة نشغة أخرى .. ثمـ مال خارّاً على وجهه .. وأسندته طويلاً ..
    ثم أفاق .. فقال : حدثنيـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    إن الله عز وجل إذا كان يومـ القيامة .. نزل إلى العباد ليقضي بينهمـ .. وكل أمة جاثية ..
    فأول منـ يدعو به : رجل جمع القرآنـ .. ورجل يقتل في سبيل الله .. ورجل كثير المال ..
    فيقول الله للقارىء : ألم أعلمكـ ما أنزلت على رسوليـ ؟
    قال : بلى يا رب .. قال : فماذا عملت فيما علمتـ ؟
    قال : كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار ..
    فيقول الله له : كذبت .. وتقول الملائكة له : كذبتـ ..
    فيقول الله عز وجل : أردت أن يقال : فلان قارىء .. فقد قيل ..
    ويؤتى بصاحب المال فيقول : ألمـ أوسع عليك حتى لمـ أدعك تحتاج إلى أحد ؟
    قال : بلى .. قال : فماذا عملت فيما آتيتكـ ؟
    قال : كنتـ أصل الرحم .. وأتصدقـ ..
    فيقول الله : كذبتـ .. وتقول الملائكة : كذبتـ ..
    ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جواد .. فقد قيل ذلك ..
    ويؤتى بالرجل الذي قتل في سبيل الله .. فيقال له : فيم قتلتـ ؟
    فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك .. فقاتلت حتى قتلتـ ..
    فيقول الله : كذبتـ .. وتقول الملائكة له : كذبتـ ..
    ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جريء .. فقد قيل ذلكـ ..
    ثمـ ضربـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ على ركبتيـ فقال : يا أبا هريرة ..
    أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة..
    فإذا أحسنتـ النية في كرمك فأبشر بالخير ..
    وأولى من تحسنـ إليهم ليحبوك ويكرموك .. أهل بيتكـ .. الأمـ .. الأب .. الزوجة .
    الأولاد .. ثمـ الأقرب قالأقرب .. ابدأ بنفسكـ ثم بمن تعول ..
    وكفى بالمرء إثماً أن يضيعـ من يعول ..
    ولا بد من التفريقـ بين الكرم والإسرافـ ..
    دلف رجل في شارع قديم فمر ببيت متهالكـ ..
    فإذا فتاة صغيرة قد جلست على عتبة الباب بثياب رثة .. وهيئة فقيرة .. فسألها : من أنتـ ؟
    قالت : أنا ابنة حاتم الطائيـ ..
    فقال : عجباً !! ابنة حاتم الطائي الكريم الجواد .. على هذا الحال ؟!!
    فقالت : كرم أبي صيرنا إلى ما ترى !!
    كانـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ أكرم الناسـ ..
    ولمـ يكنـ جشعاً ينظر في مصلحة نفسه ولا يلتفتـ إلى غيره كلا .. قال ابو هريرة رضيـ الله عنه ..
    والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوعـ ..
    وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوعـ ..
    ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه .. فمر أبو بكر ..
    فسألته عن آية من كتاب الله .. ما سألته إلا ليستتبعني .. فلم يفعل ..
    ثمـ مرَّ عمر .. فسألته عن آية من كتابـ الله .. ما سألته إلا ليستتبعني .. فمر فلمـ يفعل ..
    ثمـ مرَّ بيـ أبو القاسمـ صلى الله عليه وسلمـ .. فتبسم حين رآنيـ ..
    وعرفـ ما في وجهي وما في نفسيـ ..
    ثمـ قال : أبا هر .. قلتـ : لبيكـ يا رسول الله .. قال : اِلْحَقْـ ..
    ومضى .. فاتبعته .. فدخل .. فاستأذن .. فأذن ليـ .. فدخلتـ ..
    فوجد لبناً فيـ قدحـ .. فقال : من أين هذا اللبنـ ؟
    قالوا : أهداه لك فلان .. أو فلانة .. قال : أبا هر .. قلت : لبيك يا رسول الله ..
    قال : اِلْحَقْ أهل الصفة .. فادعهم ليـ ..
    قال : وأهل الصفة أضياف الإسلام .. لا يأوون إلى أهل ولا إلى مال ..
    إذا أتته صدقة بعث بها إليهمـ ولم يتناول منها شيئاً .. وإذا أتته هدية أرسل إليهمـ ..
    وأصاب منها وأشركهم فيها .. فساءني ذلكـ ..
    وقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة !! كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ..
    فإذا جاءوا .. أمرني .. فكنت أنا أعطيهم .. وما عسى أن يبلغني من هذا اللبنـ ..
    ولم يكنـ من طاعة الله .. وطاعة رسوله بدٌ .. فأتيتهم .. فدعوتهمـ ..
    فأقبلوا .. فأذن لهمـ .. وأخذوا مجالسهم من البيت .. فقال : يا أبا هر ..
    قلت : لبيكـ يا رسول الله .. قال : خذ .. فأعطهمـ ..
    فأخذت القدحـ .. فجعلت أعطيه الرجلَ فيشرب حتى يروى .. ثم يرد عليَّ القدحـ ..
    فأعطيه الآخر .. فيشربـ حتى يروى .. ثم يرد علي القدحـ ..
    فأعطيه الآخر فيشربـ حتى يروى .. ثم يرد علي القدحـ ..
    حتى انتهيت إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. وقد روي القوم كلهمـ ..
    فأخذ القدح فوضعه على يده .. فنظر إليَّ فتبسمـ فقال : أبا هر ..
    قلت : لبيك يا رسول الله .. قال بقيت أنا وأنت ؟
    قلت : صدقت يا رسول الله .. قال : اقعد فاشربـ .. فقعدت فشربتـ ..
    فقال : اشرب .. فشربتـ فما زال يقول : اشربـ .. حتى قلت : لا ..
    والذي بعثك بالحقـ .. ما أجد له مسلكاً ..
    قال : فأرنيـ .. فأعطيته القدحـ .. فحمد الله وسمَّى .. وشربـ الفضلة ..
    وللكرمـ أسرار ..أحياناً لا تتكرمـ على الشخص مباشرة ..
    وإنما تتكرمـ على من يحبهمـ .. فيحبك زارني أحد الأصدقاء يوماً ..
    وكان يحمل كيساً فيه عدد من الحلويات والألعاب ..
    أظنها لم تكلفه بضعة ريالات .. وضعها بجانب الباب لما دخل .. وقال : هذه للأولاد ..
    فرح بها الصغار .. وفرحت بها أنا لأنه أشعرني أنه يحب إدخال السرور على أولادي ..
    كان أحد السلفـ عالماً .. لكنه كان فقيراً ..
    فكانـ طلابه يهدون إليه بين فترة وأخرى .. أنواعاً من الهدايا .. تمر .. دقيقـ ..
    وكان الطالبـ إذا أهدى إليه .. لم يزل الشيخ مكرماً مقبلاً عليه .. ما دامتـ هديته باقية ..
    فإذا انتهتـ .. رجع إلى طبعه الأول ..
    ففكر أحد طلابه بهدية يحملها إلى الشيخ .. تكون معقولة الثمن .. وتطول مدة بقائها ..
    فأهدى إليه كيسـ ملحـ ..ولو استشرتنيـ فيـ هديتينـ ستهديـ إحداهما إلى صديقـ ..
    أولهما زجاجة عطر رائع .. ثمينـ ..
    أو ساعة حائطية تكتب عليها إهداءً باسمه .. لاخترت الساعة .. لأنها يطول بقاؤها ..
    ويراها دائماً .. وأذكر أن أحد طلابيـ أهديته ساعة حائطية فيها إهداء باسمه ..
    وتخرجـ من الكلية .. ومرت السنينـ ..
    ثم زرت إحدى المدن فتفاجأت به يحضر المحاضرة ويدعونيـ إلى بيته ..
    فلما دخلتـ مجلسـ الضيوف فإذا به يشير إلى الساعة معلقة على الحائط ..
    ويقول : هذه أغلى هدية عندي .. وقد مر على تخرجه سبع سنينـ ..
    بقي أن تعلمـ أن هذه الساعة لمـ تكلف إلا شيئاً يسيراً .. لكنـ قيمتها المعنوية أعلى وأكبر ..

