ذاكَ اليَومُ المشؤوم الذي ذَهبتُ بِه الى المُستشفى مُنتظراً دَوري ... أنظرُ الى هذا وذاك بِمَلَلْ
وَسٍئمتُ من الهدوء والملل الذي يُحيط المَشفى ... فَتمنيتُ أن يكونَ المَشفى مليئ بالضجة والإثارة
ولم أتحَمَل الإنتظار أكثر من ذلك فباشرتُ بالخروج ... وإذا بأربع أطباء يركضون ومعهم مصابان حتى أنهم
صدماني وسقطتُ على الأرض ... فتوقعتُ أن يضحكوا الموجودين لأني سقطتُ على الأرض كما هي عاداتهم !
لكن لم يحصل أن أحداً باشرَ بالضحك فقلت بنفسي ( ما بهم ؟ ) , والمفاجئة بلحظة واحدة قَدِمَ عدد هائل من
الرجال والشباب يركضون بسرعة كبيرة !
هل أمنيتي تحققت ؟ , لكن لم يركضون ؟ , ربما من المصابين ؟ , عليّ ان استكشف الأمر !
ينتظرون ... انهم ينتظرون من الطبيب ليخبرهم عن النتيجة ... أما انا فجلستُ لأشاهد الحادث ولأستمع لأقوالهم !
رجل {1} :- اني أستغيثكَ يا رب , اجعل ابني حياً يُرزق
رجل آخر :- كان حادثاً فظيعاً !
شاب :- انه من أعز أصدقائي , أنا متأكد من أنه على قيد الحياة !
شاب آخر :- انهما صديقاي بل من أعز صدقائي من المستحيل ان يتركوني وحيداً هكذا !
رجل :- انهم كانوا ناجحين في حياتهم ومُحبين ومُخلصين بل وأكثر !
رجل آخر :- لا تتحدثوا هكذا ابني لن يموت !
خَرَجَ الطبيبُ ليخبرهم النتيجة .. ينتظرون من الطبيب الأخبار الحسنة !
واذا بالطبيب يقولُ متأسفاً :- إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
حتى بدأ صوتُ البكاءِ يعلو أكثر وأكثر , والصراخ والحسرات , وبدأوا بتكسير الكراسي !
أصبح المستشفى مكانٌ يُصدَر مِنه أصوات البكاء والصرخات !
واللحظة الأليمة حينما أخرجوا الجثتين
فقال أحدهم للجثة الأولى : طارق , انت قوي , قُم , طارق طارق , تكلم معي !
وشابٌ اخر قال للجثة الثانية : أخي , أرجوك أرجوك تكلم !
واللذي جعلني أبكي بحرقة حينما دخلتا أمهاتهم الى المشفى بنحابٍ مؤلم !
البكاء حينما يفقد الوالدُ إبنه وحينما تَفقدُ الأم ابنها الغالي !
وصديقٌ اخر اتى الى المشفى وعندما رأى الجثتين , خرجَ ويداه على رأسه وفجأة سقطَ مغمياً عليه !
ويا له من فراق ... انها حادثة المستشفى الفظيعة !
~ أدركتُ حينها انني كم كنتُ حقيراً عندما تمنيتُ تلكَ الأمنية الحمقاء ~
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
المفضلات