كثيراً ما طُرحت دورات أو دروس عن كيفية التعامل مع الزوج أو الزوجة .. الابن أو الابنة .. المدير أو الزبائن .. لكن هل فكرت يوماً كيف تتعامل مع الله؟
مع أنه سبحانه هو أهم من نعامله.. نفرح حين يُحسن لنا صديق أو حبيب ونسعى بشتى السبل رد إحسانه.. ولكن ربنا ـ سبحانه ـ هو أحن وألطف وأرحم من
يعاملنا مع أنه هو الغني عنا.. فكيف نتعامل مع الله؟ كيف تتعامل مع الله إذا سترك؟ وكيف تبقي ستره عليك؟ كيف تتعامل مع الله إذا كلمته؟ كيف تتعامل مع الله
إذا غضب؟ كيف تتعامل مع الله إذا رضي؟ كيف تتعامل مع الله إذا أحبك؟ كيف تتعامل مع الله إذا دخلت بيته؟ كيف تتعامل مع الله إذا استحى منك؟
كيف تتعاملمع الله؟ اعلم أن الإجابة ستغير حياتك تماماً.. فتابع واقرأ بقلبك..
من أنا كعبد صغير ضعيف في هذا الكون الفسيح المليء بشتى المخلوقات لأجيب وأتكلم عن خالقها؟ والله سيعجز القلم ويكل.. ويتوقف الكلام ويمل
وينتهي الحبر ويجف.. وتسود الأوراق وتزرق.. ولم نقترب شبراً في وصف ذاته ـ سبحانه ـ.. كيف أصف وأكتب بيد خلقها الله وقلم خلق صانعه
على دفتر قدر صنعته وكل ما أكتب علمه الله وكتبه من قبل أن تخلق السموات والأرض؟ عم أتكلم؟ وماذا أقول؟ وكيف أصف؟ هل أتحدث عن جماله؟
هل أتحدث عن مقدار السعادة بقربه؟ هل أتحدث عن عظمته وجلاله؟ هل أتحدث عن مقدار حلمه وفرحه بتوبة عبده؟ فليت شعري ماذا أقول؟!
ربنا هو أكثر من يُعصى ويُخالف رغم كل ذاك الجلال والعظمة ومع ذلك لا زال يُعطي ويسقي.. فإذا كان ربنا وإلهنا بكل هذه الصفات ..
فكيف نتعامل مع الله؟
إن رحمة الله تسع كل شيء ، ولولا ذلك لصار جميع الناس من الخاسرين) ، والإنسان حينما يصل
إلى مرحلة يمنح فيها العطف للآخرين ويرحمهم فإن رحمة الله ستكون قريبة منه ، قال النبي صلى
الله عليه وسلم: (الراحمونَ يَرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) .
ويُذكَر أن رجلاً ذهب إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - وهو يحتضن ابنه الذي كان برفقته ، فسأله:
أترحمه ؟ فأجاب الرجل ، نعم ، فرد عليه النبي قائلا: فالله أرحم منك به ، وهو أرحم الراحمين .
والله عز وجل أرحم بنا من الوالدين والأقارب ، فالله من أرسل الوالدين إلى الدنيا رحمة بنا ، ولن
تفوق رحمتهم رحمة الله التي نشرها في أرجاء الكون . الإنسان لا يجب أن ييأس من رحمة الله
فالكون كله ممتلئ برحمة الله ، وللحصول على رحمة الله ، فالله لن يمنح الرحمة لعباده إلا عندما
يطلبونها منه بدعواتهم ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي ،
فليظن بي ما شاء) ، فالإنسان حينما يظن أن الله سيرحمه فإن الله سيحقق هذا الظن . ويجب أن
يستخدم الإنسان أسلوب الرجاء عندما يطلب من ربه الرحمة ، فلا بد أن يرجو رحمته مع اتباع أوامر الله ،
دون الاعتماد على الأماني التي تعتبر مجرد ظنون بلا أفعال صالحة . قال الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ
وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحا ثُمَّ اهْتَدَى) ، فعلى الإنسان ترك المعصية حتى لا يخسر رحمة الله .
إن الفرار من غضب الله يكون بالإنابة والعودة إليه ، مصداقا لقوله سبحانه (ففروا إلى الله) .
والإنسان قد يقع في دائرة الخطأ حينما يفعل أشياء تثير غضب الله عز وجل لإرضاء الناس ،
وهو الأمر الذي ينتهي بعواقب وخيمة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من التمس
رضا الناس بسَخَطِ الله سَخِط الله واسخط عليه الناس) . والله يمنح الإنسان فرصة في مرحلة
أسماها مرحلة الإمهال ، وهي مرحلة مؤقتة ، ليترك الإنسان المعصية ويتوب إلى الله ، وذلك
قبل الانتقال إلى مرحلة أخرى ، وهي الانتقام في حال إصرار العبد على المعصية . وإصرار
الإنسان على فعل المعصية يعد مؤشرا دالّا على غضب الله عليه ، فالإنسان الذي يشعر بأنه
مغضوب عليه ، عليه بأن يلجأ إلى الله تعالى ، فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يدعو الله
قائلا: (أعوذ برضاك من سخطك) .
إنّ أجل نعمه ، وأعظم منّه ، وأرفع عطية ، هي بلا شـــك رضى الله عـز وجــــل فحتى بعد دخول الجنة ، والخلود الأبدي فيها .. يبقى هناك نعيم آخر
يقول أهل الجنة لله تعالى : ربنا .. اعطيتنا مالم تعطي أحداً من العالمين فيقول تبارك وتعالى : عندي أفضل من هذا ! فيقولون : وما أعظم من هذا ؟؟!
فيقول : رضاي فلا أسخط عليكم أبداً .. ومن هذا نعلم عظمة رضى الله .. لماذا عليّ أن أتعلم كيفية التعامل مع الله ، بعدما رضي عنّي ؟! إن الله تبارك
وتعالى رحيم ، غفور ، يرضى بسرعة ولكن الحفاظ على ذلك الرضى شيء آخر بالتأكيد ، وهنا يجب علينا معرفة التعامل مع الله تعالى .
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } والآن .. كيف تتعامل مع الله إذا رضي ؟ أولاً وقبل كل شيء ارضى عنه كما رضي عنك
ارضى به رباً وإلاهاً ، ارضى بما قسمه لك ، ارضى بخلقك ، ارضى بمرضك ، ارضى بكل شيء أعطاك إيّاه ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»
و الرضى هو عمل قلبي ، وهي أعظم الأعمال يقول ابن القيم : إذا أعطى الله عبداً قليلاً من الرزق ورضي به ذلك العبد ، سيرضى الله عنه بقليل من العمل ..