    :: وجهة نظر ::
    كسب قلوب الناس فرص قد لا تتكرر

  8. #228


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الخامس والثمانــــــــــــين : اللسان .. ملكـ !!
    يقول الشيخـ :::: تأملت فيما يحدث التباغض والشقاقـ بين الناسـ ..
    ويجعل بعضهمـ أثقل من الجبل على الآخرينـ .. فلا يحبون رؤيته ولا مجالسته ..
    ولا السفر معه .. ولا حضور وليمة هو مدعو إليها ..
    وجدتـ أن أكثر يوصل الشخصـ إلى هذا المستوى البغيضـ هو اللسانـ ..
    فكمـ من خصومات وقعتـ بين إخوان .. وأزواج .. و .. بسببـ مسبة أو غيبة أو شتمـ ..!!
    لسانـ الفتى نصف ونصف فؤاده .. فلم يبق إلا صورة اللحم والدمـ ..
    ذُكر أن ملكاً معظماً رأى في منامه أن أسنانه تساقطت ..
    فاستدعى أحد المعبرينـ .. وقص عليه الرؤيا وسأله عن تعبيرها ؟!
    فتغير المعبر لما سمعها .. وجعل يردد : أعوذ بالله .. أعوذ بالله ..
    تمضيـ عليك السنينـ .. ويموت أولادك وأهلك جميعاً .. وتبقى في ملكك وحدكـ ..
    فصاحـ الملك .. وغضبـ .. وسبـ ولعن .. وأمر بالمعبر أنـ يسحبـ ويجلد ..
    ثمـ دعا بمعبر آخر .. وقص عليه الرؤيا .. وسأله عن تعبيرها ..
    فاستهل ذاك المعبر .. وتبسمـ .. وأظهر البشاشة .. وقال : أبشر .. خير .. خير .. أيها الملكـ ..
    هذا معناه أنك سيطول عمرك جداً .. حتى تكون آخر أهلك موتاً ..
    وتبقى طول عمركـ ملكاً .. فاستبشر الملكـ وأمر له بالأعطيات .. وبقي راضياً عليه ..
    ساخطاً على الآخر !! مع أنك لو تأملتـ لوجدتـ أن التعبيرين متماثلان متطابقانـ ..
    لكنـ الأول عبر بأسلوبـ والآخر عبر بأسلوب آخر .. نعمـ .. اللسان سيد الأعضاء ..
    وفي الحديث .. قال صلى الله عليه وسلمـ : إذا أصبح ابنـ آدمـ فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ..
    فتقول : اتقـ الله فينا .. فإنما نحنـ بك .. فإن استقمت استقمنا .. وإن اعوججت اعوججنا ..
    نعمـ .. والله إنه لسيد .. سيد في خطبة الجمعة .. وسيد فيـ الإصلاح بين الناسـ ..
    وسيد في التسويق .. وسيد في المحاماة ..
    ولا يعني هذا أنه إذا فقده الإنسان .. انتهت حياته .. كلا بل صاحب الهمة يبقى بطلاً ..
    لمـ يكنـ أبو عبد الله يختلف كثيراًُ عن بقية أصدقائي ..
    لكنه والله يشهد ..من أحرصهم على الخير ..
    له عدة نشاطات دعوية من أبرزها ما يقوم به أثناء عمله ..
    فهو يعمل مترجما في معهد الصمـ البكمـ ..
    اتصل بي يوما وقال : ما رأيك أن أحضر إلى مسجدك اثنين من منسوبيـ معهد الصمـ ..
    لإلقاء كلمة على المصلينـ ..
    تعجبتـ !! وقلت : صمـ يلقون كلمة على ناطقينـ ؟
    قال : نعمـ .. وليكن مجيئنا يوم الأحد ..انتظرت يومـ الأحد بفارغ الصبر ..
    وجاء الموعد ..وقفتـ عند باب المسجد أنتظر .. فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته ..
    وقف قريباً من الباب .. نزل ومعه رجلان .. أحدهما كان يمشي بجانبه ..
    والثاني قد أمسكه أبو عبد الله يقوده بيده ..
    نظرتـ إلى الأول فإذا هو أصمـ أبكمـ .. لا يسمعـ ولا يتكلمـ .. لكنه يرى ..
    والثاني أصمـ .. أبكمـ .. أعمى .. لا يسمع ولا يتكلم ولا يرى ..
    مددت يديـ وصافحتـ أبا عبد الله .. كانـ الذي عنـ يمينه .. وعلمتـ بعدها أن اسمه أحمد ..
    ينظر إليّ مبتسماً .. فمددت يديـ إليه مصافحاً ..
    فقال ليـ أبو عبد الله .. وأشار إلى الأعمى ..
    سلمـ أيضاً على فايز .. قلت : السلامـ عليكمـ .. فايز ..
    فقال أبو عبد الله : أمسك يده .. هو لا يسمعكـ ولا يراكـ ..
    جعلتـ يدي في يده .. فشدني وهز يديـ ..
    دخل الجميع المسجد .. وبعد الصلاة جلس أبو عبد الله على الكرسي ..
    وعن يكينه أحمد .. وعن يساره فايز ..
    كان الناسـ ينظرون مندهشينـ .. لم يتعودوا أن يجلس على كرسي المحاضرات أصمـ ..
    التفتـ أبو عبد الله إلى أحمد وأشار إليه .. فبدأ أحمد يشير بيديه .. والناسـ ينظرونـ ..
    لم يفهموا شيئاً .. فأشرت إلى أبي عبد الله .. فاقترب إلى مكبر الصوتـ ..
    وقال : أحمد يحكي لكم قصة هدايته .. ويقول لكم .. ولدت أصم .. ونشأت في جدة ..
    وكانـ أهلي يهملونني .. لا يلتفتون إليّ .. كنتـ أرى الناس يذهبون إلى المسجد ..
    ولا أدريـ لماذا ! أرى أبي أحياناً يفرش سجادته ويركعـ ويسجد .. ولا أدري ماذا يفعل ..
    وإذا سألتـ أهلي عن شيء .. احتقروني ولم يجيبونيـ ..
    ثم سكتـ أبو عبد الله والتفت إلى أحمد وأشار له ..
    فواصل أحمد حديثه .. وأخذ يشير بيديه .. ثم تغير وجهه .. وكأنه تأثر ..
    خفض أبو عبد الله رأسه .. ثمـ بكى أحمد .. وأجهش بالبكاء .. تأثر كثير من الناسـ ..
    لا يدرون لماذا يبكيـ .. واصل حديثه وإشاراته بتأثر .. ثم توقفـ ..
    فقال أبو عبد الله : أحمد يحكي لكم الآن فترة التحول في حياته ..
    وكيفـ أنه عرفـ الله والصلاة بسببـ شخصـ في الشارعـ عطفـ عليه وعلمه ..
    وكيفـ أنه لما بدأ يصليـ شعر بقدر قربه من الله .. وتخيل الأجر العظيم لبلائه ..
    وكيفــ أنه ذاق حلاوة الإيمانـ ..
    ومضى أبو عبد الله يحكي لنا بقية قصة أحمد ..
    كان أكثر الناس مشدوداً متأثراً ..
    لكنيـ كنتـ منشغلاً .. أنظر إلى أحمد تارة .. وإلى فايز تارة أخرى ..
    وأقول في نفسيـ .. هاهو أحمد يرى ويعرف لغة الإشارة .. وأبو عبد الله يتفاهم معه بالإشارة ..
    ترى كيفـ سيتفاهمـ معـ فايز .. وهو لا يرى ولا يسمعـ ولا يتكلمـ ..!!
    انتهى أحمد من كلمته .. ومضى يمسحـ بقايا دموعه ..
    التفتـ أبو عبد الله إلى فايز .. قلتـ في نفسيـ : هه ؟؟ ماذا سيفعل ؟!!
    ضربـ أبو عبد الله بأصابعه على ركبة فايز .. فانطلقـ فايز كالسهمـ .. وألقى كلمة مؤثرة ..
    تدري كيفـ ألقاها ؟بالكلامـ ؟ كلا .. فهو أبكمـ .. لا يتكلمـ ..
    بالإشارة ؟ كلا .. فهو أعمى .. لم يتعلم لغة الإشارة ..
    ألقى الكلمة بـ ( اللمس ) .. نعمـ باللمسـ .. يجعل أبو عبد الله ( المترجم ) يده بين يدي فايز ..
    فيلمسه فايز لمسات معينة .. يفهم منها المترجم مراده ..
    ثم يمضيـ يحكي لنا ما فهمه من فايز .. وقد يستغرقـ ذلك ربع ساعة ..
    وفايز ساكن هادئ لا يدريـ هل انتهى المترجم أم لا .. لأنه لا يسمع ولا يرى ..
    فإذا انتهى المترجمـ من كلامه .. ضربـ ركبة فايز .. فيمد فايز يديه ..
    فيضعـ المترجمـ يده بين يديه .. ثم يلمسه فايز للمسات أخر ..
    ظل الناسـ يتنقلون بأعينهم بين فايز والمترجمـ .. بين عجب تارة .. وإعجاب أخرى ..
    وجعل فايز يحث الناس على التوبة .. كان أحياناً يمسك أذنيه .. وأحياناً لسانه ..
    وأحياناً يضعـ كفيه على عينيه .. فإذا هو يأمر الناسـ بحفظ الأسماع والأبصار عن الحرامـ ..
    كنتـ أنظر إلى الناسـ .. فأرى بعضهمـ يتمتمـ : سبحان الله ..
    وبعضهمـ يهمسـ إلى الذي بجانبه .. وبعضهمـ يتابع بشغف .. وبعضهم يبكيـ ..
    أما أنا فقد ذهبت بعيييييداً ..
    أخذتـ أقارن بين قدراته وقدراتهمـ .. ثم أقارن بين خدمته للدين وخدمتهمـ ..
    الهمـ الذي يحمله رجل أعمى أصمـ أبكمـ .. لعله يعدل الهم الذي يحمله هؤلاء جميعاً ..
    والناس ألف منهم كواحد **** وواحد كالألف إن أمر عنا
    رجل محدود القدراتـ .. لكنه يحترقـ في سبيل خدمة هذا الدينـ ..
    يشعر أنه جنديـ من جنود الإسلامـ .. مسئول عنـ كل عاصـ ومقصر ..
    كانـ يحرك يديه بحرقة .. وكأنه يقول يا تاركـ الصلاة إلى متى ..؟
    يا مطلق البصر فيـ الحرامـ إلى متى ..؟ يا واقعاً في الفواحشـ ؟ يا آكلاً للحرام ؟
    بل يا واقعاً في الشركـ ؟ كلكمـ إلى متى .. أما يكفيـ حرب الأعداء لديننا .. فتحاربونه أنتم أيضاً !!
    كانـ المسكينـ يتلونـ وجهه ويعتصر ليستطيعـ إخراجـ ما في صدره ..
    تأثر الناسـ كثيراً .. لمـ ألتفت إليهمـ .. لكنيـ سمعتـ بكاء وتسبيحاتـ ..
    انتهى فايز من كلمته .. وقامـ .. يمسك ابو عبد الله بيده ..
    تزاحمـ الناسـ عليه يسلمونـ ..كنت أراه يسلمـ على الناسـ ..
    وأحسـ أنه يشعر أن الناسـ عنده سواسيه ..يسلمـ على الجميع ..
    لا يفرقـ بين ملك ومملوك ورئيسـ ومرؤوسـ .. وأمير ومأمور ..
    يسلمـ عليه الأغنياء والفقراء .. والشرفاء والوضعاء .. والجميعـ عنده سواء ..
    كنتـ أقول في نفسيـ ليت بعضـ النفعيينـ مثلك يا فايز ..
    أخذ أبو عبد الله بيد فايز .. ومضى به خارجاً من المسجد ..
    أخذتـ أمشيـ بجانبهما .. وهما متوجهان للسيارة ..
    والمترجمـ وفايز يتمازحانـ في سعادة غامرة ..
    آآآه ما أحقر الدنيا ..كمـ من أحد لم يصبـ بربع مصابكـ يا فايز ولم يستطعـ أن ينتصر على الضيقـ والحزنـ ..
    أينـ أصحابـ الأمراض المزمنة .. فشل كلويـ .. شلل ..
    جلطاتـ .. سكريـ .. إعاقاتـ .. لماذا لا يستمتعون بحياتهمـ .. ويتكيفون مع واقعهمـ ..
    ما أجمل أن يبتليـ الله عبده ثم ينظر إلى قلبه فيراه شاكراً راضياً محتسباً ..
    مرت الأيامـ .. ولا تزال صورة فايز مرسومة أمامـ ناظريـ ..

    :: حقيقة ::
    الإنسان لا لحمه يؤكل .. ولا جلده يلبس .. فماذا فيه غير حلاوة اللسان !!

  9. #229


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ السادس والثمانــــــــــــين : المفتاحـ ..
    يقول الشيخـ :::: المدحـ .. هو مفتاحـ القلوبـ ..
    نعمـ .. من أجمل مهارات الكلامـ أن تكون مبدعاً في تعويد نفسكـ على اكتشافـ صواب الآخرينـ ..
