البيت المسلم يحمل هم الإسلام

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    الصورة الرمزية عُبيدة

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    4,267
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Exclamation البيت المسلم يحمل هم الإسلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعدُ:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    فقد قال الله تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران:83].
    وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وقال سبحانه وتعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص:27]، وقال جل وعلا: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون:115، 116].
    وقال تبارك وتعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وقال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]. إلى غير ذلك من الآيات.
    أخي المسلم، أختنا المسلمة، أبناءنا وبناتنا: جزءٌ كبير من تدينك يتمثل في شعورك بالانتماء للإسلام.
    - وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى:
    وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [يس:20- 24].
    إنها استجابة الفطرة السليمة لدعوة الحق المستقيمة، فيها الصدق، والبساطة، والحرارة، واستقامة الإدراك، وتلبية الوازع القوي للحق المبين.
    فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والعدل ما يتحدث عنه في مقالته لقومه، وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في نفسه فلم يُطق عليها سكوتًا، ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور، ولكنه سعى بالحق الذي استقر في قلبه وتحرك في شعوره، سعى به إلى قومه وهم يكذبون ويجحدون ويتوعدون ويهددون، وجاء من أقصى المدينة يسعى ليقوم بواجبه في دعوة قومه إلى الحق، وفي كفّهم عن البغي، وفي مقاومة اعتدائهم الأثيم الذي يوشكون أن يصبوه على المرسلين.
    وظاهرٌ أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان، ولم يكن في قوة من قومه أو منعة من عشيرته، ولكنها العقيدة الحية في فؤاده
    تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها.
    وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ [يس:20-21].
    إن الذي يدعو مثل هذه الدعوة، وهو لا يطلب أجرًا، ولا يبتغي مغنمًا، إنه لصادق، وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء إن لم يكن يلبي نداءً من الله؟ ما الذي يدفعه إلى حمل الدعوة؟ ودعوة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة؟ والتعرض لأذاهم وشرهم واستهزائهم وتنكيلهم، وهو لا يجني من ذلك كسبًا، ولا يطلب منهم أجرًا؟
    اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ [يس:21].
    وهداهم واضح في طبيعة دعوتهم، فهم يدعون إلى إله واحد، ويدعون إلى نهج واضح، ويدعون إلى عقيدة لا خرافة فيها ولا غموض، فهم مهتدون إلى نهج سليم، وإلى طريق مستقيم.
    هدهد سليمان، عليه السلام
    أو قال تعالى: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [النمل:17]، وفي يوم كان يتفقد سليمان عليه السلام هؤلاء الجنود، فلم ير الهدهد من بينهم، فقال وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النمل:20]، ويتضح أنه غائب، ويعلم الجميع من سؤال الملك عنه أنه غائب بغير إذن! فقال سليمان عليه السلام: أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:21] أي: حجة قوية توضح عذره، وتنفي المؤاخذة عنه.
    ويحضر الهدهد ومعه نبأ عظيم، بل مفاجأة ضخمة لسليمان: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ [النمل:22- 26].
    إنه يعرف حزم الملك وشدته، فهو يبدأ حديثه بمفاجأة تغطّي على موضوع غيبته، وتضمن إصغاء الملك له: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النمل:22]، فأي ملك لا يستمع وأحد رعاياه يقول له: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النمل:22]؟!
    فإذا ضمن إصغاء الملك بعد هذه المفاجأة أخذ في تفصيل النبأ اليقين الذي جاء به من سبأ ومملكة سبأ تقع في جنوب الجزيرة باليمن، فذكر أنه وجدهم تحكمهم ) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ [النمل:23]، وهي كناية عن عظمة ملكها وثرائها وتوافر أسباب الحضارة والقوة والمتاع، ) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ [النمل:23]، أي سرير ملك فخم ضخم، يدل على الغنى والترف وارتقاء الصناعة، وذكر أنه وجد الملكة وقومها وهنا يعلل ضلال القوم بأن الشيطان زين لهم أعمالهم، فأضلهم، فهم لا يهتدون إلى عبادة الله العليم الخبير لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النمل:25]، والخبء: المخبوء إجمالاً سواء أكان هو مطر السماء ونبات الأرض، أم كان هو أسرار السماوات والأرض لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النمل:25]، وهي مقابلة للخبء في السماوات والأرض بالخبء في أطواء النفس، ما ظهر منه وما بطن.
    إنه هدهد عجيب فريد، يغار على حق الله في التوحيد، فهو الخالق، والكل له عبيد، إنه هدهد صاحب إدراك وذكاء وإيمان، فهو يدرك أن هذه ملكة وأن هؤلاء رعية، ويدرك أنهم يسجدون للشمس من دون الله، ويدرك أن السجود لا يكون إلا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض، وأنه هو رب العرش العظيم.
    فمن يغار من الأسرة المسلمة على حق الله وأمره حين تُنتهك الحرمات ولا تعظم الشعائر؟
    عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: أيها الناس اتهموا أنفسكم (رأيكم)، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالاً لقاتلنا – وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين- فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: ففيم نعطي الدَّنِيَّة في ديننا ونرجع ولمَّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب، إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا.
    قال: فانطلق عمر - فلم يصبر متغيظًا – فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدًا.
    قال: فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ: «الفتح»، فأرسل إلى عمر، فأقرأه إياه، فقال: يا رسول الله، أوَ فتح هو؟ قال: نعم. فطابت نفسه ورجع. [متفق عليه].
    كفاح أبي ذر رضي الله عنه من أجل التوحيد