ويدخل الجنة . عليك أن تعلم أن أهم شيء في التعامل مع الله إذا رضي .. هو الصبر ، أن نصبر ونسرع في رضاه ، كان موسى عليه السلام يعجّل بالأعمال
الصالحة ثم يقول { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ ربِّ لِتَرْضَى } إذا كان موسى يستعجل برضى الله وهو من أفضل الرسل ، فنحن من باب أولى ، يتوجب علينا أن نستعجل
لرضى الله أسرع ، واذهب إلى والديك ، قبل رأسيهما اعتذر لهما .. فرضاهما برضىالله تعالى - حافظ على الأعمال الصالحه فهي ترضي الله . وعليك أن تعلم
أيها المؤمن .. أن ما هناك نعيم أعظم من نعيم الجنة إلا رضى الله . قال تعالى:
{وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
أخي في الله ، هل ترى هناك أعظم من أن يحبك خالق السماوات والأرض والجبال ؟! قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ... الآية}
نيل محبة الله ، سهل ولكن الثبات على ذلك الحب هو الصعب فيأتيك السؤال هنا ، كيف تتعامل مع الله إذا أحبك ؟؟!
أولا عليك أن تحبه كما أحبك ، ثم بعد ذلك .. عليك بالثبات على ذلك الحب ابتعد عن المعاصي والذنوب وتمسّك بالأعمال الصالحة - حتى ترضي محبوبك -
إن أشد عذاب يوم القيامة هو أن يحجب من يحب الله عن محبوبهم وهو الله تعالى قال تعالى: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ}
وهذا يدل على أن عذاب الجحيم أهون من الحرمان من ربهم - عليك أن تتبع من يحب الله حتى ترضيه تعالى ، نعم عليك أن تتبع محمد صلى الله عليه وسلم
فيما أمر وترك ما نهى عنه فالذي يدعي محبة الله ولا يطيع النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو قد خالف قوله تعالى:
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
رحمة الله تعالى ، عندما يعزم على العبد على معصيته تعالى ويعصي الله بذلك الجسد الذي انعم الله به عليه مع هذا فإن الله تعالى ، لا يمنعه منها
وهو قادر على ان يمنعه بأبسط الأشياء على ان يعصيه وفوق هذا عندما يقع العبد في المعصية ، يستره الله تعالى ، ثم بعد أن ينتهي منها
يدعوه للتوبه ، والله إنه تعامل يفوق كل احترام ، يفوق كل رحمة ورأفه ويعود العبد للمعصية ، ويمهله لمهلة قد تفوق السنوات فقط كي يرجع
فهو يبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل ويبسطها في الليل ليتوب مسيء النهار فإن عاد العبد ، فرح الله فرحاً أكثر من فرح العبد بنفسه لعودته لربه !
مع ان الله غني عن كل العباد ، إلا أنه يفرح ؟!! سبحانه وتعالي .. كيف تتعامل مع الله إذا سترك ؟!
أولاً اقبل هديته فالستر نعمه من عند الله بعض الناس يظن أن قبول الهدية بفضح نفسه ! كيف تفضح نفسك بعد أن سترك ؟!
وعجباً بمن يفتخر بمعصيةالله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ) وقال عليه الصلاة والسلام :
(وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه) نسأل الله العافيه، أيضاً عليك بالمداومة على الستر ، فلا تأتي بعد سنين
لتكشف ما سترك الله به قبلاً - ومن أهم النقاط ، عليك ان تستر عباده كما سترك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( من ستر على مسلم ستر الله عليه ) تخيل أنك قد عصيت الله ، وسترك في الدنيا ثم تأتي امام الخلق أما أبينا آدم ، أول مره تراه
ونبينا محمد والصحابة والأبرار ، لتعرض أعمالك ! وإذا بستر الله يستر عليك ، لأنك سترت مسلما في الدينا .
إذا أردت أن تذهب لمقابلة مسؤول كبير .. تريد منه منفعة .. قد تكون بسيطة جداً .. ! ستعاني حتى تصل إليه ، ستذهب إلى السكرتير
ويضع لك موعداً ، وستنتظر وانت لا تعلم هل سيقبل بمقابلتك أم لا وإن قبلك واتيت اليه قد لا يقضي لك حاجتك ! وها هنا تكون فقط قدرة
المخلوق ! ولكن العظيم سبحانه لا يتطلب منك أن تكلمة إلا أن تتوضأ ، وتضع سجادتك وهناك اطلبه كل شيء فهو قادر على كل شيء ..
واخبره بكل شيء . حتى تنتهي فإن الله تعالى لا يمل منك حتى تمل منه كما قال صلى الله عليه وسلم . وعندما تتحدث الى المسؤول ،
من المؤكد أنك قد نسّقت حديثا يليق به ، ولله تعالى المثل الأعلى سبحانه ..كيف تتعامل مع الله إذا كلمته ؟!
أولا يجب أن نغير طريقتنا في الدعاء ، فمن حسن تأدبنا مع الله في الدعاء ، اختيار طبقة صوت مناسبة .. فلا نجهر بالقول ولا نخفيه ..
{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فـي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ.. الآية } ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إنكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا ) كثير منا يدعوا الله سرداً ، دون استحضار القلب والله تعالى أجل واعظم من أن
ندعوه كذلك ، والله لو حدثك أي شخص ، وقلبه ليس معك تردد كلمات إعتاد عليها ، يمثل تمثيلاً لن تهتم له ، وستكره الحديث معه ! فما بالك
برب العالمين .. لن يقبل الله تعالى الدعاء وانت سرحان في أثناء ذلك ، يجب ان تنسى الدنيا ولا تفكر إلا بالكلام الذي توجهه لله ، وبعض الناس
حاضر القلب ولكن يحتاج لقليل من التعديل في الدعاء ، يفتقر الدعاء غالباً للتضرع وهو الاعتراف بمدى احتياجك إليه وانه لا منجأ ولا ملجأ إلا إليه
إن الله سبحانه يحب سماع ذلك منك لدرجة أنه يحرم العذاب إن رأى عبده يتضرع إليه ، انظر عندما تكلم الله عن الذين عصوه
قال تعالى : {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ .. الآية } لو انهم تضرعوا لما عذبناهم !!!
نسأل الله أن يرزقنا قلوباً تحبه .. وتخافه .. وتتضرع إليه .