    ومدحهمـ والثناء عليهمـ به .. قبل الانتباه إلى خطئهمـ ..
    ويتأكد ذلك عندما تريد أنـ تنبه شخصاً إلى خطأ ما ..
    كثير منـ الناسـ يرد النصيحة لا لأجل تكبره عنها .. أو عدم اقتناعه بخطئه ..
    وإنما لأن الناصحـ لمـ يسلك الطريقـ الصحيحـ لتقديم النصيحة ..
    هبـ أنك ذهبت إلى مستشفى حكوميـ لعلاجـ ..
    فلما أقبلتـ إلى موظفـ الاستقبال فإذا وراء الزجاجـ شابـ مراهق يقلبـ جريدة بين يديه ..
    وبيده سيجاره .. غير مبال بما حوله ..
    وإذا شيخـ كبير أعمى يقف متعباً في يده اليمنى طفل صغير ..
    وفيـ الأخرى ورقة مراجعة ينتظر أن يحوله الموظفـ إلى الطبيبـ ..
    وإذا بجانبه عجوز كبيرة بيدها طفلة تبكيـ وقد تمكنتـ الحمى من جسدها ..
    وتنتظر أيضاً الموظفـ أنـ يفرغـ من قراءة أخبار ناديه المفضل ليحولها لطبيبـ الأطفال ..
    لما رأيتـ هذا المنظر ثارتـ أعصابك .. ولا نلومك على ذلكـ ..
    فصرختـ بالموظفـ : هيه !! أنتـ جالسـ فيـ مستشفى أو فيـ ... ما تخاف الله ؟!!
    المرضى يئنونـ من الألمـ وأنت تقرأ جريدة !! لا وتدخنـ أيضاً !! والله عجبـ ..
    مثلكـ ما يربيه إلا شكوى لمدير المستشفى .. أو المفروضـ أن تفصل من عملكـ ..
    وبدأت تهيل هذه العبارات كالبرق عليه ..هبـ أنه .. لم يرد عليكـ .. ولم يقابل صراخكـ بصراخـ ..
    هبـ فعلاً أنه ألقى جريدته .. وأنهى تحويل المرضى إلى الأطباء ..
    هل تعتبر نفسكـ نجحتـ في حل المشكلة .. كلا ..
    أنتـ هنا عالجتـ الموقفـ لكنكـ لم تعالجـ المشكلة ..
    لأنه وإن استجابـ إليك الآن إلا أنه سيعود إلى تصرفه المشينـ غداً وبعد غدٍ ..
    إذن كيفـ أتصرفـ ؟!!
    تعال إليه واكظمـ غيظكـ .. تعامل مع الموقف بعقل لا بعاطفة ..
    لا تدعـ المناظر المؤذية تؤثر في تصرفاتك ..
    ابتسمـ .. وإن كنت مغضباً .. وإن كانت الابتسامة صفراء لا مشكلة ..
    ابتسمـ .. وقل : السلامـ عليكمـ ..
    سيقول وهو ينظر إلى لاعبه المفضل : عليكمـ السلامـ .. انتظر لحظة ..
    قل أي كلمة تجعله يلتفت إليكـ .. كأن تقول : كيف الحال ؟ .. مساكـ الله بالخير ..
    سيرفع رأسه .. حتماً .. إليك ويقول : الحمد لله بخير ..
    في هذه المرحلة تكون قد قطعت نصف المشوار ..
    تلطف إليه بأي عبارة تمدحه بها .. قل له مثلاً : تصدق !
    المفروض مثلك ما يعمل في استقبال مستشفى .. سيتغير ويقول : لماذا ؟
    قل : لأنـ هذا الوجه المنير إذا رآه المريضـ زال مرضه فلا يحتاجـ إلى طبيبـ ..
    سيبتسمـ متعجباً من جرأتك .. يا بطل .. وتنبلج أساريره ..
    وقد صار الآن مهيئاً لقبول لنصيحة .. ويقول : ماذا عندكـ ؟
    عندها قل : يا أخيـ الحبيبـ ترى هذا الشيخـ الكبير .. وهذه العجوز المسكينة ..
    ليتكـ تنهي لهما إجراءات الدخول على الطبيبـ ..
    سيتناول أوراقهما .. ويحولهما للطبيبـ .. ثمـ يتناول ورقتكـ ..
    فإذا انتهى منكـ وسلمكـ الورقة .. فقل له : سبحان الله .. هذه أول مرة أراكـ ..
    ومع ذلك فقد دخلتـ إلى قلبي ..
    لا أدري كيفـ !! والله إنكـ أحب إليَّ من آلافـ الناسـ ..
    ( وفعلاً أنت صادق فهو مسلمـ أحب إليك حتماً من ملايينـ غير المسلمين ) ..
    سيفرحـ ويشكر لك لطفك .. فقل : وعندي كلمات أود أن تسمعها لكنيـ أخاف أن تغضبك ..
    سيقول : لا .. لا .. تفضل .. عندها قدم له النصيحة .. أنتـ قد منّ الله عليك بهذه الوظيفة ..
    وفي واجهة المستشفى .. وأنتـ قدوة لغيركـ ..
    فليتكـ تتلطف قليلاً مع المراجعين .. وتهتم بهمـ ..
    لعل دعوة صالحة ترفعـ لك في ظلمة الليل منـ فمـ عجوز عابدة .. أو شيخـ زاهد ..
    أجزمـ أنه سيخفضـ رأسه وأنت تتكلمـ .. ويردد : أشكركـ .. جزاك الله خيراً ..
    وكذلكـ استعمل هذه الأساليب مع كل شخص تعالج سلوكه ..
    مثل شخص يتهاون بالصلاة .. أو أب يهمل بناته فيتكشفنـ .. ويتساهلن بالحجابـ ..
    أو شابـ عاق لوالديه .. لأجل أن يقبلوا منكـ لا بد أن تمارس المهارات المناسبة ..
    نعمـ .. استخدمـ العبارات اللطيفة في إصلاحـ خطأ الآخر .. كن مؤدباً .. محترماً لرأيه ..
    قل له : أنا ما أنصحكـ إلا لأني أعلم .. أنك تقبل النصح ..
    وفيـ التنزيل العزيز يقول الله : ( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) ..
    وقد كان المربي الحكيم صلى الله عليه وسلمـ ..
    يستعمل طرقاً ومهارات تجعل من يعدل سلوكهم لا يملكون إلا أن يقبلوا منه ..
    أراد يوماً أن يعلم معاذ بن جبل ذكراً يقوله بعد الصلاة ..
    فأقبل إلى معاذ وقال : يا معاذ .. والله إني أحبكـ ..
    فلا تدعنـ في دبر كل صلاة أنـ تقول : اللهمـ أعني على ذكركـ وشكركـ وحسنـ عبادتكـ ..
    بالله عليكـ .. ما علاقة المقطع الأول من الكلام "والله إني أحبك " ..
    بالمقطعـ الثاني " لا تدعن أن تقول اللهم أعني على ذكرك "..
    قد يكون الأنسبـ لقوله إني أحبك أن يقول بعدها وأريد أن أزوجك ابنتيـ .. مثلاً ..
    أو أعطيك مالاً .. أو أدعوك إلى طعامـ ..
    ولكنـ أن يتبع خبر المحبة تعليمه ذكراً منـ أذكار الصلاة ..!! فهذا يحتاج إلى تأمل ..
    أتدريـ ما موقع قوله : " والله إني أحبك " ؟ إنه التهيئة لقبول النصيحة ..
    فإذا ارتاحتـ نفسـ معاذ واستبشر ، أعطاه النصيحة ..
    وفيـ موقفـ آخر .. قبضـ صلى الله عليه وسلمـ يد عبد الله بن مسعود بيده اليمنى ..
    ثمـ وضعـ يده اليسرى فوقها .. كنوعـ من العطفـ والتهيئة ..
    ثم قال : يا عبد الله .. إذا جلستـ في التشهد ..
    فقل : التحياتـ لله والصلولات والطيبات السلامـ عليك أيها النبيـ ورحمة الله وبركاته ..
    ومضتـ السنينـ وماتـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فكان عبد الله يفخر بذلك ..
    ويقول علمنيـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ التشهد وكفيـ بينـ كفيه ..
    وفيـ يوم آخر لاحظ صلى الله عليه وسلمـ أن عمر رضيـ الله عنه ..
    إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر الأسود .. زاحم الناسـ وقبله .. وكان صلباً قوي البدن ..
    وربما زاحم الضعفاء .. فأراد صلى الله عليه وسلمـ أن يعدل سلوكه ..
    فقال .. على سبيل التهيئة لقبول النصيحة : يا عمر إنك رجل قويـ ..
    فرحـ عمر بهذا الثناء .. فقال صلى الله عليه وسلمـ : فلا تزاحمن عند الحجر ..
    ومرة أراد أن ينصح ابن عمر بقيام الليل .. فقال : نعمـ الرجل عبد الله لو كانـ يقومـ الليل ..
    وفيـ رواية قال : يا عبد الله لا تكنـ مثل فلانـ .. كانـ يقومـ الليل ..
    لا تكنـ مثل فلان .. كان يقومـ الليل .. فترك قيامـ الليل ..
    نعم .. كانـ صلى الله عليه وسلمـ يستعمل هذا الأسلوبـ الرائع مع جميع الناسـ ..
    ومع الوجهاء خاصة ..في بداية بعثة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    كانـ الناسـ ما بين مقبل ومدبر .. وكان رجل في المدينة اسمه سويد بن الصامت ..
    وكانـ رجلاً شريفاً فيـ قومه .. عاقلاً شاعراً .. يحفظ كلامـ الحكماء ..
    حتى قيل إنه كانـ يحفظ كل ما روي عنـ لقمان الحكيمـ ..
    حتى بلغ من إعجاب الناسـ به أنهم كانوا يسمونه : الكامل .. لجلده وشعره ..
    وشرفه ونسبه .. وهو الذي يقول :
    ألا رب من تدعو صديقاً ولو ترى **** مقالته بالغيب ساءك ما يفري
    مقالته كالشهد ما كان شاهـداً **** وبالغيب مأثور على ثغرة النحر
    يســرك بـاديـه وتـحـت أديمـه **** نميمة غش تبتري عقب الظهر
    تبيـن لـك العـينان مـا هـو كاتـم**** من الغل والبغضاء بالنظر الشزر
    قدمـ سويد بن الصامت يوماً إلى مكة حاجاً .. أو معتمراً ..
    فتحدث الناسـ بدخوله مكة .. وأقبلوا لرؤيته .. فسمع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    به فأقبل عليه .. فدعاه إلى الله .. وإلى الإسلامـ ..
    وجعل يحدثه بالتوحيد والرسالة وأنه نبيـ يوحى إليه قرآنـ ..
    وأن هذا القرآنـ هو كلامـ الله تعالى .. فيه عبر وأحكامـ ..
    فقال له سويد : فلعل الذي معكـ مثل الذي معيـ ؟
    فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلمـ : ما الذي معكـ ؟
    قال : معيـ مجلة لقمان .. يعني حكمة لقمانـ ..
    فلمـ يعنفه صلى الله عليه وسلمـ أو يحقره .. مع أنه يضاهيـ كلامـ الله بكلام البشر ..
    وإنما تلطف معه .. وقال صلى الله عليه وسلمـ : اعرضها عليـ ..
    فشرعـ سويد يقرأ ما يحفظ منـ كلامـ لقمان وحِكَمِه ..
    ورسول الله صلى الله عليه وسلمـ يستمعـ إليه بكل هدوووء ..
    فلما انتهى سويد .. قال صلى الله عليه وسلمـ له : إن هذا لكلامـ حسن ..
    ثمـ قال مشوقاً لسويد : والذيـ معيـ أفضل من هذا ..
    قرآنـ أنزله الله تعالى علي .. هو هدى ونور ..
    ثمـ تلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ القرآنـ .. ودعاه إلى الإسلامـ ..
    وسويد يستمعـ منصتاً .. فلما فرغـ صلى الله عليه وسلمـ من كلامه ..
    ظهر على سويد التأثر .. وقال : إن هذا لقول حسنـ ..
    ثمـ انصرفـ سويد عنـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. ولا يزال متأثراً بما سمع ..
    فقدمـ المدينة على قومه .. فلمـ يلبثـ أن وقعـ قتال بينـ قبيلتيـ الأوسـ والخزرجـ ..
    وكانـ من قبيلة الأوس فقتلته الخزرجـ ..
    وذلك قبل أن يهاجر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة ..
    ولا يدرى هل أسلمـ أمـ لا ؟ وإن كانـ رجل من قومه ليقولونـ : إنا لنراه قد قتل وهو مسلمـ ..