    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما بلغ أبا ذر مبعثُ النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيٌّ يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق حتى قدم مكة وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر، فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلامًا ما هو بالشعر، فقال: ما شفيتني فيما أردت، فتزود وحمل شنةً له فيها ماء، حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه، حتى إذا أدركه الليل فاضطجع، فرآه عليٌّ فعرف أنه غريبٌ، فلما رآه تبعه، فلم يسأل واحدٌ منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، فظل ذلك اليوم ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أمسى فعاد إلى مضجعه، فمر به عليّ فقال: ما آن للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه فذهب معه ولا يسأل واحدٌ منهما صاحبه عن شيء حتى إذا كان يوم الثالثة فعل مثل ذلك فأقامه عليّ معه، ثم قال له: أتحدثني ما الذي أقدمك إلى هذا البلد؟ قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدني فعلت، ففعل، فقال: فإنه حقّ وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أصبحت فاتبعني، فإني إن رأيت شيئًا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل معه فسمع من قوله وأسلم مكانه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري» [متفق عليه].
    وفي الرواية الأخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما أسلم: يا أبا ذر؛ اكتم هذا وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل، فقال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثار القوم، فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكب عليه، قال: ويلكم! ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجارتكم إلى الشام عليهم؟ فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد بمثلها وثاروا إليه فضربوه فأكب عليه العباس فأنقذه، وكان هذا أول إسلام أبي ذر. [مسلم 2474].
    شجاعة البراء بن عازب
    شهد البراء بن عازب رضي الله عنه أُحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا بدرًا، وكان شجاعًا مقدامًا، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب ألا تستعملوا البراء على جيش من جيوش المسلمين؛ فإنه مهلكة من المهالك، يقدم بهم.
    ولما كان يوم اليمامة، واشتد قتال بني حنيفة على الحديقة التي فيها مسيلمة، قال البراء: يا معشر المسلمين، ألقوني عليهم، فاحتُمل حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم، فقاتلهم على باب الحديقة حتى فتحه للمسلمين، فدخل المسلمون، فقتل الله مسيلمة، وجرح البراء يومئذ بضعًا وثمانين جراحة ما بين رمية وضربة، فأقام عليه خالد بن الوليد رضي الله عنه شهرًا حتى برأ من جراحه.
    طاعة السعدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم
    أرسل رسول الله يوم الخندق إلى السعدين –رضي الله عنهما- يشاورهما فيما أراد أن يعطيه عيينة بن حصن من تمر المدينة يومئذ؛ وذلك أنه أراد أن يعطيه يومئذ ثلث أثمار المدينة لينصرف بمن معه من غطفان ويخذّل الأحزاب، فأبى عيينة إلا أن يأخذ نصف التمر، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة دون سائر الأنصار؛ لأنهما كانا سيدي قومهما، كان سعد بن معاذ سيدًا للأوس، وسعد بن عبادة سيدًا للخزرج، فشاورهما في ذلك، فقالا: يا رسول الله، إن كنت أُمِرْتَ بشيء فافعله وامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم أُومر بشيء ولو أُمرت بشيء ما شاورتكما، وإنما هو رأي أعرضه عليكما». فقالا: والله يا رسول الله ما طمعوا بذلك منا قط في الجاهلية فكيف اليوم؟ وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأعزنا، والله لا نعطيهم إلا السيف، فسُرّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لهما، وقال لعيينة بن حصن ومن معه: ارجعوا فليس بيننا وبينكم إلا السيف، ورفع بها صوته. [معرفة السنن والآثار للبيهقي 5778].
    أطفال المسلمين يحملون هم الإسلام
    سمرة بن جندب:
    سكن البصرة، قدمت به أمه المدينة بعد موت أبيه فتزوجها رجل من الأنصار، وكان في حجره إلى أن صار غلامًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض غلمان الأنصار كل سنة فمر به غلام فأجازه في البعث وعرض عليه سمُرة بعده فرَدَّه، فقال سمرة: لقد أجزت هذا ورددتني ولو صارعته لصرعته، قال: «فدونكه فصارعه». فصرعه سمرة فأجازه في البعث.
    وعن سمرة بن جندب أيضًا أنه قال: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامًا فكنت أحفظ عنه، وما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسنّ مني، ولقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها في الصلاة وسطها. [مسلم 964].
    المرأة المسلمة تحمل هم الإسلام
    الخنساء:
    حضرت الخنساء بنت عمرو السلمية حرب القادسية ومعها بنوها: أربعة رجال، وكانت موعظتها لهم وتحريضهم على القتال وعدم الفرار، وفيها: إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وإنكم لبنو أب واحد وأم واحدة، ما هاجنت آباءكم ولا فضحت أخوالكم، فلما أصبحوا باشروا القتال حتى قتلوا جميعًا:
    فقُتلوا جميعًا في سبيل الله، فبلغها الخبر، فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في الجنة، قالوا: وكان عمر بن الخطاب يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة حتى قُبض.
    ويقال: إنها دخلت على عائشة وعليها صدار من شعر، فقالت لها: يا خنساء، هذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، فقالت: ما علمت، ولكن هذا له قصة؛ زوجني أبي رجلاً مبذرًا فأذهب ماله فأتيت إلى صخر فقسم ماله شطرين فأعطاني شطرًا خيارًا، ثم فعل زوجي ذلك مرة أخرى فقسم أخي ماله شطرين فأعطاني خيرهما فقالت له امرأته: أما ترضى أن تعطيها النصف حتى تعطيها الخيار؟
    أم ورقة بنت عبد الله الأنصارية
    عن أم ورقة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غزا بدرًا قالت له: ائذن لي فأخرج معك فأمرِّض مرضاكم لعل الله أن يرزقني الشهادة، قال: «قري في بيتك فإن الله يرزقك الشهادة». قال: فكانت تسمى الشهيدة.
    قال: وكانت قد قرأت القرآن فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في أن تتخذ في دارها مؤذنًا فأذن لها، قال: وكانت قد دبرت غلامًا لها وجارية فقاما إليها بالليل فغماها بقطيفة لها حتى ماتت وذهبا، فأصبح عمر فقام في الناس، فقال: من عنده من هذين علم، أو: من رآهما فليجئ بهما، فأمر بهما فصلبا أول مصلوب بالمدينة.
    قيل إن عمر رضي الله عنه لما قيل له: إنها قتلت، قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين كان يقول: «انطلقوا بنا نزور الشهيدة».
    عمرو بن الجموح
    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمرو بن الجموح شيخًا من الأنصار أعرج، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقام لعرجه، فلما كان يوم أحد قال لبنيه: أخرجوني، قالوا: قد رخص لك رسول الله، فقال: هيهات منعتموني الجنة ببدر وتمنعونيها بأُحد؟
    فخرج فلما التقى الناس قال: يا رسول الله، أرأيت إن قُتلت اليوم أطأ بعرجتي هذه الجنة، قال: «نعم». فقال لغلام معه يقال له أبو سليم: ارجع إلى أهلك، قال: وما عليك أن أصيب اليوم معك خيرًا، فتقدم فقاتل حتى قُتل، ثم قاتل هو حتى قتل. [كتاب الجهاد لابن المبارك 1/69].
    هذه النماذج العالية الرفيعة من الرجال والنساء والأطفال، ضربت أروع الأمثلة في الغيرة على دين الله، والسعي لنصره بالروح والدم، وهؤلاء قدوة الأمة ومثلها الأعلى بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، فلينظر كل مسلم منا أين موقعه من هذه النماذج الصالحة، لعل الله أن يوفقه أن يفعل فعلهم ويُحشر معهم.
    والحمد لله رب العالمين.


  2. #2


    تاريخ التسجيل
    Sep 2009
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    قطر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: البيت المسلم يحمل هم الإسلام

    جزاك الله خيرا
    وجعله في ميزان حسناتك

  3. #3


    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المـشـــاركــات
    18
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: البيت المسلم يحمل هم الإسلام

    جزاكم الله خيراً ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...