أولاً وقبل كل شيء (لا تحزن) وتذكّر أن الله لم يؤخّر دعوتك إلا لحكمة لا يعلمها غيره ، فلا تقنط ، ولا تستعجل ، وانتظر الإجابة ، واعلم أنَّ الله أخر
دعوة من هو خير مني ومنك ؛ يعقوب -عليه السَّلام-، فانتظر عودة ابنه -يوسف- طيلة أربعين عاماً حتى أنه فقد بصره من شدّة بكائه عليه. وقد ذكر
النبي -صلّى الله عليه وسلّم- : (أنَّ الله يضحك من قنوط عباده مع قرب تغيّر البلاء، فقال أحد الصحابة: أوَيضحك الرب؟ فقال النبي: نعم فقال الصحابي:
لا عدمنا خيرا من ربّ يضحك). وفي حديث آخر (يستجاب لأحدكم مالم يعجّل). فلا تستعجل ولا تتوقّف عن الدعاء واعلم بأنَّ الفرج قريب، ولكن توقف!
فليست إجابة الدعوة هي كلّ شيء ، فأنت تتعامل مع خالق وليس بمخلوق ، فمع إجابة دعوتك من الله سبحانه هناك ما هو أعظم ، ألا وهو الأجر من الله
–عز وجل- ، فسواءً أجيبت الدعوة أم لم تجب فاعلم بأن الأجر آتٍ ، أتعلم لماذا؟ لأن الله يحب منك أن تسأله ، وكلما سألت وألححت أكثر زاد الأجر منه ولكن
هناك حالة ثالثة ، فقد لا يستجيب الله دعاءك ولا يجزيك أجرا مقابله ، ولكنه يصرف عنك أشياءً مزعجة كانت ستقع بك وتؤذيك، فيصرف عنك من الشرور
بقدر ما دعوت ربك، حتى وإن كان شيئا لا علاقة له بالموضوع مطلقا ، فقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : (مامن رجل يدعو الله بدعوة ليس فيها
إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث أمور: إما أن يعجل له دعوته أو يدخر له من الخير مثلها أو يصرف عنه من الشر مثلها، فقال الصحابة:
إذن نكثر فقال النبي: الله أكثر) . أتعلم بأن لذة الدعاء أحلى من لذة الإجابة؟ ، لماذا؟ لأنه يوجد في الدعاء شيئان، شيء يحبه الله وشيء نحبه نحن، فالله
يحب منا أن ندعوه ونحن نحب منه أن يستجيب لنا وبالتأكيد أن ما يحبه هو خير مما نحبه نحن، وهل تعلم أنه قد يحرم عنك ما تطلبه لكي لا تتوقف عن
الدعاء؟ لأنه لو استجاب لك لانقطعت عنك لذة الدعاء، فهذه حكمة منه سبحانه . وقد يظن العبد أن إجابة دعوته من الله تعتبر عطاء منه ، ولكنها قد لا تكون
عطاء بل قد تكون بلاء له ، إذن كيف يعرف العبد بأن استجابة دعوته من الله كانت عطاء أم بلاء؟ إذا أحس المرء بالقرب من الله أكثر كانت إجابة دعوته
عطاء ، وإن أحس بالبعد عنه فإنها تكون بلاء و إمهالا . وختاما تذكر أنه كلما قربت من الله قرب منك , فأقبل عليه وأيقن بأنه سيعطيك أكثر مما تتصور ،
واستمر بالدعاء حتى إن انتهت حاجتك .
نذهب كل يوم إلى أماكن كثيرة ولكن ما أكثر مكان نحبه؟ أكثر مكان نحبه هو أكثر مكان يحبه الله وهو المسجد ، اسأل نفسك أخي المسلم ،
لماذا تذهب إلى المسجد؟ الجواب هو بأن الله خلقك لغاية واحدة وهي محبته ، يعلم الله بأن المؤمنين لا يمكنهم انتظار رؤيته إلى يوم القيامة،
فجعل له في الأرض بيتا ينسب إليه فيقال له: بيت الله وهو المسجد، وكما المحب متردد على بيت محبوبه فإن العبد يذهب إلى بيت ربه خمس
مرات في اليوم، وبينما هو واقف بين يدي الله في اللقاء الأصغر، يتذكر وقوفه في اللقاء الأكبر يوم القيامة ، فأنت بذهابك إلى المسجد لا تؤدي
ركنا فحسب ، بل تذهب إلى ربك لتقابله في بيته . نقطة أخرى ، من منا لم يخطئ في حق خالقه؟ فاستشعر عند ذهابك لبيت الله بأنك تريد أن
تعتذر عن ذنوبك حقا ، والكريم غالبا ما يعفو عن المخطئ فكيف بربك جل وعلا ، فإن ذهبت إلى ربك فاسأله الرحمة وما يدريك فلعله يؤتيك
بدعوتك رحمة وسعادة لا شقاء بعدها . والله لا يدخل بيته أي أحد ، فاعلم أنك تكون مختارا بذهابك إلى المسجد ، ولذلك ثبط الله همة بعض الذين
لا يحبهم من الذهاب إلى المساجد ، فانظر عدد الذين يسكنون حول المسجد وكم الذين يدخلونه !، وإن وصلت لمرحلة تعلق قلبك بالمسجد سيظلك
الله تحت ظل أعظم مخلوق وهو عرشه جل وعلا ، فيدخلك الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، والبعض يصلي في المسجد وقلبه معلق بما هو
خارجه ، فلا تدخل هذا المكان الطاهر كأي مكان ، واعلم بأن الله أمامك ، وستجد لصلاتك في المسجد طعما آخر .
كل يوم نتعامل مع الناس بأمور مختلفة ومتعددة ، ولكن هناك نوع من التعامل لا تستطيع صرفه إلا لله ،
ألا وهو العبادة ، وأكثر شيء يكرهه الله هو الشرك ومن صرف العبادة لغيره فقد أشرك ، ولا تظن نفسك
في مأمن من الشرك ، فإن كان إبراهيم -عليه السلام- قد قال: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) وهو
أبو الأنبياء، فكيف نأمن أنفسنا منه ! . ويوجد نوع من الشرك منتشر بين المسلمين وهو الشرك الخفي ،
أو ما يسمى بالرياء ، وهو أكثر ما كان يخاف علينا النبي منه ، وعندما يجازي الله عباده يقول للمرائين:
(اذهبو إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا ، هل تجدون عندهم جزاءا ؟) فلأنهم لم يخلصوا النية
لله تعالى أحبط الله أعمالهم ، فيالها من خسارة ، ولكن احذر من الوسوسة ، فمهما وسوس إليك الشيطان
بأنك مرائٍ تبقى أنت صاحب القرار ، دعه يوسوس كيفما أراد ، فلا يوجد رياء تكون مجبرا عليه ، وصلِّ وتصدق
سواء عرف الناس أم لم يعرفوا فالأهم هو أن يكون الله عنك راضياً ، فالمخلوق لن يعطيك حقك ، أما الله
فسيعطيك أكثر مما تستحق ، فإن كنت تفكر بهذه الطريقة التي قل من يفكر فيها فلن يحزنك شيء أبدا
ولن تهتم لأي أحد لم يعطك قدرك ، لأنك لا تفعل الخير لأجلهم ، بل لأجل خالقهم .