    :: باختصار ::
    أسرف في المديح .. واقتصد في النقد ..

  10. #230


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ السابع والثمانــــــــــــين : الساحر ..
    يقول الشيخـ :::: الكلامـ ببلاشـ .. يا أخيـ سَمِّعنا كلمة حلوة ..
    هكذا بدأتـ المسكينة تعاتبـ زوجها ..
    صحيحـ هو ما قصر معها في طعامـ ولا لباسـ .. ولكنه لمـ يكنـ يسحرها بمعسول الكلامـ .. !!
    يجمعـ العقلاء أن أهمـ صفات البائعـ الماهر أن يكونـ ساحراً في كلامه ..
    فيردد : من عيونيـ .. تفضل .. خل الحساب علينا .. تعبكـ راحة ..
    وتزيد قيمة البائعـ كلما زادت عباراته جمالاً ..
    فإنـ أضافـ إلى حسنـ العبارة جودة في وصفـ السلعة .. وقدرة على إقناعـ الزبونـ بالشراء ..
    صار قد اكتسب نوراً على نور ..
    ويجمعـ المجربونـ أنـ من أهمـ صفاتــ السكرتير أنـ يكونـ لسانه عذباً .. وعباراته حلوة ..
    فيطربـ الأسماعـ بقوله : سَمْـ .. أبشر .. نحنـ ( خدّامينك ) ..
    وربما شغفتـ زوجة بزوجها حباً .. وهو كثير البخل قليل الجمال .. لكنه يسحرها بعباراته ..
    أذكر أنـ شاباً مراهقاً كانـ مغرماً بمغازلة الفتيات ..
    وكانـ له قدرة عجيبة على الإيقاعـ بهنـ .. وكمـ منـ مسكينة صارتـ متيمة بحبه ..
    عالقة بشراكه .. ومن العجبـ أنه لمـ يكنـ يملكـ سيارة فارهة يغريهنـ بركوبها ..
    ولمـ تكنـ جيبه مليئة بالمال ليغدق عليهنـ الهدايا .. ولا تظننـ أنه أوتيـ وسامة أو جمالاً ..
    كلا فإنيـ أسأل الله لكـ أن لا تبتلى بالنظر إلى وجهه !!
    لكنه كانـ يغلقـ فمه على لسانـ .. لو تكلمـ مع حجر لفلقه .. ولو سمعه نهر لدفّقه ..
    فكانـ يصطاد الفتياتـ بلسانه اصطياداً .. بل يسحرهنـ سحراً ..
    وحـديثهـا السحـر الحـلال لـو أنـه **** لم يجن قتل المسلم المتحرز
    إن طال لم يملل وإن هي أوجزت**** ود المحـدث أنـهـا لـم توجـز
    أقبل يوماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ثلاثةُ رجال سادة في قومهمـ ..
    قيسـ بن عاصم .. والزبرقانـ بن بدر .. وعمرو بنـ الأهتمـ ..وكلهمـ من قبيلة تميمـ ..
    فبدؤوا يتفاخرونـ .. فقال الزبرقان : يا رسول الله .. أنا سيد تميمـ .. والمطاعـ فيهمـ ..
    والمجابـ فيهمـ .. أمنعهمـ من الظلمـ .. فآخذ لهمـ بحقوقهمـ ..
    ثمـ أشار إلى السيد الآخر عمرو بن الأهتمـ .. وقال : وهذا يعلم ذاك ..
    فأثنى عمرو عليه وقال : والله يا رسول الله .. إنه لشديد العارضة .. مانع لجانبه ..
    مطاعـ فيـ ناديه ..ثمـ سكتـ عمرو ..
    فغضبـ الزبرقانـ .. وودَّ لو لأن عمرواً زاد في الثناء .. وظنـ أنه حسده على سيادته ..
    فقال الزبرقان : والله يا رسول الله .. لقد علم ما قال .. وما منعه أن يتكلم به إلا الحسد ..
    فغضب عمرو .. وقال :أنا أحسدك ؟!! فوالله إنك لئيم الخال .. حديث المال ..
    أحمق الموالد .. مضيع في العشيرة .. والله يا رسول الله لقد صدقتـ فيما قلت أولاً ..
    وما كذبتـ فيما قلتـ آخراً .. لكنيـ رجل رضيتـ فقلتـ أحسنَـ ما علمتـ ..
    وغضبتـ فقلتُـ أقبحـ ما وجدتـ .. ووالله لقد صدقتـ في الأمرينـ جميعاً ..
    فعجبـ صلى الله عليه وسلمـ منـ سرعة حجته .. وقوة بيانه .. ومهارات لسانه ..
    فقال : إنـ منـ البيانـ لسحراً .. إنـ منـ البيانـ لسحراً ..
    فكنـ مبدعاً فيـ مهارات لسانكـ .. فلو قال لكـ : ناولنيـ القلمـ .. قل : منـ عيونيـ .. تفضل ..
    ولو قال .. لكن يا فلانـ عندي طلبـ : اطلبـ عيونيـ .. سَمْـ ..
    أريد منكـ خدمة : تفضل .. خدمنا أناساً ما يساوونـ أثر رجليكـ ..
    مارسـ هذا الأسلوبـ الذي يدغدغـ المشاعر .. مع أمكـ .. نعمـ أسمعها كلماتـ رقيقة لينة ..
    مع أبيكـ .. زوجتكـ .. أولادكـ .. زملائكـ ..
    فهذا الأسلوبـ لا يخسركـ شيئاً .. وتسحر به الآخرين .. وتزيل ما فيـ نفوسهمـ ..
    وانظر إلى حال الأنصار رضيـ الله عنهمـ بعد معركة حنينـ ..
    الأنصار الذين قاتلوا مع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ في بدر ثم قتلوا في أحد ..
    وحوصروا فيـ الخندقـ .. ولا زالوا معه يقاتلونـ ويُقتَلونـ .. حتى فتحوا معه مكة ..
    ثمـ مضوا إلى معركة حنينـ .. ففي الصحيحينـ ..
    أنـ القتال اشتد أول المعركة .. وانكشفـ الناسـ عن رسول الله ..
    فإذا الهزيمة تلوحـ أمامـ المسلمينـ .. فالتفتـ صلى الله عليه وسلمـ إلى أصحابه ..
    فإذا همـ يفرون من بين يديه ..فصاحـ بالأنصار ..
    يا معشر الأنصار .. فقالوا : لبيكـ يا رسول الله ..
    وعادوا إليه .. وصفوا بينـ يديه ..ولا زالوا يدفعونـ العدو بسيوفهمـ ..
    ويفدونـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بنحورهمـ .. حتى فر الكفار وانتصر المسلمونـ ..
    وبعدما انتهتـ المعركة.. وجمعتـ الغنائمـ بينـ يدي النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    أخذوا ينظرون إليها ..وأحدهم يتذكر أولاده الجوعى ..
    وأهلَه الفقرا .. ويرجو أنـ يناله من هذه الغنائمـ شيء يوسع به عليهمـ ..
    فبينما همـ على ذلك ..فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    يدعو الأقرعـ بن حابس .. ما أسلمـ إلا قبل أيامـ فيـ فتحـ مكة .. فيعطيه مائة من الإبل ..
    ثمـ يدعو أبا سفيانـ ويعطيه مائة منـ الإبل ..ولا يزال يقسمـ النعمـ ..
    بين أقوامـ .. ما بذلوا بذل الأنصار .. ولا جاهدوا جهادهمـ ..
    ولا ضحوا تضحيتهمـ .. فلما رأى الأنصار ذلك ..
    قال بعضهمـ لبعض : يغفر الله لرسول الله .. يعطي قريشاً ويتركنا .. وسيوفنا تقطر من دمائهمـ ..
    فلما رأى سيدهمـ سعد بن عبادة رضيـ الله عنه ذلك ..
    دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فقال : يا رسول الله .. إنـ أصحابكـ منـ الأنصار وجدوا عليك فيـ أنفسهمـ .. قال : وما ذاكـ ؟!!
    قال : لما صنعتـ في هذا الفئ الذي أصبتـ .. قسمتـ في قومكـ .. وأعطيتـ عطاياً عظاماً ..
    فيـ قبائل العرب .. ولمـ يكنـ فيـ الأنصار منه شئ ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
    قال : يا رسول الله .. ما أنا إلا امرؤ منـ قوميـ ..
    فقال : فاجمعـ لي قومكـ .. فلما اجتمعوا .. أتاهمـ رسول الله ..
    فحمد الله وأثنى عليه .. ثمـ قال : يا معشر الأنصار .. ما قالة بلغتني عنكمـ ؟
    قالوا : أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثة أسنانهم ..
    فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطيـ قريشـ ويتركنا وسيوفنا تقطر منـ دمائهمـ ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : يا معشر الأنصار .. ألم تكونوا ضلالاً فهداكمـ الله بي ..
    قالوا : بلى ولله ورسوله .. المنة الفضل ..
    قال : ألمـ تكونوا عالة فأغناكمـ الله .. وأعداءً فألف بينـ قلوبكمـ ..
    قالوا : بلى ولله ورسوله .. المنة الفضل ..
    ثمـ سكتـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وسكتوا .. وانتظرَ .. وانتظروا ..
    فقال : ألا تجيبونيـ يا معشر الأنصار ..
    قالوا : وبماذا نجيبكـ يا رسول الله .. ولله ولرسوله المنة والفضل ..
    قال : أما والله لو شئتم لقلتم .. فلصَدَقتم ولصُدِّقتم ..
    لو شئتم لقلتم : أتيتنا مكذباً فصدقناك .. ومخذولاً فنصرناك .. وطريداً فآويناك ..
    وعائلاً فواسيناك .. ثم قال : يا معشر الأنصار ..
    أوجدتمـ على رسول الله في أنفسكمـ .. في لعاعة من الدنيا .. تألفتـ بها قوماً ليسلموا ..
    ووكلتمـ الى إسلامكمـ .. إن قريشاً حديثوا عهد بجاهلية ومصيبة ..
    وإنيـ أردت أن أجبرهمـ .. وأتألفهمـ .. ألا ترضونـ يا معشر الأنصار ..
    أنـ يذهبـ الناسـ بالشاة والبعير .. وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى بيوتكمـ ..
    لو سلكـ الناسـ وادياً أو شعباً .. وسلكتـ الأنصار وادياً أو شعباً .. لسلكتـ وادي الأنصار ..
    أو شعبـ الأنصار .. فوالذي نفس محمد بيده .. إنه لولا الهجرة ..
    لكنتـ امرءاً من الأنصار .. اللهمـ ارحمـ الأنصار .. وأبناء الأنصار .. وأبناء أبناء الأنصار ..
    فبكى القومـ حتى أخضلوا لحاهمـ .. وقالوا : رضينا برسول الله قَسْماً وحظاً..
    ثمـ انصرفـ رسول الله وتفرقوا .. بل إنك بالعبارات الجميلة تستطيع أن تخدر الناس أحياناً ..
    ذكر أنه كان فيـ صعيد مصر رجل غني متسلط يسمونه " الباشا " ..
    كانـ يملك فدادينـ منـ المزارعـ .. كانـ متغطرساً يمارسـ أصنافـ الإذلال على المزارعين الصغار ..
    دارت الزمان دورته فأصاب أرضه ما أتلفها .. فأصبح فقيراً بعد غنى .. كسيراً جاع أولاده ..
    وهو ليسـ عنده مصدر يتكسبـ منه .. ولا يعرفـ صنعة غير الزراعة .. لكنـ أرضه تالفة ..
    فخرجـ يبحثـ عنـ عمل .. أي عمل ..
    أقبل على مزرعة لأحد الفلاحينـ الضعفاء الذينـ ذاقوا من إذلاله قديماً ..
    دخل عليه .. وقال بكل مذلة : هل أجد عنكـ عملاً .. أقطف الثمر .. أو أنقي الحبوبـ ..
    أو أقلم الأشجار .. أو ..فثار المزارع في وجهه
    وقال : أنت تعمل عندي !! أنت المتكبر المتغطرس ..
    الحمد لله أنـ استجابـ دعاءنا عليكـ وأذلكـ .. ثمـ طرده من بستانه ..
    مضى يجر قدميـ خيبته .. حتى دخل بستاناً آخر .. فإذا بفلاحـ له معه ذكريات أليمة ..
    فطرده كما طرده الأول ..مضى الباشا ( !! ) المسكينـ لا يلوي على شيء ..
    ولا يريد أن يرجعـ إلى أولاده خالياً .. مر على مزرعة لفلاحـ ثالثـ .. فدخل ليجربـ حظه معه ..
    رآه الفلاح فانبهر .. وقد ذاق أيضاً من إذلاله من قبل .. قال الباشا : أنا أبحثـ عنـ عمل ..
    أولادي جوعى .. فأراد الفلاحـ أن يذله .. وأن ينتقمـ منه بأسلوبـ ذكيـ ..
    فقال له : أهلاً أيها الباشا !! نورتـ بستانيـ !! منـ مثليـ اليوم الباشا الكبير يدخل أرضي !!
    أنتـ الباشا الكبير .. أنتـ الباشا الوجيه !! أنتـ ..
    وجعل يخدّره بهذه العباراتـ .. حتى صار الباشا منوماً تنويماً مغناطيسياً !!
    ثمـ قال الفلاحـ : مرحباً وأهلاً .. عنديـ عمل .. لكني لا أدري هل يناسبك أم لا ؟
    قال الباشا : وما هو ؟
    قال : اليوم سوف أحرثـ الأرض .. وعندي محراثـ يجره ثورانـ .. ثور أبيض وثور أسود ..
    والثور الأسود اليوم مريضـ ولا يستطيعـ أنـ يعمل .. والثور الأبيضـ لا يطيق جر الحراثة وحده ..
    فأريدكـ أن تقوم اليومـ بوظيفة الثور الأسود .. فأنت قوي أيها الباشا ..
    أنتـ قائد .. أنتـ رئيسـ .. تسير في الأمام دائماً ..
    توجه الباشا بكل كبرياء إلى الحراثة .. ووقف بجانب الثور الأبيض ..
    أقبل المزارع إليه وبدأ بالثور الأبيض وربطه بالحبال ليجر المحراث ..
    ثمـ توجه إلى الباشا وهو يردد قائلاً : يا أحسنـ باشا فيـ العالمـ .. يا قويـ .. يا بطل ..
    والباشا يتلفتـ في زهو .. ثمـ ربط الحبال فيـ كتفيـ الباشا ..
    وركبـ هو على الحراثة معه السوط !! وصاحـ : امشـ .. وضربـ ظهر الثور فتحرك ..
    وتحركـ الباشا يجر المحراثـ .. والفلاحـ يردد : جميل يا باشا .. ممتاز يا ملكـ ..
    ويضربـ ظهر الثور .. ويصيحـ أقوى يا باشا .. أحسنـ يا باشا ..
    والباشا المسكينـ لم يتعود على ذلكـ .. لكنه كان يجر بكل قوته ..
    منـ الصباحـ حتى غابتـ الشمسـ .. وكأنه غائبـ العقل ..
    فلما انتهى فك الفلاحـ عنه الحبال .. وهو يقول : والله شغلكـ جميل يا باشا ..
    هذا أحسنـ يومـ مر عليـ يا باشا .. ثمـ بضع جنيهات .. ومضى الباشا إلى بيته ..
    دخل على أولاده .. وقد تقرحتـ كتفاه .. وسالتـ الدماء من أسفل قدميه ..
    والعرقـ يغرق ثيابه .. و .. لكنه لا يزال منتشياً مخدراً ..
    سأله أولاده : هاه .. هل وجدت عملاً ..
    فقال بكل فخر : نعمـ .. أنا الباشا .. كيف لا أجد عملاً ..
    فقالوا : فماذا اشتغلتـ ؟!
    فقال : اشتغلت .. هاه !! اشتغلت !!
    وبدأ يصحو منـ تخديره .. ويدرك ما أصابه ..
    قال : اشتغلتـ ثوراً !!!