أنت تملك حلا لجميع مشاكلك وهو متوفر بيدك لا يكلفك شيئا ، إنه شعور في القلب إذا رآه الله موجودا
في قلبك فإنه سيكفيك ، إنه التوكل . فالتوكل يحقق لك كل ما تريده ، وهو لا يتحقق إلا بشرطين وهما:
الاعتماد على الله وبذل الأسباب ، وعلى هذا فإن الناس في التوكل ثلاثة أنواع: فالنوع الأول هو الذي يتوكل
على الله ولكنه لا يبذل الأسباب وليس هذا من الدين كمن يذهب في سفر متوكلا على الله دون أن يفحص
إطارات سيارته ، والنوع الثاني هو الذي يبذل الأسباب متوكلا عليها ، فكم من إنسان يصاب بنفس مرضك ،
ويأخذ نفس دوائك ، ويعالج عند طبيبك ، ولكنه لا يشفى وتشفى أنت ! لماذا ؟ لأن الطبيب سبب والشافي
هو الله ، أما النوع الثالث فهو الاعتماد على الله مع بذل الأسباب وهذا هو المطلوب . فلنحسن التعامل مع
الله إن أردنا التوكل عليه ، ولنجعل هذه الآية: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) نصب أعيننا .
قبل أن أبدأ أحب أن أقدم بشارة إلى أهل البلاء بأن الله يحبكم ، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم)
فهل من شيء أعظم من أن يحبك الله سبحانه وتعالى ؟! وتذكر أخي الكريم ما سأقوله لك فعند نزول البلاء ينقسم الناس
إلى أربعة أقسام وبالتأكيد فإن الإنسان لديه كامل الحرية في أن يختار في أي قسم يكون هو .
النوع الأول: أناس يتسخطون إذا نزل عليهم البلاء
وهذا النوع محرم وأصحابه آثمون فكيف لنا أن نتسخط على أمر قد قدره الله لنا وقد قال صلى الله عليه وسلم:
(إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط) فهل نرضى لأنفسنا السخط عن الرضى
النوع الثاني: الصابرون عند البلاء
فيا إخوتي الصبر ليس بتلك السهولة التي نظنها فكيف يمكن لشخص فقد أبويه أن يصبر أو فقد بصره أن يصبر فكما هو صعب
إلا أن أجره عظيم جدا فقد قال الله تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) تخيل أنك في هذه الدنيا ابتلاك الله بشيء
وصبرت عليه ثم يوم القيامة تلقى جزاء صبرك وثوابك من الله سبحانه وتعالى بل إن الناس سيحسدونك ويتمنون لو أنهم
في الدنيا ابتلوا بأشد الابتلاءات ليجازيهم الله تعالى في الآخرة ، لكن هناك شرط لهذا الصبر وهو أن يكون صبرك هذا خالصا
لوجه الله تعالى ، لا لأن هذا هو الحل الوحيد الذي تستطيع فعله ولا يوجد حل آخر ، بل تصبر وتبتغي بهذا الصبر رضى الله تعالى .
النوع الثالث: الراضون عند نزول البلاء
وهو مرتبة أعلى من الصبر فالراضي لا يصبر فقط إنما هو راضٍ عن الله تعالى رغم البلاء الذي وقع به ، راضي رغم الألم الذي
يشعر به ، قال صلى الله عليه وسلم: ( فمن رضي فله الرضى)
النوع الرابع وهو الأعلى مرتبة: الشاكر عند وقوع البلاء
قد يقول قائل أيشكر على البلاء ؟ نعم ، قال صلى الله عليه وسلم: (ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء) هو لا يفرح
ويشكر ربه إلا لأنه يدري بأنه خير له وأنها تكفير سيئات ورفعة درجات وربما كان هذا البلاء أهون من ابتلاءات أصابت غيره فيشكر
ربه أن أصابه هذا البلاء ولم يصبه بلاء آخر أعظم منه .
وفي النهاية هذه هي الأنواع الأربع التي ينقسم إليها الناس عند البلاء فاختر لنفسك أي نوع تريد فلك كامل الحرية في الاختيار من
الأنواع الأربع ، فاختر لنفسك أفضلها وأعظمها .
الحياء شعور نشعر به تجاه كثير من الناس فهو أمر طبيعي ، لكن أن يستحي الله منا ؟! قال صلى الله عليه وسلم:
(إن الله تعالى حيّ كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين) والله سبحانه وتعالى يكرم الإنسان
بعدة أوجه: إما أن يعطيه ما طلب ، أو يدفع عنه سوءاً ، أو يحفظ له الأجر إلى الآخرة ، لكنه يستحي أن يرد هذه اليد صفراً
خالية دون عطاء ! فكيف تتعامل مع الله إذا استحى منك ..؟! وهو أن تستحي منه كما استحى منك وقد كان صلى الله
عليه وسلم يوصي أصحابه: (أوصيك بأن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) فلا شك أن من استحيا
من الله سيترك المعصية فإن ترك المعصية أصبح عزيزاً عند الله وحبيبا إليه . قال ابن القيم رحمه الله: من لم يستح من الله
عند المعصية لم يستح الله من عقوبته يوم القيامة ، ومن استحى من الله عند المعصية استحى الله من عقوبته يوم القيامة)
ومن ترك المعصية حياء من الله أحب إلى الله ممن ترك المعصية خوفا من العقوبة وفي كل خير ، لكن من ترك المعصية خوفاً
من العقوبة كأن يفكر في العقوبة فتركها ، ومن ترك المعصية حياء من الله فإن قلبه استحضر الله وعظمته فترك المعصية ،
فالأول راعى نفسه وخاف عليها من العقوبة بينما الثاني راعى جانب الله وعظمته فترك المعصية حياء من الله . والذين
يشعرون بالحياء قليلون وهم أنواع ؛ فمنهم من يستحي من الله لكثرة إنعام الله عليه ، ومنهم من يستحي منه بسبب
كثرة المعاصي ، ومنهم من يستحي منه لشعوره بالتقصير في عبادة ربه ، والأفضل من يشعر بالحياء لجميع هذه الأسباب .
أولا علينا أن نعرف معنى صلاة الله على العبد ، فحين نقول اللهم صل على محمد فإن ذلك يعني ثناء الله على
محمد صلى الله عليه وسلم في السماء وعند الملأ الأعلى . وبعد أن تعرفنا على معنى صلاة الله على العبد
فعلينا أن نعرف متى يصلي الله على العبد ؛ قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها
عشراً وحط عنه بها عشر خطايا ورفعه عشر درجات) فلمَ نضيّع على أنفسنا أن يصلي علينا الله ..!
والآن كيف نتعامل مع الله إذا صلى علينا ..؟ أولا: أن نستحي من الله ؛ فهل نتمنى أكثر من أن يثني علينا الله ؟!
فمن نحن حتى يثني علينا الله في الملأ الأعلى ، نحن لا نتوقع أن يثني علينا أحد في الدنيا فكيف بفاطر السماوات
والأرض !. ثانيا: أن نقابل الإحسان بالإحسان ؛ أي بعد أن علمنا أن الله يثني علينا فلنثني عله بدورنا ؛ سبحان الله ،
الحمد لله ، أستغفر الله ، أيا من الأذكار ، لنرد الإحسان بالإحسان ، أو أن نثني على الله بين الناس ، أن تفتح موضوعا
بين الناس عن نعم الله علينا ، فتثني على الله ويثني الناس عليه ، وأن تدعو الناس للثناء على الله . وفي النهاية تذكر
عندما تصلي على الرسول أن تستحضر كل هذه المعاني في قلبك لتحصل على الثواب كاملا ، لا بأس أن تقولها دون
استحضار المعاني لكن الثواب بالتأكيد لن يكون كاملا فاستحضر المعاني كلها وأنت تصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إن الله غيور على الإنسان أكثر من غيرة الإنسان على نفسه ، وقد كان سعد بن عبادة رضي الله عنه شديد الغيرة
لدرجة أنه إن طلق زوجة من زوجاته لم يتزوجها أحد خشية من غيرته وعندما حكم الله بأن من اتهم زوجته بالزنى
فعليه أن يحضر أربع شهود ، قال سعد: والله لو وجدت معها أحدا لضربته بحد السيف ؛ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: (أتعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني) لذلك حرم الله الفواحش ما ظهر منها
وما بطن ، غيرة على عباده من أن يقعوا في المحرمات ؛ فلذلك ماذا يجب ان نفعل عندما نعرف غيرة الله علينا ؟!
كيف تتعامل مع الله إذا غار عليك ..؟! أولا: أن تفرح لأنه يغار عليك ؛ لأنه إن غار عليك من فعل المحرمات فإنه يريدك
أن تتقرب إليه وأن تبتعد عن المعاصي والمحرمات ؛ يقول الله تعالى: (يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات
أن تميلوا ميلا عظيما * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) ، فإذا وجد الإنسان إلهاً يعتني به ويحبه ويغار
عليه من المحرمات فإنه سيشعر بقربه من ربه ويحبه أكثر ، لأنه سبحانه ما خاف وما غار عليك من معصية إلا لمصلحتك
ومنفعتك ؛ فافرح بغيرة الله عليك . ثانيا: أن تغار على عباد الله من الأشياء التي يغار الله عليهم منها ؛ والغيرة تكون فطرية
أو مكتسبة ، فمن الناس يغار لله إذا انتهكت حرمة من حرماته .. فطرة ، ومنهم من يعود نفسه على الغيرة إذا انتهكت حرمة
من حرمات الله . ثالثا: إذا غار الله عليك من شيء فابتعد عن هذا الشيء تماما ؛ لا يراك الله في مكان لا يحب أن يراك فيه
ولا يفتقدنك الله في مكان يحب أن يراك فيه .
قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ، نعم الله علينا كثيرة لا نستطيع إحصاءها ، لكن إنعام الله عليك بهذه النعم
لا يعني بالضرورة حبه لكوأنه اجتباك من بين خلقه لينعم عليك وإنما هو اختبار من الله لينظر ماذا تفعل فبعطائه أتعصيه
أم ترضيه ؟! فكيف تتعامل مع الله إذا أعطاك ..؟ النعم التي ينعم الله بها عليك إما أن تفارقها بالموت أوتفارقك بتغير نعمة
الله عليك ، لكن بإمكانك أن تجعل هذه النعم باقية معك إلى يوم القيامة ، مثال: الأولادنعمة من نعم الله عز وجل تود أن
تبقى معهم أطول مدة ممكنة ، فإذا ربيتهم على طاعة الله سيضمهم الله إليك في الجنة ، وإن كانوا أقل منك درجات في
الجنة فسيلحقهم الله بك ، قال تعالى: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ...) أيضا إن من طرق
التعامل مع النعمة زيادتها ؛ وذلك بشكرالله جل جلاله عليها ، وليس الشكر مجرد قول باللسان وإنما هو ثلاثة شروط:
الشرط الأول: الإعتراف بالنعمة باطناً وأن هذا العطاء ماهو إلا من عند الله عز وجل وليس لأحد دخل في هذا .
الشرط الثاني: ذكر نعمة الله ظاهراً ، وذلك بحمده وشكره والتحديث بها ، قال تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث) .
أما الشرط الثالث: فهو استخدام نعمة الله في طاعة الله عزوجل . هذه هي الشروط الصحيحة للاستغفار والتي
ما وفق لها إلا القليل من عباد الله ، قال تعالى: (وقليل من عبادي الشكور) . أرجو الله أن يجعلني وإياكم من
هذه القلة المباركة .
من بين نعم الله الكثيرة ، فإن أعظم النعم هي الهداية ، ومن رزقه الله الهداية فقد أنعم الله عليه بنعمة عظيمة ،
فكيف تتعامل مع الله إذا هداك ..؟ أخي الكريم .. إذا من الله عليك بالهداية فاحمد الله على هذه النعمة ، فكثير
من أهل الأرض يفتقدونها ، قد يسأل سائل: كيف أعرف أن الله جل جلاله قد هداني ؟ الجواب أنه إن كنت تعرف
الحلال فتفعله وتعرف الحرام فتتركه ، فاعلم أن الله هداك ، فإن هداك الله فاعلم أنك حبيب الله وقريب منه وعزيز
عنده ، فماذا تريد بعد ذلك ؟ والهداية لا تأتي إلا من عند الله ، فقد قال تعالى متحدثا عن أهل الجنة: (وقالوا الحمد
لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) لذا فإن الطريقة الوحيدة للحصول على الهداية هي طلب
الهداية من الله ، فهذه هي أصول التعامل مع الله ؛ فنحن نذهب إلى الله لنطلب منه مانريد فإن هدانا الله عز وجل
وتذوقنا طعم الهداية فوالله لن نستطيع مفارقتها . أخيرا: من أهم ما يجب فعله إذا هداك الله أن تنسب الفضل إليه
ثم تدعو الناس للهداية بالأسلوب الحسن واللين كما قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ
القلب لانفضوا من حولك ...) . أسأل الله أن يجعلنا من الهادين المهتدين .