    :: قرار ::
    اختر أطيب الكلام كما تختار أطيب الثمر ..

  11. #231


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الثامن والثمانــــــــــــين : الدعاء ..
    يقول الشيخـ :::: لا أعنيـ هنا الكلامـ عنـ فضل الدعاء .. وآدابه وشروط إجابته ..
    فهذا ليسـ له علاقة مباشرة بما نناقشه هنا وهو مهارات التعامل مع الناسـ ..
    وإنما أعنيـ : كيفـ تجعل الدعاء مهارة في كسبـ الناسـ ؟..
    ومنـ ذلكـ أن تدعو الله أيضاً أنـ يهديكـ إلى أحسنـ الأخلاقـ ..
    كما كانـ الحبيبـ صلى الله عليه وسلمـ يدعو قائلاً :
    (اللهم لك الحمد .. لا إله إلا أنت .. سبحانك وبحمدك .. ظلمت نفسي .. واعترفت بذنبي ..
    فاغفر لي ذنوبي .. لا يغفر الذنوب إلا أنت .. اهدني لأحسن الأخلاق .. لا يهدي لأحسنها إلا أنت ..
    واصرف عني سيئها .. إنه لا يصرف سيئها إلا أنت .. لبيك وسعديك والخير بيديك .. ) ..
    نعود إلى أصل كلامنا .. كيف تجعل الدعاء مهارة فيـ كسبـ قلوبـ الناسـ ..؟..
    الناسـ عموماً يحبون الدعاء لهمـ .. حتى عند السلامـ عليهمـ ولقائهمـ يفرحون إن دعوت لهمـ ..
    فمعـ قولكـ : كيفـ الحال وما الأخبار ؟ أضف إليها : الله يحرسكـ ..
    الله يجعلكـ مباركاً .. الله يثبت قلبكـ ..
    ولا تكنـ عباراتـ دعائكـ مستهلكة أو اعتيادية مثل : الله يوفقك .. الله يحفظك ..
    نعمـ هي دعاء حسن لكنـ السامع اعتاد عليه حتى لم يعد يرنـ فيـ أذنه عند سماعه ..
    وإنـ قابلتـ أحداً معه أولاده .. فادعـ لهمـ وهو يسمعـ .. الله يقر بهمـ عينكـ ..
    الله يجمعـ شملكمـ .. الله يرزقكـ برهمـ .. ونحو ذلكـ ..
    أنا أحكي هذا عن تجربة .. لقد جربته كثيراً كثيراً .. فرأيته يسلبـ قلوبـ الناسـ سلباً ..
    دعيتـ في ليلة من ليالي شهر رمضان قبل سنتينـ إلى لقاء مباشر في إحدى القنوات الفضائية ..
    كانـ اللقاء حول أحوال العبادة في رمضانـ ..
    وكانـ انعقاد اللقاء في مكة المكرمة في غرفة بأحد الفنادق مطلة على الحرمـ ..
    كنا نتحدثـ عنـ رمضانـ .. والمشاهدونـ يرونـ منـ خلال النافذة ..
    التي خلفنا المعتمرينـ والطائفينـ خلفنا على الهواء مباشرة ..
    كانـ المنظر مهيباً .. والكلامـ مؤثراً .. حتى إنـ مقدمـ البرنامجـ رق قلبه وبكى أثناء الحلقة ..
    كان الجو إيمانياً .. ما أفسده علينا إلا أحد المصورين !! كان يمسك كاميرا التصوير بيد ..
    واليد الثانية فيها سيجارة .. وكأنه يريد أنـ لا تضيع عليه لحظة منـ ليل رمضانـ ..
    إلا وقد أشبعـ رئتيه سيجاراً !! أزعجنيـ هذا كثيراً .. وخنقنيـ وصاحبيـ الدخانـ ..
    لكن لم يكن بد من الصبر .. فاللقاء مباشر .. وما حيلة المضطر إلا ركوبها !!
    مضتـ ساعة كاملة .. وانتهى اللقاء بسلامـ ..
    أقبل إليّ المصور .. والسيجارة فيـ يده .. شاكراً مثنياً .. فشددتـ على يده وقلتـ ..
    وأنتـ أيضاً أشكركـ على مشاركتكـ في تصوير البرامج الدينية ..
    ولي إليك كلمة لعلك تقبلها .. قال : تفضل .. تفضل ..
    قلت : الدخانـ والسجا .. فقاطعنيـ : لا تنصحنيـ .. والله ما فيه فائدة يا شيخ ..
    قلت : طيبـ اسمعـ مني .. أنتـ تعلمـ أن السجاير حرامـ وأن الله يقول ..
    فقاطعني مرة أخرى : يا شيخـ لا تضعـ وقتكـ ..
    أنا مضى لي أكثر من أربعين سنة وأنا أدخن .. الدخان يجري في عروقي .. ما فيه فااائدة ..
    كانـ غيرك أشطر !! قلت : يعني ما فيه فائدة ؟!! فأحرجـ مني وقال : ادع ليـ .. ادع ليـ ..
    فأمسكتـ يده وقلت : تعال معيـ .. قلتـ تعال ننظر إلى الكعبة ..
    فوقفنا عند النافذة المطلة على الحرم .. فإذا كل شبر فيه مليء بالناسـ ..
    ما بينـ راكعـ وساجد .. ومعتمر وباكـ .. كانـ المنظر فعلاً مؤثراً ..
    قلت : هل ترى هؤلاء ؟ قال : نعم ..
    قلت : جاؤوا من كل مكانـ .. بيضـ وسود .. عربـ وأعاجمـ .. أغنياء وفقراء ..
    كلهمـ يدعون الله أن يتقبل منهمـ ويغفر لهمـ ..
    قال : صحيحـ .. صحيحـ .. قلتـ أفلا تتمنى أنـ يعطيكـ الله ما يعطيهمـ ؟ قال : بلى ..
    قلت : ارفعـ يديكـ .. وسأدعو لكـ .. أمن على دعائيـ ..
    رفعت يدي وقلت : اللهم اغفر له .. قال : آمين ..
    قلت : اللهمـ ارفع درجته واجمعه مع أحبابه في الجنة .. اللهمـ ..
    ولا زلتـ أدعو حتى رق قلبه وبكى .. وأخذ يردد : آمين .. آمين ..
    فلما أردتـ أنـ أختمـ الدعاء ..
    قلت :اللهم إن ترك التدخين فاستجب هذا الدعاء وإن لم يتركه فاحرمه منه ..
    فانفجر الرجل باكياً .. وغطى وجهه بيديه وخرج من الغرفة ..
    مضتـ عدة شهور .. فدعيت إلى مقر تلكـ القناة للقاء مباشر ..
    فلما دخلتـ المبنى فإذا برجل بدينـ يقبل عليّـَ ثمـ .. يسلمـ عليـ بحرارة ..
    ويقبل رأسيـ .. وينحني على يدي ليقبلها .. وهو متأثر جداً ..
    فقلت له : شكر الله لطفكـ .. وأدبكـ .. وأقدر لك محبتكـ .. لكنـ اسمحـ لي فأنا لمـ أعرفكـ ..
    فقال : هل تذكر المصور الذي نصحته قبل سنتينـ ليترك التدخينـ ؟!
    قلت : نعمـ .. قال : أنا هو .. والله يا شيخـ إني لم أضع سيجارة في فميـ منذ تلك اللحظة ..
    ما أجمل الذكرياتـ إذا كانتـ سارة ..
    فيـ موسمـ الحجـ قبل ثلاث سنواتـ .. ذهبتـ لإلقاء كلمة فيـ إحدى حملاتـ الحجـ الكبرى ..
    في صلاة العصر ..بعد الكلمة ازدحمـ الناسـ يسألونـ ويسلمونـ ..
    حاولتـ التخلصـ السريعـ لارتباطيـ بمحاضرة بعدهمـ فوراً في حملة أخرى ..
    لاحظتـ منـ بينهمـ شابـ يقدمـ رجلاً ويؤخر أخرى .. مستحٍـ أنـ يزاحمـ الناسـ ..
    التفت إليه .. ومددت يديـ نحوه فصافحنيـ .. ثمـ سألته فيـ وسط الزحامـ .. : عندك سؤال ؟
    قال : نعمـ .. فجررته إليَّ والناسـ مزدحمونـ .. حتى اقتربـ ..
    قلت : ما سؤالكـ ؟
    فقال وهو مستعجل : ذهبت لرمي الجمراتـ .. معيـ جدتيـ وأختيـ .. وكان زحاماً شديداً ..
    و انتهى من سؤاله .. فأجبته عليه .. شممتـ منه خلال ذلك رائحة دخانـ ..
    فتبسمتـ وسألته : تدخنـ ؟..قال : نعمـ ..
    قلت : أسأل الله أن يغفر لكـ .. ويتقبل حجكـ .. إنـ تركتـ التدخينـ منـ هذه اللحظة ..
    سكتـ الشابـ .. كانـ واضحاً من وجهه أنه تأثر بالكلام ..
    مضتـ ثمانية أشهر .. فذهبتـ لإلقاء محاضرة فيـ إحدى المدنـ ..
    أقبلتـ إلى المسجد .. فإذا شابـ وقور ينتظرنيـ عند بابه .. تفاجأتـ به لما رآنيـ ..
    يقبل عليّ متحمساً ويسلم بحرارة ..
    لمـ أعرفه .. لكني بادلته السلامـ والترحيبـ .. قال : هل عرفتنيـ ..
    قلت : أشكر لكـ لطفكـ .. ومحبتكـ .. لكني لم أعرفكـ ..
    قال : هل تذكر الشابـ المدخنـ الذي قابلته في الحج .. ونصحته بتركـ التدخينـ ؟
    قلت : نعمـ .. نعمـ .. قال : أنا هو .. أبشركـ ولله الحمد أنيـ ما وضعتـ السيجارة في فميـ ..
    منذ تلكـ اللحظة .. تركتـ التدخينـ .. فصلحتـ كثير من أمور حياتيـ ..
    هززتـ يده مشجعاً .. ومضيتـ .. وقد أيقنتـ أن الدعاء للناسـ فيـ وجوههمـ ..
    وهمـ يسمعونـ .. ربما يكونـ أكثر تأثيراً منـ النصحـ المباشر ..
    ومثله لو رأيتـ شاباً باراً بأبيه .. فقلت له : جزاكـ الله .. الله يوفقكـ ..
    الله يجعل أولادكـ بارين بكـ ..بلا شكـ أن هذا الدعاء سيكونـ دافعاً له أكثر ..
    كانـ النبيـ الكريمـ .. عليه أفضل الصلاة والتسليمـ ..
    مبدعاً فيـ استعمال الدعاء لدعوة الناسـ وكسبهمـ والتأثير فيهمـ لتقريبهمـ للدين ..
    كانـ الطفيل بن عمرو سيداً مطاعاً في قبيلته دوسـ ..
    قدمـ مكة يوماً فيـ حاجة .. فلما دخلها .. رآه أشرافـ قريشـ .. فأقبلوا عليه ..
    وقالوا : منـ أنتـ ؟ قال : أنا الطفيل بن عمرو .. سيد دوس ..
    فقالوا : إن ههنا رجل فيـ مكة يزعمـ أنه نبيـ .. فاحذر أنـ تجلسـ معه أو تسمعـ كلامه ..
    فإنه ساحر .. إن استمعتـ إليه ذهب بعقلكـ ..
    قال الطفيل : فو الله ما زالوا بي يخوفوننيـ منه .. حتى أجمعتـ ألا أسمع منه شيئاً ..
    ولا أكلمه .. بل حشوتـ فيـ أذنيَّ كرسفا .. وهو القطنـ خوفاً منـ أنـ يبلغنيـ شيء منـ قوله ..
    وأنا مارّ به .. قال الطفيل : فغدوتـ إلى المسجد ..
    فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قائمـ يصليـ عند الكعبة ..
    فقمتـ منه قريباً .. فأبى الله إلا أنـ يسمعنيـ بعضـ قوله ..
    فسمعتـ كلاماً حسناً .. فقلتـ في نفسي : واثكل أمي ! والله إنيـ لرجل لبيبـ ..
    ما يخفى عليَّـ الحسنُـ منـ القبيحـ .. فما يمنعنيـ أنـ أسمعـ منـ هذا الرجل ما يقول ..
    فإن كان الذي به حسناً قبلته .. وإن كان قبيحاً تركته .. فمكثت حتى قضى صلاته ..
    فلما قامـ منصرفاً إلى بيته تبعته ..
    حتى إذا دخل بيته دخلتـ عليه .. فقلت : يا محمد .. إن قومكـ قالوا ليـ كذا وكذا ..
    ووالله ما برحوا يخوفوننيـ منكـ حتى سددتـ أذنيـ بكرسف لئلا أسمعـ قولكـ ..
    وقد سمعتـ منك قولاً حسناً .. فاعرضـ عليَّ أمركـ ..
    فابتهجـ النبيـ عليه الصلاة والسلامـ .. وفرحـ .. وعرضـ الإسلامـ على الطفيل ..
    وتلا عليه القرآن .. فتفكر الطفيل في حاله .. فإذا كل يوم يعيشه يزيده من الله بعداً ..
    وإذا هو يعبد حجراً .. لا يسمعـ دعاءه إذا دعاه .. ولا يجيب نداءه إذا ناداه ..
    وهذا الحقـ قد تبين له .. ثمـ بدأ الطفيل يتفكر في عاقبة إسلامه ..
    كيفـ يغير دينه ودين آبائه !!.. ماذا سيقول الناسـ عنه ؟!
    حياته التيـ عاشها .. أمواله التيـ جمعها .. أهله .. ولده .. جيرانه .. خلانه ..
    كل هذا سيضطربـ .. سكتـ الطفيل .. يفكر .. يوازن بين دنياه وآخرته ..
    وفجأة إذا به يضربـ بدنياه عرضـ الحائط .. نعمـ سوفـ يستقيمـ على الدينـ ..
    وليرضـ من يرضى .. وليسخط من يسخط .. وماذا يكون أهل الأرض ..
    إذا رضيـ أهل السماء .. ماله ورزقه بيد من في السماء ..
    صحته وسقمه بيد منـ في السماء .. منصبه وجاهه بيد منـ فيـ السماء ..
    بل حياته وموته بيد منـ فيـ السماء .. فإذا رضي أهل السماء .. فلا عليه ما فاته منـ الدنيا ..
    إذا أحبه الله .. فلبيغضه بعدها منـ شاء .. وليتنكر له منـ شاء .. وليستهزئ به منـ شاء ..
    فليتك تحلو والحياة مريــــرة **** وليتك ترضى والأنام غضاب
    وليت الذي بيني وبينك عامر **** وبيني وبين العالمين خراب
    إذا صح منك الود فالكل هين **** وكل الذي فوق التراب تراب
    نعمـ .. أسلمـ الطفيل في مكانه .. وشهد شهادة الحقـ ..
    ثمـ ارتفعتـ همته .. فقال : يا نبي الله .. إني امرؤ مطاعـ فيـ قوميـ ..
    وإنيـ راجعـ إليهمـ وداعيهمـ إلى الإسلامـ .. ثمـ خرجـ الطفيل من مكة ..
    مسرعاً إلى قومه .. حاملاً همَّـ هذا الدين ..
    يصعد به جبل .. وينزل به واد .. حتى وصل ديار قومه .. فلما دخلها .. أقبل إليه أبوه ..
    وكانـ شيخاً كبيراً .. فقال الطفيل : إليكـ عنيـ يا أبتـ .. فلستـ منكـ ولستـ منيـ ..
    قال : ولمـ يا بني ؟ قال : أسلمتـ وتابعتـ دينـ محمد صلى الله عليه وسلمـ ..
    قال : أي بني ديني دينكـ ..قال : فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ..
    ثم ائتني حتى أعلمك مما علمت ..
    فذهب أبوه واغتسل وطهر ثيابه .. ثمـ جاء فعرضـ عليه الإسلامـ فأسلمـ ..
    ثمـ مشى الطفيل إلى بيته .. فأتته زوجته مرحبة ..
    فقال : إليك عنيـ .. فلستـ منكـ ولستـ منيـ ..
    قالت : ولمـ ؟ بأبيـ أنت وأميـ .. قال : فرَّقـ بيني وبينك الإسلام ..
    وتابعتـ دين محمد صلى الله عليه وسلمـ ..
    قالت : فدينيـ دينكـ .. قال : فقلتـ فاذهبيـ فتطهريـ .. ثمـ ارجعيـ إليّـَ ..
    فواّته ظهرها ذاهبة ثمـ خافتـ منـ صنمهمـ أن يعاقبها فيـ أولادها إن تركتـ عبادته ..
    فرجعتـ إليه وقالت : بأبيـ أنت وأميـ .. أما تخشى على الصبية منـ ذي الشرى .. ؟
    وذو الشرى صنمـ عندهمـ يعبدونه .. وكانوا يرون أن من ترك عبادته أصابه أو أصاب ولده بأذى
    فقال الطفيل : اذهبيـ .. أنا ضامنـ لكـ أن لا يضرهمـ ذو الشرى ..
    فذهبت فاغتسلت .. ثم عرض عليها الإسلام فأسلمت ..
    ثمـ جعل الطفيل يطوفـ فيـ قومه .. يدعوهمـ إلى الإسلامـ بيتاً بيتاً ..
    ويقبل عليهمـ فيـ نواديهمـ .. ويقفـ عليهمـ فيـ طرقاتهمـ ..
    لكنهمـ أَبَوْا إلا عبادة الأصنامـ .. فغضبـ الطفيل .. وذهبـ إلى مكة ..
    فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فقال : يا رسول الله ..
    إنـ دوساً قد عصتـ وأبتـ .. يا رسول الله .. فادع الله عليهم ..
    فتغير وجه النبي عليه الصلاة والسلام .. ورفعـ يديه إلى السماء ..
    فقال الطفيل في نفسه .. هلكت دوْس .. فإذا بالرحيمـ الشفيقـ صلى الله عليه وسلمـ..
    يقول : اللهمـ اهد دوساً .. اللهمـ اهد دوساً ..
    ثمـ التفتـ إلى الطفيل وقال : ارجعـ إلى قومكـ .. فادعُهمـ .. وارفق بهمـ ..
    فرجعـ إليهمـ .. فلمـ يزل بهمـ .. حتى أسلموا ..نعمـ .. ما أحسنـ قرعـ أبواب السماء ..
    ليسـ الطفيل وقومه فقط .. وإنما غيرهمـ كثير ..
    كانـ المسلمون في بداية الدعوة النبوية قلة .. لمـ يتعدوا ثمانية وثلاثين رجلا ..
    فألـحّـَ أبو بكر يوماً على رسول الله في صلى الله عليه وسلمـ ..
    الظهور أمامـ الناسـ بالدعوة والجهر بالإسلام ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : يا أبا بكر .. إنا قليل .. كانـ أبو بكر رضيـ الله عنه متحمساً ..
    فلمـ يزل يلحّ على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ حتى اجتمعوا فخرجوا ..
    يتقدمهمـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    توجهوا إلى المسجد .. تفرقوا فيـ نواحي المسجد .. كل رجل فيـ عشيرته ..
    وقامـ أبو بكر فيـ الناسـ خطيباً .. يدعو إلى الإسلامـ .. ويذم آلهتهمـ ..
    وثار المشركونـ على المسلمينـ .. فضربوهمـ في نواحي المسجد ضرباً شديداً ..
    كانـ المشركونـ كثير .. فتفرقـ المسلمونـ .. أقبل جمعـ منهمـ إلى أبي بكر ..
    وضربوه ضرباً شديداً ..فوقعـ على الأرضـ في شدة الرمضاء ..
    فدنا منه الفاسقـ عتبة بن ربيعة .. فجعل يضربه بنعلينـ مخصوفينـ ..
    ويفركهما على وجهه .. ثمـ قامـ على بطن أبيـ بكر .. حتى سالتـ الدماء من وجه أبي بكر ..
    وتمزقـ لحم وجهه .. حتى ما يعرف فمه من أنفه .. وجاء بنو تيم قبيلة أبي بكر .. يتعادون ..
    وأبعدوا الناسـ عنـ أبي بكر .. وحملوه فيـ ثوب حتى أدخلوه منزله ..
    وهمـ لا يشكونـ أنه ميت .. ثمـ رجع قومه بنو تيم .. فدخلوا المسجد ..
    وجعلوا يصرخونـ فيـ المشركين .. يقولونـ : والله لئنـ ماتـ أبو بكر لنقتلنـ عتبة بن ربيعة ..
    ثمـ رجعوا الى أبي بكر .. وهو مغمى عليه .. لايدرونـ .. حي أو ميت !!
    ظل أبو قحافة والد أبي بكر .. مع قومه .. واقفين عند أبي بكر .. يكلمونه ..
    فلا يجيبهمـ ..وأمه تبكيـ عند رأسه .. فلما كان آخر النهار ..
    فتحـ عينيه .. فكان أول كلمة قالها : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ. ؟!
    رضيـ الله عن أبيـ بكر .. كان يهيمـ برسول الله صلى الله عليه وسلمـ حباً ..
    يخافـ عليه أكثر مما يخافـ على نفسه ..كانـ كل من حوله .. أبوه أمه ..
    قومه .. مشركين ..فغضبوا .. وجعلوا يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    ثمـ قاموا .. وقالوا لأمـ أبي بكر : أطعميه شيئاً أو اسقيه ..
    فجعلتـ أمه تلحـ عليه .. وهو يردد قائلاً : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..؟
    فقالتـ : والله ماليـ علم بصاحبكـ .. فقال : اذهبيـ إلى أمـ جميل بنت الخطابـ .. فسليها عنه ..
    وكانتـ أمـ جميل مسلمة تكتمـ إسلامها ..خرجتـ أمه حتى جاءتـ أمـ جميل ..
    فقالت : إنـ أبا بكر يسألكـ عنـ محمد بن عبد الله ..
    فقالت : ما أعرفـ أبا بكر .. ولا محمد بن عبد الله .. لكنـ أتحبينـ أنـ أمضيـ معكـ إلى ابنكـ ؟
    قالت : نعمـ .. فمضت معها .. حتى دخلتـ على أبي بكر .. فوجدته صريعاً دنفاً ..
    ممزقـ الوجه .. مرهقـ الجسد .. فلما رأته أمـ جميل صاحتـ ..
    وقالت : والله إن قوماً نالوا هذا منكـ لأهل فسق وكفر .. وإني لأرجو أن ينتقمـ الله لك منهمـ .
    قال : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    وكانتـ أم أبيـ بكر بجانبها .. فخافتـ أمـ جميل أنـ يفضحـ أمر إسلامها .. فيؤذونها ..
    فقالت : يا أبا بكر .. هذه أمكـ تسمـ .. قال : فلا شيء عليكـ فيها ..
    قالت : أبشر .. فرسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. سالمـ صالحـ .. قال : فأين هو ؟
    قالت : فيـ دار أبي الأرقمـ ..
    فقالت أمه : قد علمتـ خبر صاحبكـ .. فقمـ فأكل طعاماً .. أو اشربـ ..
    قال : فإنـ لله عليَّ أن لا أذوقـ طعاماً أو شراباً ..
    حتى أرى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بعينيـ .. فانتظرتا .. حتى إذا هدأ الناسـ ..
    خرجتا به يتكيء عليهما .. فذهبتا به إلى بيت أبي الأرقم ..
    حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلما دخل فإذا وجه جريحـ ..
    ودماء تسيل .. وثياب ممزقة .. فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فأكب عليه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يقبله .. وأكب عليه المسلمونـ يقبلونه ..
    ورقَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلمـ رقة شديدة ..
    حتى ظهر التأثر على وجهه الشريف صلى الله عليه وسلمـ ..
    فأراد أبو بكر أن يخفف عليه .. فقال : بأبيـ وأميـ يا رسول الله .. ليسـ من بأسـ ..
    إلا ما نال الفاسقـ من وجهيـ ..
    ثمـ قال أبو بكر .. البطل الذي يحمل هم الدعوة .. ويحسن استثمار المواقف ..
    كانـ جريحاً .. جائعاً عطشاناً .. ومعـ ذلك .. قال : يا رسول الله .. هذه أمي برة بوالديها ..
    وأنت مبارك .. فادعها الى الله عز وجل .. وادع الله لها .. عسى الله أن يستنقذها بك من النار ..
    فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..ثمـ دعاها الى الله عز وجل ..
    فأسلمتـ فوراً في مكانها .. كانـ الدعاء أصلاً منـ الأصول التي يتعاملون بها ..
    أسلمـ أبو هريرة رضيـ الله عنه .. وبقيت أمه كافرة .. كانـ يدعوها إلى الإسلامـ فتأبى ..
    فدعاها يوماً .. وألـحَّ فأسمعته في رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ما يكره ..
    فضاقـ صدر أبي هريرة بذلكـ .. وذهبـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وهو يبكيـ ..
    فقال : يا رسول الله .. إني كنت أدعو أميـ إلى الإسلام فتأبى علي ..
    وإنيـ دعوتها اليومـ فأسمعتنيـ فيكـ ما أكره ..
    فادعـ الله يا رسول الله أن يهديـ أمـ أبيـ هريرة إلى الإسلامـ ..
    فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فرجعـ أبو هريرة إلى أمه ..
    فلما كانـ على البابـ .. فإذا هو مغلقـ .. فحركه ليدخل .. فإذا بأمه تفتح له البابـ ..
    وتقول : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأنـ محمداً رسول الله ..
    فرجعـ أبو هريرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وهو يبكيـ من الفرحـ ..
    وجعل يقول : أبشر يا رسول الله .. قد استجابـ الله دعوتكـ ..
    وهدى الله أمـ أبي هريرة إلى الإسلامـ ..
    ثمـ قال أبو هريرة : يا رسول الله .. أدعـ الله أن يحببنيـ وأميـ إلى عباده المؤمنينـ ..
    ويحببهمـ إلينا . . فقال صلى الله عليه وسلمـ ..
    اللهمـ حببـ عبيدكـ هذا وأمه إلى عبادكـ المؤمنينـ .. وحببهمـ إليهما ..
    قال أبو هريرة : فما على الأرضـ مؤمن ولا مؤمنة .. إلا وهو يحبنيـ وأحبه ..