كل محب يحب أن يكون قريبا من حبيبه ، ومن ليس كذلك فليس صادقا في حبه . الله جل جلاله علم أن من عباده
من يحبه حبا شديدا ويحبون أن يقتربوامنه ؛ فجعل لهم يوما ينزل فيه إلى السماء الدنيا ،
فكيف تتعامل مع الله إذا نزل إلىالسماء الدنيا ..؟ ينزل الله جل جلاله إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل كل
يوم فيقول: (من يدعوني فأستجيب له ؟من يسألني فأعطيه ؟من يستغفرني فأغفر له ؟) ، ومن العجيب بعد كل هذا
الفضل والتكرم من الله عز وجل أنّا نرى الناس يستيقظون ويستعدون لمشاهدة الأفلام أو السفر في الثلث الأخير من
الليلولايعبؤون لهذا الفضل العظيم ، ولو أنهم تركوا ملذات الدنيا في ذلك الوقت الشريف وتوجهوا إلى الله جل جلاله
لعوضهم خيرا مما تركوا . والثلث الأخير من الليل من أخطر ما يكون على الظلمة ، فمن الناس من يعتاد على الإستيقاظ
قبل أذان الفجر بوقت يسير فيدرك الثلث الأخير ، فيتذكر شخصا ظلمه فيدعو عليه ، فتقع الدعوة على الظالم وقع السهام
لا تخطئه ، فقد سئل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن المسافة بين الأرض والعرش ، فلم يجب بالأميال ولا
المسافات بل قال: (دعوة مظلوم . فكيف إذا كانت دعوة المظلوم في الثلث الأخير من الليل ؟) . باختصار: الثلث الأخير
من الليل وقت فاضل لا يدركه إلا القليل من العباد ، أما الغالبية فيكونون نائمين ، فكن أنت من الأقلية علَ الله
أن يستجيب دعاءك .
من أراد أن يقابل الله فلابد أن يخشع في لقائه ونحن نريد أن نعالج الخشوع بعدة أدوية: الدواء الأول للخشوع في الصلاة
أن تطبق المناجاة المناجاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم يصلي فليناجي ربه) ومعنى يناجيه (يخاطبه)
أي أن توجه كل كلمة تقولها في الصلاة إلى الله .. فلا تقل كلاماً وأنت تسرد سرداً فقط تفكر فيإخراج اللفظ او الإنتهاء من عدد
التسبيحات بل كلما قلت شيئاً في الصلاة فاستحضر أنك تقوله وتوجهه إلى ربك وأنه الآن أمامك يخاطبك وترد عليه وأنت لديك
يقين كامل بأن هناك من يقابلك في الصلاة ، وأنت الآن واقف بين يدي الله أليس من المفروض أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم
تكن تراه فإنه يراك ؟! كلم ربك وقل له (الحمد لله رب العالمين) وسيرد عليك ربك ويقول (حمدني عبدي) وإذا قلت
(الرحمن الرحيم) سيرد عليك (أثنى عليّ عبدي) ، قل له واطلب منه كل شيء تريده وتتمناه وبين كل ركن وركن عبر عن
إعتقادك أنه سبحانه أكبر من كل شيء أكبر من الدنيا وما فيها فقل الله أكبر (وأنت راكع) الله أكبر (وأنت ساجد) ثم قدم له
التحية في آخر لقائك معه وقبل الوداع فقل (التحيات لله) فأنت تحييه ومن قلبك كلمّه واستشعر المناجاة أنك تخاطبه وتوجه
الكلام إليه .
يوجد دواء ثاني في الخشوع في الصلاة ، استحضار المشاعر: استحضار مشاعر معينة تجاه الخالق أثناء الصلاة ، هذا الشعور لابد
أن تدخله في صلاتك ففيه عبادة زائدة فيه طعم ألذ ، يوجد كثير من الناس يصلي لكن ليست لديه أي مشاعر تجاه الصلاة وقد يكون حاضر
القلب ويتدبر الآيات ولكنه لا يحس بشيء تجاه ربه أثناء الصلاة وهو لو قابل صديقه العزيز لأحس بمشاعر الفرح ولو ودعه لأحس بمشاعر
الفراق ولو ابتعد عنه يشتاق إليه ، لابد لهذا الأمر أن يتغير وأن تضيف بعداً جديداً إنه (المشاعر القلبية في الصلاة) : اجعل في الصلاة اتجاه
لربك بأنك ترجو رحتمه وترجو محبته وعفوه وأثناء الصلاة تشعر أن ربك تعالى سيقبلك وسيرضيك وسيقربك عنده سيرفعك بين عباده استحضر
شعوراً معيناً شعور في الرجاء شعور في الهيبة شعور بالمحبة شعور بالحياء وسيكون لقائك بالله مختلفاً تماماً .
ربنا سبحانه يختبر عباده يومياً ! فمنهم من يثبت ومنهم من لا يثبت ، وقد علم الله ذلك فقلب قلوبهم حيث شاء لأنه سبحانه مقلب القلوب
وكان يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يحلف (ومقلب القلوب) ويقول بعض أهل العلم: القلوب أسرع تقلباً من القِدر إذا
كان يغلي . قد يكون الإنسان على هداية وصلاح وتدين ثم فجأة انتكس وأخذ يرتكب الكبائر وهذا ليس من المستغرب هذا هو الطبيعي
وهذا الأصل ، قال حسن البصري: (لا تعجب لمن هلك كيف هلك ! العجب ممن نجا كيف نجا !) فإذا استمر الإنسان على الهداية والصلاة
والبِر إلى أن مات (هذا هو العجيب) أما إن انتكس فهذا أمر عادي ، قال تعالى (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) وفي كل يوم يضل
الله عباداً ويهدي عباداً آخرين ، وربنا سبحانه لا يجبر الناس على الضلال فإن العبد ما دام يقبل على الله تعالى فإن الله يقبل عليه ويهديه
ولا يتركه أبداً إلا إذا ترك العبد طاعة الله فسيتركه كما تركه هو ، قال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ...) فكيف تتعامل مع الله إذا إختبرك ..؟!
أمران: الأمر الأول شيء يجب ألا يراه الله أبداً وهو الأمان والإغترار بالطاعة فيخشى على الإنسان الذي يغتر بطاعته فهو يرى نفسه من
أصحاب الطاعات وينسى أنه يفعل المعاصي ، فالسبب في وجوده على الطاعة هو فضل الله وتثبيته ليست الحسنات والطاعات ولولا أن الله
قد ثبتنا وهدانا وتفضل علينا لم نكن لندخل الجنة نحن وحتى الصحابة رضوان الله عليهم وحتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى
(ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبدا) ، الأمر الآخر الذي يريده أن يراه الله في قلوبنا هو الإعتصام ، وهو الإعتماد على
الله تعالى بالقلب مع فعل الطاعات بالجسد . عندما حدث الطوفان في عهد نوح عليه السلام نادى نوح ابنه وكان في معزل
(يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء * قال لاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال وحال
بينهما الموج فكان من المغرقين) وإذا علم الله صدق إعتصامك به وتريد الهداية فإنه سينجيك وسيتفضل عليك بالثبات وكلما دخلت مكان تخاف
فيه على نفسك من القتنة فاعتصم بالله وقل (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، اللهميا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك)
وسيكون الله بقربك وسيحميك من كل فتنة وشر .
صورتك أمام الله تعالى في الخلوة تختلف تماماً عن صورتك أمامه إذا كنت بين الناس ، فإذا كنت تحصل على كمية معينة من الحسنات
مقابل عباداتك فإن نفس هذه العبادات لو فعلتها في الخلوة لوحدك فستحصل على حسنات أكثر (اللهم إلا العبادات التي تجب مع الناس)
ولو تركت المعصية عموماً فإنك ترتفع درجة واحدة عند الله لكن نفس المعصية لو تركتها وأنت خالٍ لوحدك لرفعك الله درجات أكثر .
قال تعالى (إن اللذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير) لاحظ أن الله سبحانه ذكر هذه الآية مباشرة بعد أن وصف النار وكأن
مخافة الله بالخلوة هي النجاة من تلك النار ، والذي يخاف ربه لا يحصل على جنة واحدة ! بل يحصل على جنتين اثنتين ، قال تعالى:
(ولمن خاف مقام ربه جنتان) يقول بعض الصالحين (كم من معصية في الخفاء منعتني منها هذه الآية) ، والخلوة بالله غنيمة فليس
كل الناس يحسن التصرف فيها ويفوز بها ، وإذا استمر الإنسان على خشية الله في الخلوة أتدري ماذا سيرى أمامه ..؟! سيرى الله !!
سيرى الله تعالى بجماله وصفاته يوم القيامة ، أجمل وألذ شعور يمكن أن يمر في حياتك كلها هو شعور اللذة برؤية الله تعالى ، وكان
النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم) . لما ترك العبد المعصية أثناء الخلوة لأن الله تعالى ينظر
إليه أعطى الله العبد يوم القيامة النظر إليه ، وهنيئاً لمن كان بينه وبين ربه حب وعبادة في الخلوة لأن الله تعالى يعد لهؤلاء مفاجأة يوم
القيامة لم يكشف عنها سبحانه ، قال تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) . استغل هذه الخلوة وإياك أن تكون أول الخاسرين
بالخلوة وأن تكون ممن يعصوه فيها ، فلا يكن الله في قلبك هو أهون من ينظر إليك فإنه عزيز يستحي منا فمن باب أولى أن نستحي نحن منه .
توجد أصول عند قبول الرزق من الرازق سبحانه ، أولاً أقبل رزقه سبحانه بأدب وحسن التعامل ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
(من رضي فله الرضى ...) إذا رضي العبد عن ربه بأنه أعطاه القليل من الرزق فإن الله تعالى بالمقابل سيرضى عن العبد بالقليل من
العميل . وثانياً أن نتأكد بأن هذا الرزق ليس استدراجاً ! قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد ما يحب
وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه إستدراج !) وقال تعالى: (حتى إذا فرحِوا بما أوتوا أخذناهم بغته فإذا هم مبلسون) ، وقد يتسائل
البعض ماذا أفعل ..؟! هل أترك الرزق ..؟! لا ، بل أترك المعصية . وثالثاً يجب أن تعرف ماذا يريد الله منك بعد الرزق ..! الذي يريده
الله منك أن تتركه هو الفساد في الأرض بما أعطاك الله من رزق والذي يريده منك هو الشكر .
عليك أن تعرف ما هو رزق الله الحقيقي الذي يدوم ، وهو رزق الإيمان فصلاتك رزقك وقيامك الليل أو لصلاة الفجر من غير منبه
فهذا رزق ، عندما يطلب منك والدك كوب ماء فهذا رزقك وهذه الأزراق الحقيقية التي تدوم إلي يوم القيامة والرزق الذي يأتي من
طريق محرم فهو عقوبة من الله . أيضاً من حسن تعاملك مع الله إذا رزقك أن تظهر لله رغبتك فيه وليس في الرزق فأنت تشتري
بهذا الرزق رضاه سبحانه ، وأذكر قصة لذلك: (أحد الصاحين اسمه بشير الطبري كانت عنده أموال من الماشية (الجواميس) فغارت
الروم على هذه الجواميس وأخذتها فذهب العبيد لمولاهم بشير الطبري وقالوا يا مولانا غارت الروم علينا وأخذت الجواميس ، مباشرة
قال بشير لعبيدة: وأنتم أذهبوا معهم فأنتم أحرار قال له ابنه يا أبتي أفقرتنا ..! ذهبت الجواميس والعبيد ما بقي لنا شيء أصبحنا
فقراء ..؟! فقال بشير: أسكت يا بني ، إن ربي أراد أن يختبرني فأحببت أن أزيده) . أظهر لله تعالى رغبتك فيما عندك ولا تخرج
كل مالك الذي رزقك الله إياه بل إختر شيئاً عزيزاً عليك وتصدق به لكي تقول لله: أنظر يا ربي إلي أنا أترك الذي أحبه أنا لأنك أنت
تحب أن أتركه لك فأتركه !.
الرؤيا التي يراها الإنسان في المنام أحياناً تكون من الله تعالى فإذا كانت من الله فإنها قد تكون تحديراً وقد تكون بشارة وقد تكون غير ذلك قال النبي
- صلى الله عليه وسلم - (الرؤيا ثلاثة أقسام فمنها ما هو حق يضربه الملك ومنها ما هو تلاعب يتلاعبه الشيطان بأحدكم ومنها ما هو حديث نفس)
فكيف تتعامل مع الله إذا أراك رؤيا في المنام ..؟! أولاً أن تعرف من أي نوع هذه الرؤيا التي رأيتها ، لأنه لا يلزم أن تكون الرؤيا دائماً من الله تعالى
وكذلك من حسن تعاملك مع الله إذا أراك رؤيا الا تسأل كل من رأيت عن هذه الرؤيا التي جائتك من الله بل أذهب وأسأل من هو عالم شرعاً بتأويلها
وإذا سألت عنها ملاّ يعلم بها وفسرها ربما تقع على ما فسره وعبّره ! يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ،
فإذا عبرت وقعت) ، فإذا رأيت رؤيا تحبها أولاً أحمد الله عز وجل ، وثانياً لا تخبر بها إلا عالماً أو شخصاً تحبه ، ومن رأى في المنام شئياً يكرهه
فعليه بعدة خطوات: أولاً: أستعد بالله من هذه الرؤيا ، ثانياً: أستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثالثاً: أنفث عن يسارك ثلاث مرات ، رابعاً: أن تصلي
ركعتين ، خامساً: أن تغير الجنب الذي كنت عليه (فإن كنت نائماً على جنبك الأيسر تحول إلى الأيمن وإن كنت نائماً على جنبك الأيمن تحول إلى
الأيسر) ، سادساً: لا تخبر بها أحداً ، إذا فعلت هذه الخطوات فلن تضرك الأشياء التي رأيتها أبداً بإذن الله .