    :: إضاءة ::
    ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )

  12. #232


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ التاسعـ والثمانــــــــــــين : قبل نجواكمـ .. صدقة ..
    يقول الشيخـ :::: الطلباتـ الكبيرة تحتاجـ إلى تهيئة المطلوبـ منه قبل طلبها ..
    لئلا يسارعـ إلى الرفضـ .. وهذا عامـ فيـ الطلباتـ الشفهية والمكتوبة ..
    فلو أردتـ أن تكتبـ إلى غنيـ تطلبـ منه حاجة .. لناسبـ أنـ تكتبـ قبل حاجتكـ ..
    شيئاً منـ الثناء على جوده وكرمه ومحبته للخير .. ثمـ بعد ذلك تكتبـ حاجتكـ ..
    ومثله لو أردتـ حاجة من أبيكـ أو أخيكـ أو .. من يدريـ ربما .. زوجتكـ ..
    يناسبـ أنـ تقدمـ قبلها بمقدمة ..فلو دعوتـ نفراً منـ أصدقائكـ إلى مأدبة غداء ..
    وأردتـ أنـ تخبر زوجتكـ لتعد الطعامـ وتهيئ البيتـ .. لناسبـ أنـ تقول قبل ذلكـ ..
    بصراحة طعامكـ لذيذ .. جميعـ أصدقائيـ يفرحونـ إذا دعوتهمـ لأجل أن يأكلوا منـ عمل يدك ..
    تصدقينـ !! لقد أكلتـ فيـ أرقى المطاعمـ .. وما ذقتـ لذة كلذة طعامك أبداً ..
    وبصراحة رأيتـ البارحة صديقاً لي جاء منـ سفر .. ومنـ بابـ المجاملة قلتـ له تغد معي غداً ..
    فتفاجأتـ به أن وافقـ ..!! فدعوتـ معه بعضـ الأصدقاء .. فليتكـ تعملينـ لنا طعاماً ..
    هذا الأسلوبـ أحسنـ منـ صراخكـ إذا دخلتـ بيتكـ : يا فلانة .. فلانة ..
    فتجيبكـ : لبيكـ .. أنا قادمة .. وهي تظنـ أنك ستدعوها إلى نزهة ..
    فتقول : بسرعة .. بسرعة .. المطبخ .. المطبخ .. عنديـ رجال سيأتون ..
    لا تتأخريـ بالغداء .. وانتبهيـ أثناء إعداده .. و ..
    ومثله لو أردتـ أنـ تطلبـ إجازة من مديرك ..أو تخبر أمكـ أو أباك بخبر ..
    وقد قرأتـ في سيرة النبيـ الأكرمـ صلى الله عليه وسلمـ .. ما يدل على ذلك ..
    كانـ النبي صلى الله عليه وسلمـ قد رضعـ في صغره قريباً منـ ديار هوازنـ ..
    وكانـ يرجو أنـ يسلموا .. فبلغه .. أنـ هوازنـ قد جمعتـ جموعها .. فخرجـ إليهمـ .. وقاتلهمـ ..
    فنصر الله نبيه صلى الله عليه وسلمـ عليهمـ .. فساقـ الغنائمـ ..
    فأقبل بعضهمـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وهو نازل بالجعرانة ..
    وقد قتل من قتل منـ رجالهمـ .. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    النساء والأطفال في مكانـ .. فقامـ منهمـ خطيبهمـ زهير بن صرد فقال ..
    يا رسول الله إنما فيـ الحظائر منـ السبايا خالاتكـ .. وحواضنكـ .. اللاتي كن يكفلنكـ ..
    ولو أنا ملحنا لابن أبي شمر .. أو النعمان بن المنذر ..
    ثمـ أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك .. رجونا عائدتهم وعطفهم ..
    وأنتـ رسول الله خير المكفولينـ .. ثمـ أنشأ يقول :
    امنن علينا رسول الله في كـــرم **** فإنك المرء نرجوه و ننـــتظــــر
    امنن على نسوة قد كنت ترضعها **** إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
    لا تجعلنــــا كمن شالت نعامـتـــه **** و استبق منا فإنا معشر زهــر
    إنا لنشــكـــر آلاء و إن كـفـــــــرت ****وعندنا بعد هذا اليوم مدخـــــر
    وقد أدبـ الله المؤمنين ..
    فقال : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" ..
    وكانتـ العرب .. إذا أرادتـ أنـ تستنجد بأحد .. أو تطلبـ عونه ..
    أول ما تلجأ إلى الكلامـ والأشعار .. فتحدثـ فيـ النفوسـ مالا تفعله السيوفـ ..
    لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. يريد العمرة .. خافتـ قريشـ ..
    وكاد النبي صلى الله عليه وسلمـ أن يقاتلهم .. لولا أنهم .. ألحوا عليه حتى كتب بينه
    وبينهم .. هدنة لمدة عشر سنوات .. وقف للقتال .. وكان في صلح الحديبية .. لما كتب ..
    أنه منـ شاء منـ القبائل أنـ يدخل فيـ عقد محمد وعهده دخل ومنـ شاء أنـ يدخل فيـ عقد
    قريشـ وعهدهمـ دخل .. فتواثبتـ خزاعة وقالوا : نحن ندخل في عقد محمد وعهده ..
    وتواثبتـ بنو بكر وقالوا : نحنـ ندخل فيـ عقد قريشـ وعهدهمـ ..
    وكانـ بينـ هذينـ الحيينـ دماء وقتال ..
    واشتدتـ ضغينة قريشـ على خزاعة .. لكنهمـ خافوا أنـ يصيبوهمـ بشيء ..
    فينتصر لهمـ النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
    فلما مضى منـ هدنة الحديبية .. نحو السبعة أو الثمانية عشر شهراً ..
    وثبـ بنو بكر على خزاعة .. ليلاً بماء يقال له الوتير .. وهو قريبـ منـ مكة ..
    وطلبوا الإعانة منـ قريشـ .. فقالتـ قريشـ : ما يعلمـ بنا محمد وهذا الليل وما يرانا منـ أحد ..
    فأعانوهمـ عليهمـ بالكراعـ والسلاحـ .. وقاتلوهمـ معهمـ ..
    ففزعتـ خزاعة .. وقتل منـ قتل منـ رجالهمـ ونسائهمـ وذراريهمـ ..
    فلما رأى رجل منهمـ وهو عمرو بن سالمـ .. ما حل بقومه .. ركبـ بعيره .. وهربـ منـ يد قريشـ
    حتى قدمـ على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فيـ المدينة .. فدخلها فزعاً .. مصاباً
    مكروباً .. ثمـ أقبل إلى المسجد .. عليه أثر الطريق ووعثاء السفر ..
    ووقفـ بينـ يدي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فقال :
    يا رب إني ناشـــد محمــــــداً ****حلف أبيه وأبيـنــا الأتــلــدا
    قد كنتم وِلْداً وكنــــا والـــــداً ****ثمت أسلمنا فلم ننزع يـــدا
    فانصر رسول الله نصراً أبـــدا ****وادع عباد الله يأتوا مــــددا
    فيهم رسول الله قــد تجـــردا****إن سيما خسفاً وجهه تربدا
    في فيلق كالبحر يجري مزبدا****إن قريشاً أخلفوك الموعـدا
    ونقّضوا ميثاقــــــك المؤكـــدا****وجعلوا لي في كداء رصـداً
    وزعموا أن لست أدعـــو أحدا ****فهم أذل وأقــــــل عــــدداً
    هم بيتونا بالوتيــر هجـــــــدا **** وقتلونـــــا ركعاً وسجــــــدا
    فلما سمعـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ هذا الكلامـ .. والشعر .. والنداء .. انتفضـ ..
    وغضبـ .. وقال :" نصرتـ يا عمرو بن سالمـ " ..
    ثمـ قامـ .. مسرعاً .. وأمر الناسـ بالتجهز للخروجـ للقتال ..
    ففزعـ الناسـ يتجهزون .. وهمـ لا يعلمونـ أينـ سيكونـ القتال ..
    وقد خشيـ صلى الله عليه وسلمـ أنـ يخبر بوجهته .. فيصل الخبر إلى قريشـ ..
    وسأل الله أنـ يعميـ على قريشـ خبره حتى يبغتهمـ فيـ بلادهمـ ..
    ورسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. قد اشتد غضبه على قريشـ لخيانتهمـ ..
    فكانـ يتجهز ويقول : كأنكمـ بأبيـ سفيانـ قد جاءكمـ يشد فيـ العقد ويزيد في المدة " ..
    ثمـ أقبل نفر منـ خزاعة آخرينـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فيهمـ بديل بن ورقاء .. حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فأخبروه بما أصيبـ منهمـ .. ومظاهرة قريشـ بنيـ بكر عليهمـ ..
    فوعدهمـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بالنصر ..
    وقال لهمـ : " ارجعوا فتفرقوا فيـ البلدان " .. وخشيـ أنـ تعلمـ قريشـ بخبرهمـ معه ..
    فتقاتلهمـ .. قبل وصوله إليهمـ .. فانصرفوا راجعينـ إلى ديارهمـ ..
    فلقوا أبا سفيانـ بعسفانـ .. قد بعثته قريشـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    يشد العقد ويزيد فيـ المدة .. وقد رهبوا أن يكونـ بلغه ما فعلوا .. فلما لقيـ أبو سفيان بديلاً ..
    خشيـ أن يكونـ أقبل منـ عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فقال : منـ أينـ أقبلت يا بديل ؟
    فقال بديل : سرتـ فيـ خزاعة فيـ هذا الساحل فيـ بطنـ هذا الوادي ..
    فسكتـ أبو سفيانـ .. فلما جاوزه بديل .. أقبل أبو سفيانـ إلى مبركـ ناقة بديل ..
    فأخذ من بعرها ففته بيده .. فرأى فيه نوى التمر .. فعلمـ أنـ الناقة كانتـ بالمدينة ..
    فهمـ الذينـ يطعمونـ دوابهمـ نوى التمر .. فقال أبو سفيانـ : أحلف بالله لقد جاء بديل محمداً ..
    ثمـ مضى أبو سفيان ..حتى وصل المدينة ..
    فتوجه إلى بيتـ ابنته أمـ حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فلما دخل أقبل ليجلسـ على فراشـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فطوته منـ تحته .. فقال : يا بنية ما أدريـ أرغبتـ بي عنـ هذا الفراشـ .. أو رغبتـ به عنيـ ؟
    فقالت : بل هو فراشـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وأنتـ مشركـ نجسـ ..
    فلمـ أحبـ أنـ تجلسـ على فراشه .. فعجبـ منها ..
    وقال : يا بنية والله لقد أصابكـ بعدي شر !
    ثمـ مضى أبو سفيانـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فقال : يا محمد اشدد العقد وزدنا فيـ المدة ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : ولذلكـ قدمتـ ؟ هل كانـ منـ حدثـ قبلكمـ ؟!
    قال : معاذ الله ! نحنـ على عهدنا وصلحنا يومـ الحديبية لا نغير ولا نبدل ..
    فسكتـ عنه النبي صلى الله عليه وسلمـ .. فكرر عليه أبو سفيانـ ..
    ورسول الله صلى الله عليه وسلمـ لا يجيبه ..
    فخرجـ منـ عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    وأتى أبا بكر فقال : اشفعـ ليـ عند محمد .. أنـ يجدد العقد .. ويزيد فيـ المدة ..
    أو امنعنيـ وقوميـ .. فقال أبو بكر : جواريـ فيـ جوار رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    ولا أمنعـ أحداً منه .. وأما أنا فوالله لو وجدتـ الذر تقاتلكمـ لأعنتها عليكمـ ..
    فخرجـ أبو سفيانـ .. فأتى عمر بنـ الخطاب فكلمه ..
    فقال عمر بنـ الخطابـ : أنا أشفعـ لكمـ عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ؟
    بل ما كان من حلفنا جديداً فأخلقه الله ..وما كان منه مثبتاً فقطعه الله ..
    وما كانـ منه مقطوعاً فلا وصله الله !
    فلما سمعـ أبو سفيانـ ذلك .. تغير .. فكأنما لُطِمـ ..
    فخرجـ أبو سفيانـ وهو يقول : جزيتـ من ذيـ رحمـ شراً ..
    فلما يئسـ مما عندهم دخل على علي ..
    فقال له : يا عليـ أنتـ أقربهم بي نسباً .. فاشفعـ لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    فقال له علي : يا أبا سفيانـ .. إنه ليسـ أحد منـ أصحابـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    يفتاتـ على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بجوار ..
    أيـ لا يستطيعـ أحد منعه عن أحد إن أراده .. فهو لا ينطقـ عنـ الهوى ..
    وأنتـ سيد قريشـ .. وأكبرها .. وأمنعها .. فأجر بينـ عشيرتكـ .. وامنعـ نفسكـ ..
    يعني : صحـ بالناسـ إنيـ قد منعتـ نفسيـ .. ثمـ الحقـ بأرضكـ ..
    قال أبو سفيان : أو ترى ذلكـ يغنيـ عنيـ شيئاً ..
    قال : لا .. ولكنـ هو رأي أراه ..
    فخرجـ أبو سفيانـ إلى الناسـ فيـ المدينة ثمـ صاحـ ..
    ألا إنيـ قد أجرتـ بينـ الناسـ .. ولا والله ما أظنـ أنـ يخفرنيـ أحد ..
    فقامـ أبو سفيانـ فيـ المسجد فقال : أيها الناسـ إنيـ قد أجرتـ بين الناسـ ..
    ثمـ ركبـ بعيره فانطلقـ إلى مكة ..
    فلما أنـ قدمـ على قريشـ قالوا : ما وراءكـ ؟
    هل جئتـ بكتابـ من محمد أو عهد ؟ قال : لا والله لقد أبى عليـ ..
    وقد تتبعتـ أصحابه فما رأيتـ قوماً لملكـ عليهمـ أطوعـ منهمـ له ..
    ولقد جئتـ محمداً فكلمته .. فوالله ما رد علي شيئاً ..
    ثمـ جئتـ ابن أبيـ قحافة فوالله ما وجدتـ فيه خيراً ..
    ثمـ جئتـ عمر فوجدته أعدى عدو .. ثمـ جئت علياً فوجدته ألين القوم ..
    وقد أشار علي بأمر صنعته .. فوالله ما أدري هل يغني عنا شيئاً أم لا ؟
    قالوا : بماذا أمركـ ؟ قال : أمرنيـ أن أجير بينـ الناسـ ففعلتـ ..
    قالوا : هل أجاز ذلكـ محمد ؟ قال : لا ..
    قالوا : ويحكـ ما زادكـ الرجل على أنـ لعبـ بكـ .. فما يغنيـ عنا ما قلتـ ..
    فقال : لا والله ما وجدتـ غير ذلكـ ..
    فاغتمـ أبو سفيانـ .. ودخل على امرأته فحدثها الحديثـ ..
    فقالت : قبحكـ الله منـ وافد قومـ ! فما جئتـ بخير ..
    ثمـ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. إلى مكة فاتحاً ..

    :: بالإشارة يفهمُ ::
    اللقمة الكبيرة تحتاج لمضغ جيد قبل ابتلاعها

  13. #233


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ التسعـــــــــــــون : فليسعد النطقـ إنـ لمـ تسعد الحال !!
    يقول الشيخـ :::: منـ أحرجـ المواقفـ أنـ يقصدكـ صاحبـ حاجة ..
    ثمـ يرجعـ خائباً غير مقضية حاجته .. نعمـ قضاء حاجاتـ الناسـ طاعة عظيمة ..
    ولو لمـ يكنـ فيها إلا قوله صلى الله عليه وسلمـ ..
    لئنـ أمشي مع أخي في حاجة حتى أثبتها له ، أحب إلي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً "..
    لكفى فيـ فضلها .. لكنـ بعض الحاجاتـ يصعب قضاؤها ..
    فليسـ كل منـ طلبـ منكـ أنـ تسلفه مالاً قدرتـ على إعطائه ..
    ولا كل منـ طلب منكـ مرافقته فيـ سفر قدرت على تلبية طلبه ..
    ولا كل منـ طلبـ حاجة معكـ كقلمـ أو ساعة أو غيرها .. استطعتـ إعطاءها له ..
    والمشكلة أنـ أكثر الناسـ إذا لمـ تلبِّـ حاجاتهمـ وجدوا عليكـ فيـ أنفسهمـ ..
    وقد يذمونكـ فيـ المجالسـ .. ويتهمونكـ تارة بالبخل .. وتارة بالأنانية .. وتارة ..إذنـ ما العمل ؟!
    كنـ ماهراً فيـ الخروجـ منـ الموقفـ .. فإذا طلبـ منكـ أحد شيئاً ..
    ولمـ تستطعـ قضاءه فعلى الأقل رده بعبارات جميلة .. كما قال ..
    لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
    فلو علمـ شخصـ بأنكـ ستسافر إلى مدينة معينة .. فحاءكـ وقال : أريدكـ أنـ تشتريـ لي حاجة
    منـ المدينة التيـ أنتـ مسافر إليها .. وأنتـ لا رغبة لكـ فيـ قضاء حاجته لأي سببـ ..
    فكيفـ تجيبـ ؟ .. فليسعد النطقـ إنـ لمـ تسعد الحال ..
    قل له : والله يا فلانـ أخدمكـ بعيونيـ .. وأنتـ أحبـ إليّ منـ أناسـ كثير ..
    لكنيـ أخشى أنـ يضيقـ وقتيـ .. وعنديـ بعضـ الظروفـ تمنعنيـ منـ إحضارها .. و ..
    ولو دعاكـ إلى وليمة وأردتـ أنـ تعتذر وخشيتـ أن يجد فيـ نفسه عليكـ .. فقدمـ مقدماتـ ..
    قل مثلاً أنا ما أعتبركـ إلا كواحد منـ إخوانيـ .. وأنتـ منـ أغلى الناسـ إلى قلبيـ ..
    لكنيـ مشغول الليلة .. وأنتـ لمـ تكذبـ فقد يكونـ شغلكـ هذا جلسة معـ أولادكـ ..
    أو قراءة فيـ كتابـ .. أو نومـ !! فهيـ كلها أشغال ..
    وقد كانـ محمد صلى الله عليه وسلمـ يملكـ الناسـ بأخلاقـ يأسر بها قلوبهمـ ..
    انظر إليه عليه السلام .. وقد جلسـ معـ أصحابه الكرامـ .. فحدثهمـ عنـ البيتِـ الحرامـ ..
    وفضلِ العمرة والإحرامـ .. فطارتـ أفئدتهمـ شوقاً إلى ذاكـ المقامـ ..
    فأمرهمـ بالتجهز للرحيل إليه .. وحثهمـ على التسابقـ عليه ..
    فما لبثوا أنـ تجهزوا .. وحملوا سلاحهمـ وتحرزوا ..
    فخرجـ صلى الله عليه وسلمـ معـ ألفـ وأربعمائة منـ أصحابه ..
    مهلينـ بالعمرة ملبينـ .. يتسابقونـ إلى البلد الأمينـ ..
    فلما اقتربوا من جبال مكة .. بركت القصواء .. ناقة النبي عليه السلام ..
    فحاول أنـ يبعثها لتسير .. فأبتـ عليه ..فقال الناسـ : خلأتـ القصواء .. ( أيـ عصتـ ) ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : ما خلأتـ القصواء .. وما ذاكـ لها بخلقـ ..
    ولكنـ حبسها حابسـ الفيل ( يعني فيل أبرهة لما أقبل به معـ جيشـ منـ اليمنـ
    يريد هدمـ الكعبة فحبسهمـ الله عنـ ذلك ) ..
    ثمـ قال : والذيـ نفسيـ بيده لا يسألونيـ خطة يعظمونـ فيها حرماتـ الله .. إلا أعطيتهمـ إياها
    ثمـ زجرها فوثبتـ .. فتوجه إلى مكة .. حتى نزل بالحديبية قريباً منـ مكة ..
    فتسامعـ به كفار قريشـ .. فخرجـ إليه كبارهمـ ليردوه عنـ مكة .. فأبى إلا أن يدخلها معتمراً ..
    فما زالتـ البعوثـ بينه وبينـ قريشـ ..حتى أقبل عليه سهيل بن عمرو ..
    فصالحـ النبي صلى الله عليه وسلمـ على أنـ يعودوا إلى المدينة..
    ويعتمروا فيـ العامـ القادمـ .. ثمـ كتبوا بينهمـ صلحاً عاماً ..
    وفيه : اشترطـ سهيل : أنه لا يخرجـ منـ مكة مسلمـ مستضعفـ يريد المدينة ..
    إلا رُدَّ إلى مكة.. أما منـ خرجـ منـ المدينة وجاء إلى مكة مرتداً إلى الكفر .. فيُقبل فيـ مكة ..
    فقال المسلمون : سبحانـ الله !! من جاءنا مسلماً نرده إلى الكافرينـ !!
    كيفـ نرده إلى المشركينـ وقد جاء مسلماً .. فبينما همـ كذلكـ إذ أقبل عليهمـ ..
    شابـ يسير على الرمضاء .. يرفل فيـ قيوده .. وهو يصيحـ : يا رسول الله ..
    فنظروا إليه .. فإذا هو أبو جندل ولد سهيل بن عمرو ..
    وكانـ قد أسلمـ فعذبه أبوه وحبسه .. فلما سمعـ بالمسلمينـ ..
    تفلتـ منـ الحبسـ وأقبل يجر قيوده .. تسيل جراحه دماً ..
    وتفيضـ عيونه دمعاً ..ثمـ رمى بجسده المتهالكـ ..
    بينـ يديـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. والمسلمونـ ينظرون إليه ..
    فلما رآه سهيل .. غضبـ !! كيفـ تفلتـ هذا الفتى منـ حبسه ..
    ثمـ صاحـ بأعلى صوته : هذا يا محمد أول منـ أقاضيكـ عليه أن ترده إليـ ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : إنا لم نقض الكتاب بعد .
    قال : فوالله إذاً لا أصالحكـ على شيء أبداً ..
    فقال صلى الله عليه وسلمـ : فأجزه ليـ .. قال : ما أنا بمجيزه لكـ ..
    قال : بلى فافعل .. قال : ما أنا بفاعل .. فسكتـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    وقامـ سهيل سريعاً إلى ولده يجره بقيوده .. وأبو جندل يصيحـ ويستغيثـ بالمسلمينـ ..
    يقول : أيـ معشر المسلمينـ أرد إلى المشركينـ وقد جئتـ مسلماً .. ألا ترونـ ما قد لقيتـ منـ
    العذابـ .. ولا زال يستغيثـ بهمـ حتى غابـ عنهمـ ..والمسلمونـ تذوبـ أفئدتهمـ حزناً عليه ..
    فتى فيـ ريعانـ الشبابـ .. يُشدد عليه العذابـ ..
    وينقل منـ العيشـ الرغيد .. إلى البلاء الشديد .. وهو ابنـ سيد منـ الساداتـ ..
    طالما تنعمـ بالملذاتـ .. وتلذذ بالشهواتـ .. ثمـ يجر أمامـ المسلمينـ بقيوده ..
    ليعاد إلى سجنه وحديده ..وهمـ لا يملكونـ له شيئاً ..
    مضى أبو جندل إلى مكة وحيداً .. يسأل ربعـ الثباتـ على الدينـ ..
    والعصمة واليقينـ .. أما المسلمونـ فقد رجعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
    إلى المدينة .. وهم فيـ حنقـ شديد على الكافرينـ .. وحزنـ على المسلمينـ المستضعفينـ ..
    ثمـ اشتد العذابـ على الضعفاء في مكة .. حتى لمـ يطيقوا له احتمالاً ..
    فبدأ أبو جندل .. وصاحبه أبو بصير .. والمستضعفونـ في مكة .. يحاولونـ التفلتـ منـ قيودهمـ ..
    حتى استطاعـ أبو بصير رضيـ الله عنه أنـ يهربـ منـ حبسه ..
    فمضى منـ ساعته إلى المدينة .. يحمله الشوق .. ويحدوه الأمل ..
    فيـ صحبة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه .. مضى يطوي قفار الصحراء ..
    تحترقـ قدماه على الرمضاء ..
    حتى وصل المدينة .. فتوجه إلى مسجدها .. فبينما النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    فيـ المسجد معـ أصحابه .. إذ دخل عليهمـ أبو بصير .. عليه أثرُ العذابـ .. ووعثاءُ السفر ..
    وهو أشعثـ أغبر ..فما كاد يلتقطـ أنفاسه ..
    حتى أقبل رجلان منـ كفار قريشـ فدخلا المسجد .. فلما رآهما أبو بصير ..
    فزعـ واضطربـ .. وعادتـ إليه صورة العذاب .. فإذا هما يصيحانـ .. يا محمد ..
    رده إلينا .. العهدُ الذي جعلتـ لنا .. فتذكر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ
    عهده لقريشـ أنـ يرد إليهمـ منـ يأتيه منـ مكة .. فأشار إلى أبي بصير ..
    أنـ يخرجـ منـ المدينة .. فخرجـ معهما أبو بصير .. فلما جاوزا المدينة .. نزلا لطعامـ ..
    وجلسـ أحدهما عند أبيـ بصير .. وغابـ الآخر ليقضيـ حاجته ..
    فأخرجـ القاعد عند أبيـ بصير سيفه .. ثمـ أخذ يهزه ..
    ويقول مستهزءاً بأبيـ بصير : لأضربنـ بسيفيـ هذا فيـ الأوسـ والخزرجـ يوماً إلى الليل ..
    فقال له أبو بصير : والله إنيـ لأرى سيفكـ هذا يا فلانـ جيداً ..
    فقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربتـ به .. ثمـ جربتـ ..
    فقال أبو بصير : أرنيـ أنظر إليه .. فناوله إياه .. فما كاد السيفـ يستقر فيـ يده ..
    حتى رفعه ثمـ هوى به على رقبة الرجل فأطار رأسه .. فلما رجع الآخر منـ حاجته
    رأى جسد صاحبه ممزقاً .. مجندلاً ممزقاً .. ففزعـ .. وفرَّ حتى أتى المدينة ..
    فدخل المسجد يعدو ..فلما رآه صلى الله عليه وسلمـ مقبلاً .. فزعاً ..
    قال : لقد رأى هذا ذعراً .. فلما وقفـ بينـ يديه صلى الله عليه وسلمـ ..
    صاح من شدة الفزع .. قال : قُتِل والله صاحبيـ .. وإني لمقتول ..
    فلمـ يلبثـ أنـ دخل عليهمـ أبو بصير .. تلتمعـ عيناه شرراً .. والسيفـ فيـ يده يقطر دماً ..
    فقال : يا نبيـ الله .. قد أوفى الله ذمتكـ .. قد رددتنيـ إليهمـ ثمـ أنجانيـ الله منهمـ ..
    فضمنيـ إليكمـ .. قال : لا .. فصاحـ أبو بصير بأعلى صوته ..
    قال : أو .. يا رسول الله .. أعطنيـ رجالاً أفتحـ لك مكة ..
    فأعجبـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بشجاعته .. لكنه لا يستطيع أنـ ينفذ له طلبه فبينه ..
    وبينـ أهل مكة عهد .. لكنه صلى الله عليه وسلمـ أراد أن يرده بلطفـ ..
    فليسعد النطقـ إنـ لمـ يسعد الحال .. التفتـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    إلى أصحابه وقال مادحاً لأبيـ بصير : ويل أمه !!
    مسعِّر حربـ لو كان معه رجال .. فكانتـ هذه الكلماتـ بمثابة التخفيفـ والاعتذار من أبيـ بصير ..
    وظل أبو بصير واقفاً عند بابـ المسجد ينتظر إذنـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    له بالمكوثـ فيـ المدينة .. لكنه صلى الله عليه وسلمـ ..
    تذكر عهده معـ قريشـ فأمر أبا بصير بالخروجـ منـ المدينة .. فسمعـ أبو بصير وأطاعـ ..
    نعمـ .. وما حمل في نفسه على الدينـ .. ولا انقلبـ عدواً للمسلمين ..
    فهو يرجو ما عند الحليمـ الكريمـ .. منـ الثوابـ العظيمـ .. الذي منـ أجله تركـ أهله ..
    وفارقـ ولده .. وأتعبـ نفسه .. وعذبـ جسده .. خرجـ أبو بصير منـ المدينة ..
    فاحتار أينـ يذهبـ .. ففيـ مكة عذاب وقيود .. وفيـ المدينة مواثيقـ وعهود ..
    فمضى إلى سيفـ البحر قريباً منـ جدة .. فنزل هناكـ .. فيـ صحراء قاحلة ..
    لا أنيسـ فيها ولا جليسـ .. فتسامعـ به المسلمونـ المستضعفونـ بمكة ..
    فعلموا أنه بابـ فرجـ انفتحـ لهمـ .. فالمسلمونـ فيـ المدينة لا يقبلونهمـ ..
    والكفار فيـ مكة يعذبونهمـ .. فتفلت أبو جندل منـ قيوده .. فلحقـ بأبيـ بصير ..
    ثمـ جعل المسلمونـ يتوافدونـ إليه فيـ مكانه .. حتى كثر عددهمـ ..
    واشتدتـ قوتهمـ .. فجعلتـ لا تمر بهمـ قافلة تجارة لقريشـ .. إلا اعترضوا لها ..
    فلما كثر ذلكـ على قريشـ .. أرسلوا إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    ناشدونه بالله أنـ يضمهمـ إليه .. فأرسل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    إليهمـ أنـ يأتوا المدينة ؟ فلما وصل إليهمـ الكتابـ .. استبشروا وفرحوا ..
    لكنـ أبا بصير كانـ قد ألمـ به مرضـ الموتـ .. وهو يردد قائلاً : ربيـ العليـ الأكبر منـ ينصر الله ..
    فسوفـ ينصر .. فلما دخلوا عليه وأخبروه أنـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
    أذنـ لهمـ بسكنى المدينة .. وأنـ غربتهمـ انتهتـ .. وحاجتهمـ قضيتـ .. ونفوسهمـ أمنتـ ..
    فاستبشر أبو بصير .. ثمـ قال وهو يصارعـ الموتـ ..
    أرونيـ كتابـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فناولوه إياه ..
    فأخذه فقبله .. ثمـ جعله على صدره .. وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ..
    وأشهد أن محمداً رسول الله .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً رسول الله ..
    ثمـ شهقـ وماتـ .. فرحمـ الله أبا بصير .. وصلى على نبيـ الرحمة وسلمـ تسليماً كثيراً ..
    ومنـ الإسعاد بالنطقـ والسحر بالكلامـ .. أن تراعي من معكـ إذا جاملكـ .. وتتلطفـ معه ..
    ذكر أنـ امرأة فقيرة اضطجعتـ بجانبـ زوجها على فراشـ عتيق .. فيـ كوخـ قديمـ ..
    جدرانه مرقعة .. وسقفه منـ جذوعـ النخل .. فجالتـ ببصرها تنظر إلى جدرانـ بيتها ..
    ثمـ ركّزت بصرها إلى السقفـ .. وسرحتـ بفكرها بعيداً ..
    ثم قالت : تدريـ ماذا أتمنى ؟ قال : هاه !! ماذا تتمنينـ ؟
    قالت : أتمنى أنـ نملكـ بيتاً كبيراً تسعد فيه مع أولادك .. وتدعو إليه أصدقاءك ..
    ونملكـ سيارة فارهة .. ترتاحـ إذا سقتها .. ويزيد راتبك ضعفين حتى تسدد ديونكـ .. و ..
    ومضتـ المسكينة تسرد له بحماسـ أسبابـ السعادة التيـ تتمناها له ..
    والرجل غارقـ فيـ أحلامـ خيبته .. يائسـ منـ صلاحـ حاله ..
    لا يملكـ أية مهارة منـ مهاراتـ الكلامـ ..
    فلما تعبتـ قالت له : وأنتـ ماذا تتمنى ؟! فنظر إلى السقفـ طويلاً ..
    ثم قال : أتمنى أنـ ينطلقـ جذعـ منـ هذا السقفـ ويقعـ على رأسكـ فيقسمه نصفينـ ..

    :: حديث ::
    سألوه صلى الله عليه وسلمـ : ما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : هذا وهذا .. يعني الفرج واللسان

  14. #234


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    الموضوعـ الحادي و التسعـــــــــــون : كنـ بطلاً وابدأ الآنـ ..
    يقول الشيخـ :::: أذكر أنيـ ألقيت دورة فيـ مهاراتـ التعامـــــل معـ النـــاسـ ..
    كانـ عبد العزيز منـ بينـ الحضــور .. كانـ تأثره واضحـــاً ..
    لاحظته يكتبـ كل شـاردة وواردة ..
    مضتـ أيــامـ الدورة الثلاثة .. وتفرقنــا ..
    بعدها بشهر ألقيتـ الدورة نفســها مرة أخرى ..
    فلما نظرتـ إلى الحضــور ..
    فإذا عبد العزيز يجلسـ فيـ الصـــفـ الأول !!
    تملكنـــي العجبـ !!
    لماذا يحضرها مرة أخرى وهو يعلـــمـ أني سأعيد الكلامـ نفسه !
    لما أذنـ للصلاة .. أخذته ومشيـــتـ به جانباً ..
    وسألته : عبد العزيز .. لماذا تحضـــر مرة أخرى ..
    وأنتـ تعلمـ أني سأعيد الكــــلامـ نفسه .. !!
    والمذكرة التيـ بين يديكـ هيـ نفسها المذكــــرة السابقــــة !!
    والشهادة التيـ ستحصل عليها هيـ الشهادة نفسها !!
    يعنيـ لنـ تستفيد شيئــــاً ..
    فقــــال لي :تصـــدقـ !!
    والله إن أصحــــابيـ وزملائـــيـ ..
    يقولون ليـ : يا عبد العزيــز أنتـ تغيرتـ فيـ تعاملكــ معنا منذ شهـــــر ..
    ففكرتـ فيـ ذلك فإذا أنا أطبــــقـ ..
    ما تعلمته منـ مهـــارات فيـ الدورة السابقـة ..
    فجئتـ لأحضر الدورة مرة أخرى لتأكيد ما تعلمته منـ مهـــاراتـ ..

    إذا كنت جـــــــــــــــاداً في التغيير فكن بطـــــــــــــــلاً
    وابدأ الآآآآن ..

  15. #235


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    ::: الحمدلله الذيـ بنعمته تتمـ الصالحاتـ :::

    يقول شيخـنا حفظه الله ::: أني أجد أن أحب كتبي إليَّ وأغلاها إلى قلبي .. وأكثرها فائدة

    عملية .. فيما أظن .. هو هذا الكتاب .. كتبت كلماته بمداد خلطته بدمي .. سكبت روحي بين

    أسطره .. عصرت ذكرياتي فيه .. جعلتها كلمات من القلب إلى القلب .. وأقسم أنها خرجت

    من قلبي مشتاقة أن يكون مستقرها قلبكـ .. فرحماك بها .. ما أعظم سروري لو علمت أن

    قارئاً أو قارئة لهذه الورقات طبق ما فيه .. فشعر وشعر غيره بتطور مهاراته .. وازدادت متعته في حياته

    ليست الغاية أن تقرأ كتاباً .. بل الغاية أن تستفيد منه

    أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العلم نوراً لأخي في قبره ورحمة

    له يوم البعث والنشور .. اللهم اسبغ شآبيب الرحمات على قبره

    اللهم أعظم أجره وثوابه وأجزل له العطايا في مآبه .. اللهم ارفع له الدرجات وكفر عنه

    السيئات وأعظم له الحسنى في الجنات برحمتك يا أرحم الراحمين

    لايقف الموضوع عندك أخي وأختي .. انشر موضوع أو أكثر بقدر استطاعتك .. فكم من عبد

    مرهون في قبره لايستطيع الخروج منه ليقدم أو ليؤخر ونحن أفسح لنا في الأجل ومد لنا

    في العمل فلا نبخل على أخينا بالأجر رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ..

    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

  16. #236


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-

    رحمك الله يا أسين وأنار قبرك

صفحة 12 من 12 الأولىالأولى ... 23456789101112

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...