التوبة إلى الله طعمها في القلب أحلى من طعم العسل على اللسان . عندما يتوب العبد إلى الله تعالى فإنه يكون قد تحققت له ثلاث نعم عظيمة
كل نعمة تعادل الدنيا وما فيها: أول نعمة أن الله تعالى أمهل التائب إلى أن تاب ، والنعمة الثانية أن الله قد أخذ جميع سئات هذا العبد وأبدلها
له حسنات ، والنعمة الثالثة أن الله تعالى يفرح بك إذا تبت إليه ورجعت إليه وفرحة الله بتوبة العبد تكون أكبر من فرحة العبد نفسه ..!.
وفرح الله بالعطية أشد من فرح الآخذ الذي يأخذ هذه العطية ، وإذا تاب التائب سيدخل جنة عرضها كعرض السموات والأرض وهذه أعظم
عطية يعطيها الله تعالى للعبد ولهذا يفرح الله بأنه سيعطيك الجنة ..!! .. ومن أراد أن يعامل الله بالتوبة عليه ألا يوفت شيئاً من السيئات
إلا ومسحه فبعض الناس يجلس فترة طويلة وهو يفعل معصية معينة ثم بعد فترة وبعد أيام تاب منها وتأخر في التوبة ، كثير من الناس يظن
أنها الآن محيت كلها ، ليس كلها قد محي !! لأنه ليس المطلوب أن نتوب فقط من الذنب ! بل يجب أن تتوب من الذنب ومن تأخير التوبة .
من أراد أن يعامل الله تعالى بالتوبة فعليه أن يكون ذكياً في توبته إلى الله تعالى وألا يفوته شيء من السيئات إلا ومسحها ولك إقتراح سيريحك
وستفرح به يوم القيامة ويمكنك أن تفعله كل ليلة : لا تنسى في كل يوم أن تنوي توبة عامة عن جميع الذنوب والمعاصي وحاول أن تستحضر
التوبة بصدق من كل قلبك من جميع جميع الذنوب سواءً ذنباً علمته أم لم تعلمه صغيراً كان أم كبيراً ولو فعلت هذا بصدق وقدر الله عليك الوفاة
لن يكون عليك ولا ذنبٌ واحد والنبي عليه الصلاة والسلام كان يتوب في اليوم سبعين مرة وهو أحب الخلق إلى الله . ولكن نوع واحد لا يدخل من
ضمن هذه التوبة ! إنها الذنوب التي فيها حقوق للناس ، فلابد أن تُرجِع الحقوق لأصحابها ، وإذا كان لأحد حق عليك وهو ليس عندك لتعطيه إياه
أولاً حاول أن تصل إليه أو لشخص يدلك عليه فإذا لم تستطع فتصدق بقيمة هذا المال ولكن بنية الشخص المفقود ، وإن قدر الله أن تجد هذا الشخص
فيجب أن تدفع إليه ماله ولو كنت قد تصدقت به من قبل لأنه حقه في النهاية . وإذا إغتبت أحداً وتريد التوبة أدعو له بظهر الغيب بقدر ما أغتبته
والتوبة ثلاثة أنواع: النوع الأول هو توبة عامة الناس وتكون توبة عن الذنوب والمعاصي النوع الثاني هو توبة الخاصة وهي أن تتوب من ترك
المستحبات كترك السنن أو ترك أذكار الصباح والمساء .
النوع الثالث توبة خاصة الخاصة وهي أن تتوب من فعل المباحات ! فتصبح أعمالك كلها حسنات فالتوبة لا تكون فقط للمحرمات ، يمكنك أن تتوب
توبة تحول المباحات إلى ثواب وحسنات ، والذي عنده علم يعرف كيف يحول المباحات إلى مستحبات لا شك أنه أعلى مقاماً عند الله . وتوجد طريقة
تحول المباحات إلى مستحبات: إذا أردت أن تفعل مباحاً فانوي أنك تريد فعله لتتقوى به على طاعة الله ، فعندما تأكل تنوي بالأكل التقوي على الصلاة
وأيضاً عندما تنام لا تنم سبع ساعات بلا حسنات ، بل أنوي بنومك التقوي والتركيز عند قراءة الأذكار ، وهذه النية يسمونها "تجارة الأبرار" لأنهم
يحولون بالنية الترب إلى ذهب ، قال بعض أهل العلم (المؤمن وقت الراحة بالنسبة له طاعة ووقت الطاعة بالنسبة له راحة) . وسيكون لك أجر
التحويل المباحات إلى حسنات لكن بشرط أن تكون النية صآدقة فمثلاً شخص أراد أن يحول مباح في الأكل إلى أجر ، فنوى بالطعام التقوي على
الصلاة لكنه أكل حتى أصيب بالتخمة وأصبح ثقيل الحركة ، هذا طبعاً غير صادق في النية ولن يؤجر عليها . وإذا أردت أن يتقبل الله توبتك فعليك
أن تخاف ألا يتقبل الله منك ! فإذا استمريت بالخوف من عدم القبول فهذه علامة أنك يوم القيامة ستجد النتيجة طيبة ، ومن علامات أن توبتك مقبولة
أن تكون بعد التوبة خيراً مما كان قبل التوبة ، قال تعالى: (إنما يتقل الله من المتقين) .
بعد أن علمت وقرأت وفهمت كيف تتعامل مع الله ؟ لم يتبقى إلا أن تقلب اللام والميم وتحول العلم لعمل .. فما فائدة العلم دون عمل ؟
وما فائدة النحل دون عسل ؟ هيا شد عزمك .. وانفض غبار التسويف والغد .. وابدأ من الآن مستعينا بمن تعلمت كيف تتعامل معه .
نشكر كل من المصممة K.T. على تصميمها الفواصل الأكثر من رائعة فبارك الله فيها وكذلك لا ننسى أن نشكر سجع و Miss.Rippl
على طرحهما مثل هذه المسابقات الرائعة والمفيدة فبارك الله فيهما وأيضاً أنت لك كل الشكر والتقدير يامن تقرأ كلامنا هذا .. نتمنى للجميع
التوفيق وتقبلوا تحياتنا من أعضاء الفريق الخامس:
#غوشو أوياما# - الدافور - |Nice| - معاذ - - سميد - neeero - حامل القرآن - black fox
المفضلات